ليبيا تستقبل عاماً على وقع معارك استنزاف

ليبيا تستقبل عاماً على وقع معارك استنزاف

03 يناير 2015
قوة تابعة لـ"فجر ليبيا" بالقرب من مطار طرابلس(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
ارتفعت وتيرة الاشتباكات بشكل ملحوظ، بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، في ليبيا، خلال أسبوع الوداع والاستقبال للعامين الماضي والحالي، وأسفرت هذه الاشتباكات عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا، خاصة من قوات خليفة حفتر.
وتكبّدت قوات حفتر خسائر فادحة في معارك بمنطقة الليثي (وسط بنغازي)، التي تحاول السيطرة عليها عبر اقتحامها، وانتهت المعارك بسيطرة قوات مجلس شورى الثوار على المنطقة وتراجع قوات حفتر عنها، فيما استمر قصف المنطقة من خارجها بمدافع "هاوزر" وصواريخ "غراد"، وهي محاولة لحصار المنطقة من جهة الشرق.
وبذلك تعد (الليثي) المنطقة الثانية بعد الصابري التي عجزت قوات حفتر عن السيطرة عليها والتعامل معها بسياسة الأرض المحروقة جراء القصف المتواصل على المنطقتين بالأسلحة الثقيلة.
وشهدت منطقتا الفويهات وطابلينو التي يتمركز فيهما معسكرا (21 مشاة و204 دبابات) التابعان لقوات حفتر، هجمات مباغتة من قبل "شورى الثوار"، أسفرت عن تكبّد الأخيرة خسائر في الأرواح والآليات، وكان آخرها هجوم "الثوار" على الثانوية الفنية وقتل قرابة خمسة عشر جندياً تابعين لوحدة 204 دبابات.

معارك استنزاف
حالة الاستنزاف التي يشهدها المعسكران والخسائر في معركة الليثي أدت إلى فرار العديد من المتطوعين في قوات حفتر، وذلك بعد قتل العشرات منهم ووضع رؤوسهم على أعمدة الطرقات في المناطق التي يكثر فيها المتطوعون مع قوات حفتر (ما يسمى الصحوات).
ويؤكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أنّ قوات "شورى الثوار" تقدّمت أكثر من مرّة على المعسكرين (204 و21)، غير أنّها تراجعت من دون أي مقاومة من المعسكرين اللذين يعتبران آخر مقرّين لقوات حفتر في بنغازي.


وهو ما فسّره مراقبون بعدم رغبة "شورى الثوار" إنّهاء الصراع في الوقت الحالي لاعتبارات عديدة من بينها استكمال توفير أنواع من الأسلحة النوعية لإتمام الحسم، والتوسّع باتجاه مدن شرق ليبيا المؤيّدة لحفتر. لتستمر بذلك حالة الصراع في المدينة وسط نزوح كبير للأهالي وظروف إنسانية صعبة وتعطل تام للخدمات الطبية والمعيشية، إضافة إلى التلوث البيئي بسبب القمامة وانتشار الجثث، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لأيام.

محور غرب بنغازي
وشهد محور غرب بنغازي، الذي يتمركز فيه "مجلس شورى ثوار بنغازي" على منطقة جروثة، اشتباكات عنيفة بين قوات الأخير وقوة "القابسي"، الموالية لحفتر المتمركز في قمينس (50 كيلومتراً غرب بنغازي). وتكبّدت قوات "القابسي" خسائر فادحة، أدت إلى إصابة القابسي نفسه ومقتل شقيقه المساعد له.
وفي باقي مناطق بنغازي، بان جلياً تقدّم قوات "مجلس شورى الثوار" وتراجع قوات حفتر، وانسحاب ملحوظ للمتطوعين (الصحوات)، فيما اعتمدت قوات حفتر على القصف عن بعد خصوصاً لمنطقتي الليثي والصابري وسط استمرار الاشتباكات في مناطق متفرقة بالمدينة.

محور الشرق (درنة)
ونجح "مجلس شورى مجاهدي درنة" في تحقيق تقدّم في محور الشرق، خصوصاً بعد الائتلاف الأخير بين قوات "الثوار" في المدينة لمواجهة قوات حفتر، التي تمركزت في منطقة عين مارة (غرب درنة). وبحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، فإنه من المتوقع أن تشن قوات "مجلس مجاهدي درنة" هجوماً وصفته المصادر بالكاسح على القوات الموالية لحفتر المحاصرة للمدينة.
واستطاع المجلس تحقيق خطوات ميدانية ملحوظة بعد سيطرته على تمركز لقوات حفتر في وادي بوضحاك، وقصفهم مرات عديدة لقاعدة الأبرق الجوية، وإحداث حالة من الإرباك للمنطقة الشرقية بالكامل (الجبل الأخضر).

المنطقة الوسطى
وفتحت المواجهات الأخيرة التي وقعت بين عملية "الشروق" على ميناء السدرة مع قوات إبراهيم الجضران (حرس المنشآت النفطية)، وما ترتب عليها من ضرب خزانات النفط بالميناء، جبهة جديدة في المعركة بين المؤيدين والمعارضين لحفتر. ولعلّ استهداف مصراته بقصف طيران تابع لقوات حفتر على الكلية الجوية، وبعض مرافق المدينة وحّد الصف في مصراته بضرورة التقدّم إلى الموانئ النفطية لقطع الطريق على قوات حفتر للسيطرة على المصدر الرئيسي للبلاد. وفي ظل أجواء المعارك الجارية في المنطقة، لا يُستبعد خلال الأيام المقبلة حصول تقدّم لعملية "الشروق" تجاه ميناء السدرة النفطي وحسم المعركة.

المحور الغربي
في هذه الأثناء، شهدت منطقتا ككلة والوطية تقدماً ملحوظاً من قبل قوات "فجر ليبيا"؛ ففي ككلة، تعمل وحدات الأخيرة على استنزاف جيش القبائل وتصفية جنوده وإلحاق خسائر فادحة في آلياته، يساعدها على ذلك تمركز هذه الوحدات في بعض الكهوف المرتفعة. في حين بدأ الهجوم على الوطية ومحاصرتها ويتوقع السيطرة عليها خلال اليومين المقبلين، حسب القادة الميدانيين هناك.
في وقت أصبحت مدينة الزنتان بالجبل الغربي محاصرة اقتصادياً، وهي تعاني من نقص الغذاء والوقود، ولا تصلها الإمدادات إلا بالطائرات، غير أن تسريبات من بعض المقربين لعملية "فجر ليبيا" تؤكد دعم منطقة الأصابعة للزنتان والقيام بتمويلها وإمدادها بالوقود وغيره.

ووسط هذه المعارك المحتدمة في مختلف محاور ليبيا، تستمر حالة من التكتم على نشاطات مجلس النواب المنعقد بطبرق، والذي تؤكد التسريبات أنّ عدد النواب فيه لا يتجاوز الـ50، وسط حالة من التململ بين أهالي مدينة طبرق من فشل قوات حفتر في تحقيق نجاحات لها وإدخالهم في حالة حرب وعداء، الأمر الذي يترتب عليه تعطيل مصالحهم التجارية.

المساهمون