مصر.. السلفيون الخاسر الأكبر من 30 يونيو

مصر.. السلفيون الخاسر الأكبر من 30 يونيو

13 ابريل 2014
أسئلة كثيرة يفرضها الواقع المصري على التيار السلفي(ديفيد داغنر،Getty)
+ الخط -
طرأت تحولات كثيرة على التيار السلفي في مصر، منذ ثورة يناير حتى الانقلاب على الرئيس المعزول، محمد مرسي.
وبعد عقود من اعتزال العمل السياسي، والاكتفاء بالدعوة والعمل الخيري، وجد التيار السلفي منفذاً لممارسة سياسية عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك. ولكن سرعان ما تبددت تلك الأحلام بعد تطورات المشهد المصري وعزل مرسي.
وهذا ما تجلى بعزوف بعض السلفيين عن العمل السياسي، والاستقالة من الأحزاب ذات المرجعية السلفية.
في المقابل، أدت عمليات القتل والاعتقال التي تقوم بها قوات الأمن المصرية، إلى المزيد من التطرف الفكري لدى فريق سلفي ثان.
أما الفريق الثالث فانضم إلى تحالف دعم الشرعية، ورفض الانقلاب، ليكون التيار السلفي "الخاسر الأكبر عقب 30 يونيو".

السلفية "الثورية والتقليدية"

يقول الناشط السلفي، مجدي بسيوني، إن السلفيين في مصر ينقسمون إلى تيارين: الأول "ثوري، وكان يقوده الشيخ، حازم صلاح أبو إسماعيل". ويضيف بسيوني أن هذا التيار "شارك في ثورة 25 يناير، وكافة الأحداث الثورية لمواجهة النظام السابق، وأغلب المنضوين تحت لوائه يرون في أبو إسماعيل قائداً له". وأوضح بسيوني أن هذا التيار كان له موقف واضح من عزل مرسي.
إلا أن بسيوني أشار إلى وجود تيار سلفي ثانٍ "تقليدي"، هو الذي كان يحرم الخروج على الحاكم، ولم يشارك في ثورة 25 يناير، أو أي فعاليات ثورية.
وحول مواقف حزب "النور"، الذي يُحسب على التيار السلفي، من عزل مرسي، يقول بسيوني إن "مواقف الحزب أثرت على صورة التيار السلفي، ولم يكمل الحزب طريقه في السياسة ولا في الدين".
وحول موقف قيادات حزب "النور"، المتعلقة بالخروج على الحاكم، يرى بسيوني أن "الخروج على الحاكم طالما كان ظالماً حلال". وينتقد موقف "النور" من ثورة 25 يناير، إذ اعتبر الخروج على مبارك حراماً، على عكس موقفه من الخروج على مرسي في 30 يونيو، إذ إنه شارك في الانقلاب.
ورأى بسيوني أن "النور" لا يهتم بجوهر القضية وإنما بقشورها. ويوضح: "هم يدعون أنصار مرسي وجماعة الإخوان للكف عن التظاهرات حقناً للدماء، في حين أنهم لا يوجهون اللوم للأجهزة الأمنية في أعمال القتل والاعتقالات".
واعتبر بسيوني أن السلفية التقليدية "تربت" على يد جهاز أمن الدولة، لافتاً إلى أن كل المشايخ ممنوعون من الخطابة في المساجد عقب 30 يونيو/حزيران، باستثناء مشايخ الدعوة السلفية وحزب "النور". واعتبر بسيوني أن مواقف "النور" أساءت للتيار السلفي.

