معركة عرسال لإنقاذ حزب الله

09 اغسطس 2014
+ الخط -


في الجهة المقابلة لبلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سورية، كان حزب الله اللبناني، بميليشياته المنتشرة في جبال القلمون السورية، يتعرض لأكبر الخسائر الكارثية، في تاريخه المليء بالمعارك، خصوصاً حربه الأهلية في لبنان التي تشبه في طبيعتها التنظيمية معارك سورية، من حيث إنها حرب ميليشيات، يعتمد تنظيمها على الكر والفر، وهو ما أنهك ميليشيا الحزب التي انتظمت بقتال يشبه قتال الجيش، بسبب ضرورات المعركة في سورية، واندماج عناصر الحزب بجيش النظام، إلى حد ما، خصوصاً من جهة التوزع الجغرافي، وإعطاء الحزب مهمة جبال القلمون في المعركة.

تزايد عدد قتلى الحزب، وارتفعت أصوات داخل أروقته، تطالب بتغيير استراتيجيته في المعركة السورية، والاتجاه إلى المناطق الأكثر أمناً فيها، لكي تقل خسائره البشرية التي استنزفت قواه بشكل كبير. كل هذا استدعى إيجاد معركة في لبنان، تمر عبر سورية، وتحقق أهدافاً عدة لحزب الله، لعل أولها تبرير قتاله في سورية، بحجة إبعاد الإرهاب عن لبنان، وهو ما قاله أمينه العام، حسن نصر الله في بداية التدخل في سورية، مستمداً ذلك من فكرة جورج بوش في أثناء حربه في العراق، حيث آثر جعل المعركة في بلاد بعيدة عنه، لتجنيب بلاده خطر الحرب. الأمر الآخر المهم لنصر الله وحزبه هو تشتيت الرأي العام الداخلي والعربي، عن موقفه السلبي من العدوان الإسرائيلي على غزة، والتي طالما كانت مطية سياسات الحزب، ومن ورائه في لبنان والمنطقة.

ربما يخطر في بال بعضهم أن من حارب في معركة عرسال كان الجيش اللبناني، لكن، ما يخفى عليهم أن الحدود بين سورية ولبنان ظلت، منذ عام، أرضاً يسيطر عليها عناصر حزب الله بشكل شبه كامل، ولا شك أن الحزب رأى أن إعطاء المسلحين الذين دخلوا إلى عرسال فرصة الظهور قوة مسيطرة على القرية الحدودية سيدفع العالم إلى الخوف على لبنان من المتشددين، وهو ما حققه فعلاً، بعد دعم كبير لقيه لبنان، في الأيام الماضية، بما فيه منحة السعودية، وإسراع فرنسا والولايات المتحدة لتقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، المؤسسة التي لاحول لها ولا قوة تجاه ما يريده الحزب.

وفي المحصلة، أياً كان الداخلون إلى عرسال، وأياً كان دافعهم وممولهم، فهم، بلا شك، قدموا خدمة كبيرة للحزب، فأظهروا اللاجئين ناكري جميل، ومسببي أزمات سياسية وحربية للبنان، وهم الذين تعرضوا للموت المجاني في أثناء قصف مخيماتهم، من دون أن يكون لهم أي علاقة في دخول العناصر المسلحة إلى المنطقة، كما أعطى المبرر للحزب بضرورة بقائه في سورية، والاحتفاظ بسلاحه، وإعفائه من مهمة فلسطين التي أراد التهرب منها بأي طريقة.

يحدث هذا كله في وقت بدأ فيه لبنان بترحيل اللاجئين السوريين من عرسال إلى سورية الأسد، وهو الحلم الذي طالما راود شريحة لبنانية واسعة، والكابوس الذي صار حقيقة في حياة اللاجئين.

avata
avata
عبد السلام الشبلي (سورية)
عبد السلام الشبلي (سورية)