محطات مفصلية في ليبيا محورها طرابلس تمهيداً للمرحلة الأمنية

01 مارس 2016
تعمل قوات بريطانية على تأسيس جيش ليبي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
تشير مختلف المعطيات إلى بروز تحركات سياسية جديدة في غرب ليبيا، تقود إلى الاعتقاد بأن تسارع الأحداث هناك سينعكس على الواقع السياسي الداخلي. في هذا السياق، تبدو طرابلس في موقف دقيق، بحكم انتظار المجتمع الدولي للمصادقة على الحكومة الليبية الجديدة، وتمركزها في العاصمة الليبية. كما تكشف لقاءات حصلت الأسبوع الماضي في تونس، عن مؤشرات هامة لاستعداد الأطراف المؤثرة في ليبيا للمرحلة الجديدة، وينوّه رئيس حزب "العدالة والبناء" محمد صوّان، إلى أنه "عُقد لقاء جمعه بسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا بيتر باد، في العاصمة التونسية، بحضور رئيس الدائرة السياسية بالحزب نزار كعوان".

تناول اللقاء الأزمة السياسية في ليبيا وآخر تطورات اتفاق الصخيرات، ويتحدث صوّان عن مباركة أكثر من مائة نائب من برلمان طبرق لحكومة الوفاق، معتبراً أن "منح الثقة من مجلس النواب هو إجراء شكلي فقط، كون مجلس النواب طرفا من أطراف الحوار التي اختارت المجلس الرئاسي، كما أن ليبيا لم تعد تتحمّل مزيداً من الانقسام وما يترتب عليه من فوضى وانهيار أمني واقتصادي وتمزق في النسيج الاجتماعي".

يطالب صوّان بتفهّم المجتمع الدولي الأوضاع في ليبيا، داعياً كافة الأطراف إلى "المضي في تنفيذ مخرجات الحوار وعدم التمسك بالجزئيات الشكلية، خصوصاً في ظلّ تمدّد الإرهاب في ليبيا والمنطقة بأسرها"، موضحاً أن "المواطن الليبي هو من يدفع الثمن الأكبر جراء تداعيات هذه الأزمة".

يضيف أنه "بمجرّد حسم الجدل حول مسألة منح الثقة سواء كانت بجلسة في مدينة طبرق، أو في أي مكان يتمكن فيه النواب من التعبير عن رأيهم بحرية تامة، أو الاعتماد على قائمة التوقيعات لمنح الثقة للحكومة، فإن الخطوة القادمة والهامة هي تسلّم الحكومة لمهامها وممارسة عملها من العاصمة طرابلس". يبيّن صوّان أنه "يجب تذليل كل الصعوبات وتوجيه كل الجهود لتحقيق هذا الهدف، وأن حزب العدالة والبناء يعمل على ذلك بكل الوسائل الممكنة لإزالة مخاوف الأطراف الرافضة".

اقرأ أيضاً: "فورين بوليسي":تشكيل الحكومة الليبية هو الذي سيقضي على "داعش"

وفي هذا الصدد، يدعو صوّان المجتمع الدولي إلى "وضع حدّ للدور السلبي التي تقوم به دول إقليمية، من خلال تدخلّها في الشأن الليبي، وقيامها بخلط للأوراق، وعرقلتها للوصول إلى حلّ للأزمة". وكان صوّان قد التقى أيضاً السفيرة البرتغالية لدى ليبيا إيزابيلا بيدروز، في تونس، وطالب بإقفال ملف الاتفاق السياسي، والتركيز على الحكومة وعملها من العاصمة طرابلس. كما يعرب في الوقت عينه عن عدم تأييده لخيار فرض عقوبات على المعرقلين للاتفاق السياسي، لأنها ستزيد من التعنت وتعميق الأزمة، واللجوء إلى هذا الأمر بعد استنفاد كل الحلول الدبلوماسية الممكنة. يلفت صوّان الى أن "الدخول إلى طرابلس أمر سهل، وأنه ليس هناك مشكلة لو رحّب المجتمع الدولي بذلك، على أن يتم قسم اليمين لاحقاً لجميع الوزراء في أي مكان آمن".

