مؤامرات كورونا

مؤامرات كورونا

06 فبراير 2020
فرغت المدينة من ناسها (نيكولا عصفوري/ فرانس برس)
+ الخط -
تحتفي منظمة الصحة العالمية بين فترة وأخرى بأنّها تمكنت من القضاء على موجة طارئة لمرض من الأمراض في مكان ما من العالم. ينام المرض طويلاً، وتسهم المنظمة مباشرة أو عبر الهيئات الصحية الوطنية، في حملات التلقيح والتوعية ودعم المجتمعات المحلية، مهما كانت أسباب المرض. لكنّه يعود، سواء في المكان نفسه، أو في أماكن أخرى حول العالم. تعود معه أمراض جديدة، أو مستجدة، حتى تبدو الأمراض نفسها ساخرة من كلّ الجهود المبذولة بصدق للقضاء عليها.

ليس المرض موتاً، لكنّه يتماهى معه في كثير من الأحيان، وهو يجتاحنا فرادى وجماعات. وبحسب عوامل كثيرة، منها ما هو طبيعي، ومنها ما هو بنيوي، يتخذ فينا بيئته الحاضنة، حتى نتأقلم، لا معه، بل مع إصابته لنا، ودفعه باتجاه ذلك الموت الذي يتماهى معه.

يذهب البعض مباشرة إلى نظريات المؤامرة في انتشار مرض ما؛ فهذه الدولة لا تريد لتلك الدولة أن تنهض وتتفوق عليها، فتشغلها بكارثة وطنية ما. قيل هذا عن الإيدز وإيبولا في أفريقيا، ويقال اليوم عن كورونا في الصين. ومن الظاهر إلى الباطن، هناك مؤامرة خفية ترتبط بـ"الحكام الفعليين لهذا الكوكب"... أي أولئك الذين لم يظهروا يوماً، لكنّهم يحركون الدول والأنظمة بما تقتضي مصالحهم، تلك المصالح التي لا نعرف نحن عنها شيئاً، كذلك لا نعرف من هم هؤلاء. من هذه النظريات ما يحكى عن "يد خفية" تتحكم بالمواليد والوفيات لتحقيق توازن ما. لكن، كونها خفية لا يعني أنّها "سبحانية" كيد آدم سميث، تترك الحرية كاملة للناس في تنافسهم الاقتصادي، بل هي تدخلية في محطات معينة، ولمصلحة فريق معين، وعلى حساب فريق آخر، أشبه ما تكون بـ"يد الله" تلك التي سجل بها دييغو مارادونا هدف التقدم على إنكلترا، الذي سمح في النهاية للأرجنتين، بالظفر بكأس العالم عام 1986. "يد خفية" تؤثر في الديموغرافيا، مباشرة عبر قتلى وباء ما أو كارثة ما، وبشكل غير مباشر عبر فجوة ديموغرافية لاحقة للحدث نفسه، في مواليد كان من المفترض بأولئك الموتى أن ينجبوهم، يوماً ما.



في كلّ الأحوال، تشير الوقائع إلى أنّ العالم يتزايد سكانياً، ومهما اختلّ شكل الزيادة بين غرب وشرق، أو بين ما يسمى دول شمال، وما يسمى دول جنوب، فالزيادة حاصلة في المجموع العام، وبتنا نقترب من عتبة ثمانية مليارات إنسان. هذه الزيادة تحمل تحديات كثيرة على مستوى التنمية. وبينما يزداد الأغنياء غنىً والفقراء فقراً كالعادة، ويُبتلى الفقراء بالحروب وما تحمله من كوارث، فإنّ أيّ كارثة لا تتطلب بحثاً في أسبابها المباشرة مهما كانت، بل بحثاً في مدى نجاح المنظومات الأممية في تحقيق التنمية المستدامة، والإفلات من سيطرة بعض الأنظمة عليها، ومن خلفها شركات لا تؤمن بغير الربح، أكان بسلاح أم بدواء... هذه ليست مؤامرة، بل نظام عالمي قائم على التسلط.

المساهمون