لبنان نحو "ترويكا" الحريري ــ عون ــ نصر الله

لبنان نحو "ترويكا" الحريري ــ عون ــ نصر الله

22 مايو 2014
الوزيران "المستقبلي" نهاد المشنوق والعوني جبران باسيل (دالاتي ونهرا)
+ الخط -

يحتاج الأمر لمعجزة حتى يتأمن نصاب الجلسة الخامسة لمجلس النواب اللبناني، ظهر اليوم الخميس، إذ لا يبدو أن "تكتل التغيير والإصلاح" الذي يقوده المرشح الضمني للرئاسة، النائب ميشال عون، في وارد المشاركة بالجلسة، بحسب ما أكّده النائب في "التكتل"، آلان عون لـ"العربي الجديد".

إذن، سيتكرر المشهد عينه الذي شهدته ساحة النجمة (مقر البرلمان في وسط بيروت) منذ شهرٍ ثلاث مرات. سينزل نواب فريق 14 آذار، مضافاً إليهم نواب اللقاء الديموقراطي (يرأسه النائب وليد جنبلاط)، ونواب كتلة التنمية والتحرير (يرأسها الرئيس نبيه بري) ويغيب نواب "تكتل التغيير والإصلاح" و"حزب الله". لكن المعلومات تُشير إلى أن نواب 14 آذار سيبقون في المجلس لساعات بانتظار النصاب، وخصوصاً أن يومين فقط يفصلان لبنان عن انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان.

ويأتي غياب النصاب كنتيجة طبيعية لعدم وصول مفاوضات النائبين ميشال عون وسعد الحريري إلى خواتيمها. لا تزال المفاوضات قائمة بين الرجلين، ويسعى منها الطرفان إلى وضع خريطة طريق لعلاقتهما في المرحلة المقبلة. خريطة سيكون ملف الغاز المكتشف في المياه الاقليمية اللبنانية، أبرز عنوان لها. الطريف في الأمر أن في فريق الحريري، مَن يعتقد أن هذا الحلف الجديد سيكون بديلاً عن علاقة عون بحزب الله. وردّ ميشال عون على هذا الكلام، مساء الأربعاء، وعبر شاشة المنار" (تلفزيون حزب الله)، قائلاً "يجب أن نكون مثلثاً ثلاثي الاضلاع: (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن (نصرالله) و(رئيس الحكومة السابق) الشيخ سعد (الحريري) وأنا، ولا يمكن ان يكون المثلث مفككاً". إذا أعلن عون عن الترويكا الجديدة التي يُفترض أن تحكم البلد.

في المقابل، يخوض جنبلاط معركةً لمنع وصول عون، وقد أعلن ذلك بوضوح، عندما قال إن "الرئيس ميشال سليمان رجل تليق به الرئاسة، أما التجارب مع الآخرين، فكانت مريرة، والله يستر من يلّي جايي على الجهتين"، في أشرس نقد يقوله الرجل عن عون.

نتائج أوليّة للترويكا الجديدة

تواصل عون والحريري والتحضير جارٍ بينهما لإدارة المرحلة المقبلة، وملفاتها، وأبرزها قطاعَي الغاز والاتصالات. ويُترجم ذلك عبر الحكومة الحاليّة، إذ خاض تيار المستقبل والتيار العوني وباقي الكتل السياسية، معركة شرسة في وجه "هيئة التنسيق النقابية"، الإطار النقابي الأقوى حالياً في البلاد، رافضين إقرار سلسلة الرتب والرواتب، على رغم أن الجميع يُقرّ بأن هذه السلسلة التي يُطالب بها الموظفون منذ أكثر من ثلاث سنوات، تكاد تكون الحدّ الأدنى لحقوق الموظفين والأجراء والمتقاعدين والمتعاقدين. ويستند الرفض إلى حجة عجز الماليّة العامّة عن تحمّل أي عبء جديد في النفقات.

ورفضت هذه الكتل نفسها، فرض ضرائب جديدة على المصارف، التي تحقق أرباحاً مالية سنوية هائلة، وقد كان مطروحاً فرض ضريبة على الأرباح المصرفيّة بحجة منع الانهيار المالي. كما رفضت هذه الكتل المتحالفة ضمناً، فتح ملف الأملاك البحريّة والنهريّة المخالفة للقوانين، رغم إقرار الجميع بأن إيراداتها تكفي لتمويل السلسلة وأكثر من ذلك.


فضيحة

ويظهر التحالف الجديد ــ القديم للطبقة السياسية اللبنانية، ومن ضمنه تحالف عون ــ الحريري المستجد، الذي ينتظر الاعلان الرسمي لولادته، بإقرار مجلس الوزراء، من دون ضجة، مرسوماً يعفي فيه "بنك الاعتماد اللبناني" (مصرف خاص) من غرامات تحقق وتحصيل متوجبة عليه عن أعمال سنة 2008، وقد تجاوز المبلغ المعفى منه المصرف مئات ملايين الليرات اللبنانيّة. وقد علم "العربي الجديد" أن مصارف أخرى استفادت من تخفيضات وإعفاءات مماثلة. ورغم حاجة الماليّة العامة الماسة للأموال، قرر وزير المالية علي حسن خليل السير بهذه المراسيم ورفعها لمجلس الوزراء الذي وافق عليها.

لا يقف الأمر عند هذا الحد لناحية توافق المتخاصمين سياسياً، على المصالح الاقتصادية؛ فسيكون أمام جلسة مجلس الوزراء، التي تُعقَد اليوم الخميس، مشروع مرسومين، يهدفان للسماح لشركات خاصة، باستثمار أملاك بحريّة في منطقتي الناعمة (جنوب بيروت) وجونية (شمال بيروت) لأهداف سياحيّة ولإقامة مرافئ مخصصة لليخوت. واللافت في المشروعين أن "التنظيم المدني"، وهو الجهة المختصة بإعطاء الرخص في الحالات العاديّة، رفض الموافقة على كليهما، لأنهما يقعان ضمن مناطق يمنع فيها إشغال الأملاك البحريّة، ورغم ذلك قدّم وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، هذين الاقتراحين، لتكون الحكومة، في حال أقرتهما، تمارس اعتداءات جديدة على الأملاك البحرية العامة.

هكذا تسعى هذه الحكومة لإقرار ما يُمكن لها إقراره من مراسيم ومشاريع مخالفة للأنظمة اللبنانية، وتساهم في حرمان المالية العامّة من مصادر مالية. قد يكون هذا هو النموذج الذي يجدر على اللبنانيين تذكره في المرحلة المقبلة التي قد يكون عنوانها تحالفاً ثلاثياً جديداً. نموذج ساد بقوة خلال 15 عاماً من الحكم في ظل الاحتلال السوري، ويبدو أنه سيتكرر في ظل "الترويكا" التي يُروّج لها عون نفسه: الحريري ــ عون ــ نصر الله.

المساهمون