وحول آخر الترتيبات لممارسة المجلس الأعلى للدولة لمهامه، وفقاً للاتفاق السياسي، يوضح رئيس الدائرة السياسية بحزب "العدالة والبناء"، نزار كعوان، أن "مشاورات مكثفة تجري بين الأعضاء، وقد عقدت عدة اجتماعات لترتيب عقد جلسة رسمية للمجلس الأعلى للدولة، وأن العدد المسجل يفوق 60 عضواً حتى الآن، وعدد كبير ينتظر الإعلان الرسمي للجلسات ليلتحق".

من جهته، يشدّد السفير الأميركي على أن "بلاده ملتزمة بدعم الحل السياسي ومخرجات حوار الصخيرات"، مبدياً مخاوفه من "تمدّد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وظهوره العلني الأخير في مدينة صبراتة". يُشدّد باد على "أهمية وجود حكومة واحدة تمثل الشعب الليبي وتحارب الإرهاب وتخفف المعاناة على المواطن"، معبّراً عن "ارتياحه لتوقيع أكثر من مئة عضو لمنح الثقة للحكومة"، ومعرباً في ذات الوقت عن انزعاجهم من عرقلة التصويت المباشر على الحكومة. كما يشيد السفير الأميركي بالدور الإيجابي الذي يقوم به حزب "العدالة والبناء" لإنجاح الحوار السياسي الليبي، مبدياً تعهّد بلاده وحرصها على دعم ونجاح العملية السياسية في ليبيا.

من جانب آخر، انطلقت اجتماعات التحضير لاجتماعات المجلس الأعلى للدولة، ويقول في هذا الصدد عضو المجلس الأعلى للدولة، المنبثق عن الاتفاق السياسي، أبو القاسم قزيط، إن "عدداً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، عقدوا اجتماعاً تشاورياً بطرابلس، لمناقشة الأوضاع السياسية الجارية".

يوضح قزيط في تصريح صحافي، أن "الجلسة هي الثانية للمجلس"، وهو ما رحّب به المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر. كما يشير قزيط إلى أن "الأعضاء المجتمعين، بعثوا رسالة إلى كوبلر، ولجنة الحوار السياسي، لتمكين المجلس من مباشرة اختصاصاته المذكورة في نص الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات".

وللإشارة فإن أعضاء المجلس هم أعضاء المؤتمر في يوم توقيع الاتفاق السياسي في الصخيرات المغربية، والبالغ عددهم 134 عضواً. وإلى جانب هذه التحركات التي تُضاف إلى المفاوضات السرية، التي تجري بين قوى من طرابلس وفصائل ليبية أخرى، جاء خبر وجود قوات بريطانية في مصراتة، ليطرح أسئلة عديدة حول حقيقة التفاهمات الدولية مع مختلف القوى المتنازعة في ليبيا.

فقد كشفت صحف بريطانية أن قوات من النخبة الخاصة قد وصلت إلى مصراتة، بجانب أخرى أميركية لوقف تقدم "داعش". تفيد التقارير بأن "هذه الخطوة جاءت في إطار نشر خبراء عسكريين، بجانب قوات خاصة لتأسيس جيش، لمواجهة خلايا داعش في السواحل المقابلة لأوروبا".

كما جاء في التقارير بأنه "إلى جانب المساعي الأممية والدبلوماسية لتشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا، فقد بدأت بريطانيا والولايات المتحدة العمل لاختيار حلفاء محليين على الأرض لمساعدتها في الحرب ضد داعش".
أما رئيس المجلس العسكري في مصراتة، إبراهيم بيت المال، فينفي كل ذلك، مؤكداً بأن "هذه الأخبار كاذبة ولا أساس لها من الصحة"، وفق ما نشرته "بوابة أفريقيا الإخبارية" الليبية.

ومع استقرار القوات الفرنسية في بنغازي، وسط أنباء عن توجه حاملة الطائرات شارل ديغول إلى المتوسط، تعمل القوى البريطانية والأميركية من مصراتة، بما يؤشر على بداية العمليات العسكرية من دون سابق اعلان، خصوصاً مع تواصل الغارات الجوية لطائرات "مجهولة" على مواقع وأرتال لـ"داعش" في أكثر من مدينة ليبية.

اقرأ أيضاً "نيويورك تايمز": التدخل الأميركي لا يخلق الاستقرار بالشرق الأوسط