محجوب عبد الدايم:أيقونة اللقطات السياسية في تاريخ السينما العربية

محجوب عبد الدايم:أيقونة اللقطات السياسية في تاريخ السينما العربية

11 يناير 2016
تلعب سعاد حسني دور إحسان شحاتة في الفيلم (فيسبوك)
+ الخط -
إنها لقطة واحدة.. ابتدعها صلاح أبو سيف، تستحق أن تكون أيقونة اللقطات السياسية في تاريخ السينما العربية، بل هي وحدها المدخل الذي بدأ به الفنان الراحل حمدي أحمد (1933-2016) طريق النجومية منذ سنة 1966.

يجلس محجوب عبد الدايم في حجرة الصالون ليعقد قرانه على إحسان شحاتة (سعاد حسني) في صفقة يبيع من خلالها المروءة والشرف من أجل المال والسلطة، يوجه صلاح أبو سيف الكاميرا باتجاه وجه محجوب من أسفل، حيث تعلق خلفه على الحائط رأس خروف بقرنين كبيرين. تقترب الكاميرا أكثر فأكثر حتى يغيب رأس الخروف، ويبقى رأس محجوب بدلاً منه، وكأنه هو الذي يحمل القرنين، في إشارة شعبية لفكرة (الدياثة)!

هذه اللقطة الرائعة تقع ضمن الدور المميز الذي قام به حمدي أحمد سنة 1966 ضمن أحداث فيلم (القاهرة 30) عن رواية (القاهرة الجديدة) لنجيب محفوظ. يتحدث الفيلم عن فكرة الوصولية في ظل الأنظمة السياسية الفاسدة، وذلك عبر إلقاء الضوء على شاب متسلق يطمح في الوصول إلى عالم الأثرياء عبر الزواج من فتاة يشاركه فيها (قاسم بيه)، السياسي البارز ثم الوزير المسؤول، وتصل القصة في نهايتها إلى افتضاح أمرهم جميعاً.

يقرر صلاح أبو سيف على لسان ذي القرنين محجوب عبد الدايم القاعدة الأساسية في حركة المجتمعات التي تحكمها الأنظمة الشمولية في آخر مشاهد الفيلم حين يقول، وهو يهدئ من روع إحسان المنهارة في البكاء، ويطمئنها بأن المستقبل لهما ولأمثالهما: "إحنا عايشين في مجتمع وسخ واللي يكسب هو الأوسخ". عبارة أبو سيف كانت الترجمة السنيمائية لعبارة نجيب محفوظ عن محجوب: "لم يستشعر الندم، ولا أقرّ بالخطأ، كلا؛ ولا عدل عن رأي"!

احتفت الحقبة الناصرية بالرواية والفيلم باعتبارهما يصمان الفترة الملكية السابقة على الثورة، وكان لنسبة الأحداث إلى حقبة ثلاثينيات القرن الماضي، وزمن تأليف الرواية في الأربعينيات، دور مهم في تجاوز شبهة أي إسقاط على الواقع في العهد الناصري. كما احتفت جامعة الدول العربية بشخصية محجوب عبد الدايم، ومنحت الفنان حمدي أحمد جائزة عن دوره سنة 1967 (قبيل النكسة مباشرة!).

ظلت شخصية محجوب عبد الدايم تطارد الفنان الراحل حمدي أحمد لدرجة أن بعض أهله في الصعيد (سوهاج) غضبوا منه، وقاموا برشق دار السينما بالحجارة لطبيعة هذا الدور.
عاد مشهد ذي القرنين مع ثورة الكوميكس في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استخدم كثيراً لتصوير بعض الشخصيات السياسية الوصولية، فما أيسر أن يحذف وجه محجوب ووضع صورة محجوب آخر يحمل نفس القرنين!

إقرأ أيضاً: سهير رمزي: تعرّضتُ لمحاولة قتل... وما أرتديه ليس حجاباً

المساهمون