قضاة الجزائر يطالبون تبون بوقف انحراف وزير العدل

قضاة الجزائر يطالبون تبون بوقف "الانحراف غير المسبوق" لوزير العدل

15 مايو 2020
أضرب القضاة 10 أيام في أكتوبر الماضي(العربي الجديد)
+ الخط -
برزت أزمة جديدة بين نقابة القضاة الجزائريين ووزير العدل بلقاسم زغماتي، على خلفية قرار جديد لوزير العدل يأمر فيه رؤساء المحاكم باستئناف المحاكمات لصالح القضايا التي يهتمّ بها محامون من دون غيرها، ووصفت القرار "بالانحراف غير المسبوق".  
ووجهت النقابة رسالة إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بصفته القاضي الأول في البلاد، دعته فيها إلى التدخل "لمعالجة الخلل الموجود في المذكرة الأخيرة لوزير العدل والتي تشكّل انحرافاً غير مسبوق، بمنح امتياز التقاضي لطرف على حساب آخر".
وذكرت النقابة أنّها "فوجئت، مع مجموع قضاة الجمهورية، بالمذكّرة الغريبة الصادرة عن وزير العدل والمتعلّقة بتعديل مذكرة سابقة، تخصّ وقف العمل القضائي بسبب جائحة كورونا، والتي تدعو إلى الاستئناف الفوري للجلسات المدنية والإدارية على مستوى المحاكم والمجالس القضائية والمحاكم الإدارية، من أجل الفصل في القضايا التي توكّل عنها محامون فقط وتأجيل ما دونها، مع قصر حق الحضور على المحامين من دون المتقاضين".
ووصفت الرسالة المذكّرة بأنّها "انحراف غير مسبوق في تاريخ القضاء، لجهة منح امتياز التقاضي لطرف على حساب آخر، ما يجسّد اغتصاباً لمبدأ مساواة الجميع أمام القضاء". وأشارت إلى أنّ "منطق المفاضلة بين القضايا على أساس معيار وجود الدفاع فيها، مخالف للمبادئ العالمية التي تكفل حق التقاضي للجميع من دون تمييز، ويخرق أحكام الدستور الحالي، بتكريسه لعدالة فئوية ذات طابع ديماغوجي لا يرضى بها شرفاء المحاماة والقضاة معا".
وهاجمت نقابة القضاة وزير العدل بشدّة، واتّهمته بالهيمنة على العدالة، واعتبرت أنّ قراره  "تجسيد لأسلوب التسيير الانفرادي المتعالي لقطاع سيادي حسّاس، ما فتئ يتدحرج نحو انزلاقات غير محمودة العواقب. وهذه قد تكون عاصفة، لا الوقت ولا ظروف البلاد تحتملها، كما أنه يكشف بوضوح للرأي العام حقيقة الذهنيات المشرفة على قطاع العدالة".
وفي السياق ذاته، حذّرت النقابة من تجاهل القرار الجديد "للعواقب الوخيمة التي قد تترتّب عنه، لا سيما على صحة وسلامة القضاة وأمناء الضبط والمحامين والمواطنين، في جلسات الصلح والتحقيق الشخصي، خاصة أنّ مقرّات الجهات القضائية تفتقر لأدنى وسائل الحماية والوقاية من الفيروس القاتل".

والأزمة الجديدة، التي ظهرت بين وزير العدل ونقابة القضاة في الجزائر، ليست الأولى من نوعها، إذ إن هذه هي الرسالة الثانية التي تتوجّه بها نقابة القضاة إلى الرئيس تبون، لمطالبته بالتدخّل لإنهاء ممارسات وزير العدل في أقل من شهرين. إذ وجّهت النقابة رسالة سابقة للرئيس، في27 مارس/آذار الماضي، طالبته فيها بالتدخّل باستخدام صلاحياته الدستورية، واتخاذ كافة التدابير لوضع حدّ "لحالة الفوضى والتجاوزات التي شهدتها ساحة القضاء مؤخراً، حفاظاً على ما تبقى من مصداقيته وطنياً ودولياً، ومحاسبة كلّ المسؤولين عن ذلك". وهدّدت النقابة، حينها، بتدويل الأزمة مع الحكومة، كما هدّدت بمراسلة الاتحاد الدولي للقضاة والتبليغ عن التجاوزات التي يتعرّض لها القضاة في الجزائر.
ويشكو القضاة في الجزائر من هيمنة السلطة السياسية والتنفيذية والأجهزة الأمنية على العدالة. وكانت الجزائر قد شهدت، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حالة تمرّد غير مسبوقة وأزمة حادة بين القضاة والحكومة، أدّت إلى شلّ المحاكم، بعد إضراب عام للقضاة دام عشرة أيام، على خلفية تحويل 1500 قاض من منطقة إلى أخرى، من دون احترام القانون وسلطة المجلس الأعلى للقضاء. وخلال الأزمة، قامت قوّات الدرك بالاعتداء على القضاة داخل قاعة محكمة وهران، غربي البلاد، قبل أن تتدخّل وساطات عليا لإنهاء إضراب القضاة.

المساهمون