احتجاجات السودان: مئات المتظاهرين في الخرطوم والشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع

07 فبراير 2019
دخلت احتجاجات السودان أسبوعها الثامن (Getty)
+ الخط -
أطلقت الشرطة السودانية، اليوم الخميس، الغاز المسيل للدموع، لتفريق مئات المتظاهرين في العاصمة الخرطوم، الذين تجمّعوا استجابة لدعوات تجمّع المهنيين وثلاثة تحالفات معارضة، فيما اتهم الرئيس السوداني، عمر البشير، "جهات معادية" بتوفير مبالغ مالية كبيرة للحملة الإعلامية المساندة للاحتجاجات الشعبية.

وتجمّع مئات المتظاهرين في أكثر من منطقة في السوق العربي وشارع الحرية، وسط العاصمة، ورددوا هتافات مطالبة بسقوط النظام، فيما خرجت ثلاث تظاهرات قرب ميدان عبد المنعم.

وأغلق المحتجون في حي الديم، الشوارع، وأحرقوا الإطارات، لمنع وصول الشرطة إليهم.

كما شهدت شوارع الخرطوم حالات كر وفر بين قوات الشرطة والمتظاهرين الذين تمكّنوا من الخروج في خمسة مواكب من أماكن مختلفة، بينها أماكن غير معلنة للتجمع من قبل المعارضة، وذلك رغم الطوق الأمني الكبير الذي فرضته الشرطة والقوات الأمنية.

إلى ذلك، شهد حي شمبات، شمال الخرطوم، تظاهرات سلمية، ردد خلالها المحتجون الشعارات المطالبة بسقوط النظام، فيما ردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق التظاهرة. وشهد حي بري، شرق الخرطوم، تظاهرات مماثلة.



وأشادت قوى المعارضة بـ"التجاوب الكبير" مع دعوتها للشعب للخروج في مواكب اليوم للتضامن مع المعتقلين نتيجة للأحداث، وللتنديد بمقتل ثلاثة من المتظاهرين داخل المقرات الأمنية بسبب التعذيب.

وأوردت القوى التي تضم تجمع المهنيين ونداء السودان وقوى الإجماع الوطني والتحالف الاتحادي، في بيان لها: "بلغنا مقاماً رفيعاً ولكن لم نبلغ القمة بعد، والقمة هي إزالة النظام وإقامة النظام الديمقراطي الرشيد الذي يساوي بين الناس ولا يظلم عنده أحد".

وأكدت أن "الرحلة الثورية ستتواصل خلال الأسبوع المقبل، الذي سيبدأ يوم غد الجمعة بالتضامن مع المعتقلين والشهداء عبر إصدار مطبوعات وزيارات أسر شهداء، مع استمرار التظاهر، على أن يخصص يوم السبت للتظاهرات الليلية بمحلية الخرطوم".

وأضافت أن "موكب يوم الأحد سيخصص لدعم المعتقلات في سجن النساء بأم درمان، بينما يوم الإثنين لمواكب الأحياء واعتصامات الميادين، على أن يخصص يوم الثلاثاء للوقفات الاحتجاجية للمهنيين والمجموعات المطلبية، فضلًا عن التظاهرات الليلية بالمحليات".

وبحسب الجدول الأسبوعي لتجمع المهنيين، فمن المقرر أن يكون يوم الأربعاء لمواكب أرياف السودان. وينتهي الجدول يوم الخميس بموكب مركزي بالخرطوم توازيًا مع مدن أخرى.

البشير يتهم "جهات معادية"

من جهته، اتهم الرئيس السوداني اليوم الخميس، "جهات معادية" لبلاده، لم يسمها، بتوفير مبالغ مالية كبيرة للحملة الإعلامية المساندة للاحتجاجات الشعبية، مشيراً إلى أن من يقودون الاحتجاجات "غير معروفين، وليس لهم أجسام حقيقية يمكن الرجوع إليها".

وأضاف البشير، خلال ترؤسه اجتماعاً للجنة العليا لمتابعة متطلبات الوفاق الوطني وإنفاذ مخرجات الحوار الوطني، أن الحكومة أوقفت إطلاق النار في مناطق النزاع، حرصاً منها على حقن الدماء وتحقيق الاستقرار، ما أفرز رغبات قوية في تحقيق السلام لدى بعض المعارضين.

وشدد الرئيس السوداني على ضرورة هيكلة الدعم التي تقدمه الدولة لبعض السلع، وتوجيهه إلى الفئات المستحقة من الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود، لافتاً إلى أن مفوضية الانتخابات التي تمّ تشكيلها لإدارة الانتخابات المقبلة "ستكون مسؤولة عن كافة إجراءاتها دون أي تدخل، حتى لا يفتح الباب لأي شكوك حول نزاهتها"، ومنوهاً إلى "ضعف كبير في قوانين الخدمة المدنية والإدارة والمحاسبة، ما يتطلب التعديل".