انكفاء عن العمل السياسي

وحذر بسيوني من أن تصاعد الأحداث يسرّع بتكرار سيناريو المشهد السوري في مصر. وأشار إلى أن كبت الحريات والاعتقالات وحملات القتل العشوائية، من قبل قوات الأمن للشباب في الشوارع، يجعل الشباب أقرب إلى العنف منه إلى الخضوع والخوف.
وأكد أن "الاقتصاص من القتلة يمثل عاملاً حاسماً في وقف أي مواجهات قد تقع مع قوات الأمن"، ولكن اشترط توقف قوات الأمن عن القتل والاعتقالات.
وقال: "ما يحدث في البلد كلنا لا نريده، ونتمنى أن يعمل النظام على المصالحة، ويدعو كل الناس لكي تعبر مصر من الأزمة".
من جهته، يشير القيادي السابق بحزب "الأصالة"، هيثم طلحة، إلى أن بعض الشباب السلفي، لجأ، مرة أخرى، إلى اعتزال العمل السياسي، والاستقالة من الأحزاب السلفية التي نشأت عقب ثورة يناير.
ووفقاً لطلحة الذي قدم استقالته من الحزب عقب فض اعتصام أنصار مرسي في رابعة العدوية والنهضة، فإنه فضل الابتعاد عن العمل السياسي تماماً، على الأقل خلال الفترة الحالية.
موقف طلحة لم يكن بعيداً، عن إعلان حزب "الوطن"، على لسان قادته وفي أكثر من مناسبة، اعتزال العمل السياسي إذا لم يستطيعوا تقديم إضافة للشعب المصري. وكان القيادي السلفي، عماد عبد الغفور، أسس "الوطن" بعد استقالته من حزب النور.

دعم لتحالف الشرعية

أما القيادي السابق في "النور"، سامح الجزار، فيرى أن الغالبية العظمى من التيار السلفي تقف خلف جماعة الإخوان سياسياً، عبر تحالف دعم الشرعية، الموالي للرئيس المعزول محمد مرسي، فضلاً عن عدد لا بأس به من أعضاء حزب "النور" والدعوة السلفية.
ويعتبر، الجزار أن باقي التيار السلفي منضم لحزب "النور"، وعددهم قليل، ولا سيما بعد "المواقف المتتالية السيئة للحزب خلال الفترة الماضية".
وعدد الجزار "سلبيات" حزب "النور"، التي جعلت الشباب، من وجهة نظره، "ينفر من الاستمرار في العمل ضمن إطاره، وآخرها المشاركة في لجنة الخمسين وما تسبب عنه من ضياع الهوية الإسلامية، فضلاً عن مشاركته في دعم الانقلاب". وأكد أن التيار السلفي يقف ضد الانقلاب، منذ اعتصامي رابعة والنهضة، ويتحرك في الشارع.
ولفت الجزار إلى أن كثيرين من أبناء التيار السلفي، رأوا أن الدعوة السلفية ستكون كياناً جامعاً كجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن المواقف المتباينة جعلت الكثير من الشباب يتراجع عن دعم الدعوة، ولا سيما مع فقدان الأمل في أن تشكل الدعوة كياناً ضخماً مثل الإخوان.
وأضاف أن "كل من كان يرى في الدعوة السلفية منقذاً له من حالة التفرق، عاد مرة أخرى إلى المساجد واعتزل العمل السياسي، وعاد إلى العمل في إطار الجمعيات الخيرية والأنشطة الاجتماعية".
كما يرى الجزار أن منحى آخر انحرف عنه التيار السلفي، يتمثل في إشكالية التعاطي مع الأحداث المتعاقبة. واتهم حزب النور بأنه "يرضى بأي شيء". ويعتبر القيادي السلفي أن هذا الأمر مرتبط بباب المصلحة والمفسدة.
وأشار إلى أن هذا الأمر بدأ يظهر بشكل كبير عقب الثورة. ويظهر لك من التوافق بين حزب "النور" وعدد من قيادات التيار السلفي، مع المؤسسة العسكرية. وأشار إلى وجود جلسات تمت بين رئيس الحزب في ذلك الحين، عماد عبد الغفور والأمين العام جلال مرة، ونائب رئيس الحزب، السيد مصطفى.

المساهمون