لبنان: الحكومة تمهّد لتمديد ولاية مجلس النواب

17 يوليو 2014
اقتراح التمديد لثلاث سنوات ونصف السنة (حسن ابراهيم)
+ الخط -

عندما شكّل تمام سلام حكومته في فبراير/شباط 2014، كان إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية أولويّة. هذا ما جاء في البيان الوزاري للحكومة. انتهت ولاية رئيس الجمهورية في 25 مايو/أيار الماضي، ولم يُنتخب رئيس بعد. واليوم، على بُعد أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي، لم تقم هذه الحكومة بخطوة واحدة بعد في سياق التحضير لإجراء الانتخابات.

وزير الداخليّة، نهاد المشنوق، لم يرفع حتى اليوم إلى مجلس الوزراء اقتراح مرسوم لتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، ولم يصل الاقتراح على الأقل إلى الوزراء.

وهنا تشير مصادر الداخلية إلى أن الوزير رفع اقتراحاً بهذا الخصوص إلى مجلس الوزراء، من خارج جدول الأعمال، لكن خلافات الوزراء حالت دون طرحه.

ومعلوم أن قانون الانتخابات الحالي ينصّ على مسؤولية هذه الهيئة عن الإشراف على الانتخابات. وبهذا تكون الحكومة قد بدأت بضرب المهل القانونية بهدف التحضير لتمديد ولاية المجلس النيابي. فقانون الانتخابات ينصّ على وجوب أن تُقدم وسائل الإعلام، لهيئة الإشراف، البرامج والمساحات الإعلامية، التي تنوي فرزها للانتخابات قبل أربعة أشهر من الانتخابات، أي خلال هذا الأسبوع. كما أن وزير الداخلية، فضلاً عن وزير الخارجية، جبران باسيل، لم يُحددا بعد مصير انتخابات المغتربين، وما إذا كان هؤلاء سيقترعون في لبنان أو في البلدان، التي يُقيمون فيها، إذ ينص قانون الانتخاب على سلسلة إجراءات لكي تضمن حق المغتربين بالاقتراع. وهذا ما يُشير إلى رغبة أطراف الحكومة بالتمديد. كما أن الفريق السياسي، الذي يتبع له باسيل، أي التيار الوطني الحرّ، لا يُمانع بشكلٍ جدي في التمديد.

وفي المعلومات المتقاطعة، فإن مختلف الكتل السياسية أبدت موافقتها على تمديد ولاية المجلس النيابي، التي تنتهي في 20 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وقد وافق تيار المستقبل، وحزب الله، وحركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، على تمديد هذه الولاية لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة.

بدوره، أبلغ التيار الوطني الحرّ هذه القوى أنه موافق على التمديد، لكن نوابه لن يُصوتوا لصالحه، لأن موقفه مبدئي برفض التمديد.

يبقى موقف حزبي الكتائب والقوات اللبنانيّة، إذ لم يوافق حزب الكتائب على التمديد بعد. وقد أبلغ مسؤولون في الحزب مَن تواصل معهم من الكتل السياسيّة أن الأولوية هي انتخاب رئيس للجمهوريّة، ولا يُمكن الاستمرار بإدارة البلاد من دون هذا الموقع.

وقد قال أحد المسؤولين البارزين في الكتائب لزواره السياسيين، إنّ "الرئيس السوري، بشار الأسد أجرى انتخابات وأنتم تُريدون التمديد". لكن هذا الموقف لا يعني أن الكتائب ستبقى رافضة التمديد. كما أن مختلف التجارب تُشير إلى أن هذا الحزب يسير مع السياق العام في الساعات الأخيرة.

من جهتها، تتقاطع القوات اللبنانية مع حزب الكتائب في موضوع ضرورة انتخاب رئيس للجمهوريّة.

وتصرّ مصادر "قواتية" على ربط التمديد بانتخاب رئيس للجمهوريّة. لكن الموافقة القواتية على التمديد ستُربط فوراً برغبة الأخيرة في الدخول إلى الحكومة. لن يقبل سمير جعجع، بتمديد ولاية المجلس لثلاث سنوات ونصف السنة يبقى خلالها غير ممثلٍ في الحكومة. لكن دخول القوات إلى الحكومة بحد عينه أمرٌ شائك.

ففي حال لم يتم انتخاب رئيس، لن تستقيل حكومة تمام سلام، لأن هذا يُدخل البلد في فراغ كبير. فرئيس الجمهوريّة هو الجهة المخوّلة بالدعوة لاستشارات وإصدار مرسوم تكليف رئيس الحكومة. يبقى الخيار إجراء تعديل وزاري. وهو ما يفترض أن يستقيل عدد من الوزراء، ليعين محلهم وزراء للقوات اللبنانيّة.

والترجيح هو أن يستقيل وزراء رئيس الجمهورية. وفي حال استقال هؤلاء من تلقاء أنفسهم، يبقى التساؤل عما اذا كان حزب الله سيقبل بأن يتولّى قواتي وزارة الدفاع؟ وهل سيقبل حزب الله وحركة أمل أن يكون للقوات وزير شيعي؟

عقبات عدة تقف في وجه تمديد ولاية مجلس النواب، لكن يبدو أن القرار السياسي في لبنان هو تجاوزها، وبالتالي إدخال البلاد في دورة جديدة من تمديد ولاية مجلس النواب.
للإشارة، لم يعش لبنان هذه الحالة إلا خلال الحرب الأهلية، التي امتدت بين عامي 1975 و1990.