أما رئيس الوزراء السوداني معتز موسى، فأشاد برد الفعل العالمي الإيجابي تجاه الأحداث في السودان، رغم الضغط الإعلامي الكبير على المجتمع الدولي، معتبراً أن "الاستهداف الإعلامي عبر لغة الكراهية قصد منه قطع الطريق أمام الوفاق السياسي في البلاد".

وكان الرئيس السوداني، قد رأى مساء أمس، أن المحتجين في بلاده "غالبيتهم من الشباب الذي تربى في سنوات رخاء النفط"، وأن "الأزمة الاقتصادية صدمتهم".

وأقر البشير بأن نظامه لا يعفي نفسه "من بعض التقصير، في ما يتعلق بالأزمة الراهنة"، التي ذكر أنها بدأت بانفصال جنوب السودان، فضلاً عن "الإجراءات الحكومية التراكمية التي خلقت غبناً وسط الشباب السوداني، ومنها التطبيق الخاطئ لقانون النظام العام".

ودخلت الاحتجاجات الشعبية في السودان، أمس، أسبوعها الثامن، بعد اندلاعها في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، للمطالبة بتنحّي الرئيس عمر البشير وتشكيل حكومة انتقالية.

وتقول النيابة العامة، إن التحقيقات التي أجرتها انتهت إلى حصر دقيق بعدد المتوفين خلال
الاحتجاجات المستمرة في البلاد، الذي بلغ 31 وفاة، مؤكدة أن "أي ادعاء بغير هذا غير صحيح".

وتقدّر منظمة العفو الدولية عدد القتلى بـ40 منذ بدء الاحتجاجات، فيما يقدّر نشطاء وأحزاب معارضة عددهم بـ50 قتيلاً.

النيابة العامة: وفاة تحت التعذيب

إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة في السودان، اليوم، أن تحقيقاتها توصلت إلى أن أحمد الخيرعوض الكريم، وهو الأستاذ في المرحلة الثانوية بمدينة خشم القربة، الذي لقي مصرعه السبت الماضي، وسط اتهامات بتعرّضه لتعذيب بعد اعتقاله، قد توفي بعد تعرضه لإصابات في مقر أمني بالمدينة، وذلك عكس التصريحات التي أدلى بها كل من والي كسلا ومدير شرطة الولاية، واللذان قالا إن القتيل توفي نتيجة التسمم الغذائي والمرض داخل المعتقل.

وقال عامر محمد إبراهيم، رئيس لجنة شكلتها النيابة العامة للتحقيق في الأحداث المصاحبة للاحتجاجات، خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم في مقر وكالة السودان للأنباء، إن اللجنة استلمت التقرير الأولي من الطبيب الشرعي ونتيجة الفحوصات المعملية، نافياً بشدة ما أثير عن اغتصاب المعلم قبل وفاته.

وأوضح أن التقرير النهائي للطبيب الشرعي "بيّن وجود إصابات حيوية وحديثة وكدمات بالكلية اليمنى والفخذ الأيمن ومنتصف الساقين، ولم تثبت أي معالم اغتصاب"، وأن سبب الوفاة "إصابات متفرقة بالجسم".

وكشف إبراهيم أن النيابة طلبت من مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، مدّها بأسماء الذين استجوبوا القتيل أثناء اعتقاله، وكذلك أسماء الذين اقتادوه إلى مدينة كسلا، مؤكداً على حرص النيابة على اتخاذ كل الإجراءات القانونية وتطبيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب.  

وكان حزب المؤتمر الشعبي، الشريك الرئيسي في الحكومة، قد طالب في وقت سابق اليوم بإقالة والي ولاية كسلا، آدم جماع، بسبب تصريح أدلى به بشأن مقتل أحد أعضاء الحزب أثناء التعذيب داخل مقرات جهاز الأمن، في مدينة خشم القربة، شرق البلاد.

وقال الأمين السياسي للحزب، إدريس سليمان، في مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، إن "والي كسلا ومدير شرطة الولاية أدليا بتصريحات غير صحيحة تتعلق بمقتل عوض الكريم، الذي لم يسلَم أي جزء من جسده من التعذيب، بالتالي يجب إعفاؤهما والتحقيق معهما"، مبيناً أن ما حدث يعد جريمة غير مسبوقة في تاريخ السودان، اشترك فيها نحو 35 من الضباط وأفراد الأمن.

كما طالب سليمان بـ"إطلاق سراح كل المعتقلين وإطلاق الحريات وتعديل قانون الاستخبارات والأمن لعام 2010، الذي لا يتوافق مع دستور السودان، مع كفالة حق التعبير السلمي للمواطنين".
   

المساهمون