مذبحة أبي زعبل جريمة ضد الانسانية

مذبحة أبي زعبل جريمة ضد الانسانية

القاهرة

سارة مطر

avata
سارة مطر
15 مارس 2014
+ الخط -


روى محمد عبد المعبود، أحد الناجين من مذبحة سجن أبو زعبل في مصر، لحظات الموت والحياة لعشرات المعتقلين في سيارة الترحيلات يوم الثامن عشر من أغسطس/آب من العام الماضي.

وكان 37 معتقلاً من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، قد لقوا حتفهم مختنقين داخل سيارة ترحيلات السجن عقب أيام من إلقاء القبض عليهم يوم فض اعتصام رابعة العدوية.

وقال عبد المعبود، في مؤتمر صحافي عقدته عدة مراكز حقوقية، اليوم السبت، في مركز هشام مبارك للقانون: "إن عدد المتهمين كان كبيراً جداً على حمولة السيارة التي لا تتسع إلا لـ٢٤ متهماً، في حين كان عدد المتهمين في السيارة ٤٥ متهماً". يضيف الناجي من المذبحة "تم ضربنا وإهانتنا في قسم مصر الجديدة قبل ترحيلنا إلى السجن في حوالي السادسة صباحاً، ووصلنا السجن حوالي السابعة والربع صباحاً، كانت أجهزة التهوية في سيارة الترحيلات معطلة بالكامل، واستمررنا في البقاء في السيارة حتى الظهر، وكان الجو شديد الحرارة وبدأنا نفقد كل المياه في أجسادنا من العرق الشديد".

"عاوزينكم تموتوا"

ويتابع: "أصيب بعض المتهمين بحالات اختناق وإغماء من شدة العطش والتعب، فبدأ الشباب بالنداء على العساكر والضباط وإرسال استغاثات للمغمى عليهم لإنجادهم، والضرب على جدران السيارة بحديد "الكلابشات" في أيدي المتهمين لإحداث صوت عالٍ علّ أحداً ينتبه لهم، إلا أن الرد كان يصلنا من الخارج: إحنا عاوزينكم تموتوا، مش عاملين فيها رجالة"!

يستكمل عبد المعبود "شعرت بإغماء.. وأفقت منه على رائحة الغاز المسيل للدموع الخانق، فوجدت المتهمين مكوّمين على بعض في السيارة من شدة الإغماءات التي أصابتهم، ولأن باب السيارة يفتح للداخل، فشلت محاولات فتح الباب إلا بجزء بسيط أخرجنا منه العساكر، وأجسادنا تقطعت من السير على أجساد المتهمين، والخروج من الفتحة الضيقة، وكانت رائحة الغاز قاسية للغاية، فخرجنا وأبعدونا عن السيارة بحوالى ٥٠ متراً، وفشلوا في إخراج المغمى عليهم لأنهم ملقون في السيارة والباب يفتح للداخل".

لا يعلم عبد المعبود سبباً لإلقاء قنبلة الغاز على المتهمين في سيارة الترحيلات، ولم يعلم بوفاة الباقين إلا من تحقيقات النيابة، وأنه واجه اتهامَ "الاعتداء على ضابط" أمام النيابة أثناء إدلائه بشهادته.

معارض لمرسي

وقال أحمد عبد المجيد الديب، شقيق شهيد المذبحة محمد الديب، إن شقيقة كان معارضاً لبعض سياسات الرئيس "مرسي"، ولكنه رفض الانقلاب العسكري، وممارساته القمعية في إدارة البلاد، فاعتصم في "رابعة العدوية"، ومعه كاميرا خاصة يصور ويرصد ما يدور في الميدان وسط تعتيم وتجاهل من قبل وسائل الإعلام المصرية.

وروى شقيق المجني عليه ما دار معه في المشرحة أثناء تسلم جثمان أخيه "رفضوا تسليمي الجثة إلا بعد التوقيع على التقرير الطبي، ولكني أصررت على رؤية جثمانه والاطلاع على التقرير قبل التوقيع عليه، وبقيت في المشرحة حوالى خمس ساعات وكان معي العشرات من أهالي المجني عليهم".

وقال والد محمد الديب إنه لم يكن يعرف عنه شيئاً لمدة يومين في اعتصام رابعة، وإنه حمد الله وسجد شكراً عندما عرف نبأ القبض عليه لأنه تأكد أنه حي، "كنت متصوراً أنه في أيد أمينة وفي يد قضاء عادل، ولكني لن أترك حقه في الدنيا والآخرة، وسألجأ للتحكيم الدولي، وكانت دموع والدته وصوت بكائها يتصاعد مع رواية زوجها وابنها عن شهادة محمد خلال المؤتمر.

دمنا رخيص

وقال أستاذ الجامعة، جمال صيام، والد شريف، أحد المجني عليهم في المذبحة: إن شريف لم يكن معتصماً في رابعة، ولكنه ذهب لإنقاذ المعتصمين يوم الفض، لأنه كان ضد التفويض على القتل. وأضاف "دم شبابنا رخيص.. وهذه ليست دولة قانون كما يدَعون، هذه دولة بوليسية من الدرجة الأولى".

من جانبها، قالت عضوة هيئة الدفاع عن الحق المدني، والمحامية في مركز هشام مبارك للقانون، مها يوسف: إن المحامين واجهوا العديد من الإشكالات والانتهاكات طوال المحاكمات، وفنّدتها في "منع المحامين من الاطلاع على أوراق القضية، وعدم سماع روايات الشهود، واستبعاد الشبهة الجنائية من القضية وحجزها كجنحة لنفي تهمة القتل العمد".

وسردت يوسف وقائع القضية من واقع أوراق القضية: "سيارة الترحيلات كانت تتسع لـ٢٤ متهماً فقط، ولكن تم تكديسها بـ٤٥ متهماً، وأجهزة التهوية وشفط الهواء كانت معطلة بالكامل، وتم احتجاز المتهمين في السيارة لأكثر من ٦ ساعات في حر الصيف الشديد بمنطقة أبو زعبل الصحراوية".

الفاعل مجهول

تضيف المحامية، "المتهم الأول في القضية الذي ألقى قنبلة الغاز المسيل للدموع داخل سيارة الترحيلات، مجهول، رغم أن السيارة كانت داخل السجن والقوات النظامية المكلفة بتأمين السيارة والمتهمين معروفون"، مستطردة "القنابل المسيلة للدموع ليست من ضمن الأسلحة التي يجري تسليح قوات التأمين بها"، مؤكدة أنه يجوز أن يعاقب المتهم بتهمة القتل العمد، إذا ما توفر "القصد الاحتمالي للقتل" على حد قولها، مؤكدة أن جهل الضباط والجنود بأن مادة الـcs في الغاز المسيل للدموع تكون قاتلة في ظروف معينة، لا تنفي عنهم التهمة.

انتهاكات أخرى تحدثت عنها المحامية مها يوسف وهي "إقامة المحاكمة في أكاديمية الشرطية لا في محكمة، وإسناد القضية لدائرة غير مختصة، وعدم الإعلان عن مكان احتجاز المتهمين مما يلقي بظلال الشك على احتجازهم من الأساس، وعدم الاستجابة لطلبات المدعين بالحق المدني".

يذكر أن المحكمة حددت الثلاثاء المقبل موعداً لنظر القضية.

دلالات

ذات صلة

الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.