في البئر هرباً من الهوية الإسرائيلية

16 أكتوبر 2014
الحاجة حنيفة.. لاجئة منذ سن الحادية عشر (العربي الجديد)
+ الخط -
عام 1948 وصلت حنيفة صالح مع أهلها إلى لبنان، هرباً من العصابات الصهيونية. وهناك بقيت 4 أشهر في مخيم للاجئين في مدينة صور الجنوبية، لتعود بعدها إلى فلسطين.
العودة جاءت نزولاً عند طلب جدتها التي بقيت في فلسطين. فقد طلبت الجدة من والد حنيفة إرسال أحد أبنائه العشرة لمساعدتها.

وقع الاختيار عليها، فأرسلت مع أحد الأشخاص من رميش في جنوب لبنان، إلى بلدة البعنة في فلسطين، بعد مغادرتها بلدة شعب.
في فلسطين بقيت عاماً كاملاً مع جدتها. وفي نهايته لدغتها أفعى، فبقيت في المستشفى بمدينة الناصرة، عشرة أيام للعلاج، لكنّها عندما عادت إلى البيت، عرفت أنّ جدتها ماتت.

انتظرت عمتها، التي جاءت من بعلبك (شرقي لبنان)، لترحل بها مجدداً. لكن، خلال وجود عمتها في فلسطين، أعلن الصهاينة أنهم سيعطون هويات جديدة للفلسطينيين، ودعوهم للخروج إلى البيادر.
لكنّ حنيفة لم تكن تملك هوية ولا عمتها وأولاد عمتها. فخافوا، واختبأوا جميعاً في البئر داخل بيت عمتها. كانت فيه مساحة دائرية صغيرة لا تصلها المياه، اختبأوا فيها جميعاً، ثلاثة عشر شخصاً. وعندما جاء الجنود للتفتيش، أرادوا أن يرموا قنبلة في البئر للتأكد من عدم اختباء أحد. لكنّ أحدهم اقترح رمي دلو. وعندما أخرج المياه اقتنعوا أنّ البئر لا يمكن أن يكون مكاناً للاختباء، فغادروا المكان. وبقيت حنيفة وعائلة عمتها منذ الصباح حتى المساء، إلى حين عودة السكان من البيادر.

تقول حنيفة: "بعد يومين غادرنا البعنة مشياً حتى وصلنا إلى بلدة رميش. وعلمت أن أهلي كانوا في مدينة صور، وغادروها إلى عنجر (شرق لبنان). وهناك التقيت بهم مجدداً عام 1949".
وتضيف: "في عنجر كنا نسكن في خيمة إلى أن غادر أشخاص إلى طرابلس (شمال)، فأخذنا غرفتهم، وكنا 11 شخصاً نسكن فيها. بقينا في عنجر حتى عام 1955، وبعدها جئنا إلى مخيم البرج الشمالي (صور)".

وتتحدث عن الحياة هناك فتقول: "كانت خيمتنا مليئة بالأشواك، فاقتلعناها، وفرشنا حصيرة على الأرض. وكلما هبت الرياح كنّا نخرج لنمسك حبال الخيمة خوفا من اقتلاع الهواء لها. كما كانت تدخل مياه الأمطار إلى الخيمة، فحفرنا قناة حولها".

وتتابع: "جلبنا الحجارة من أماكن بعيدة وبنينا بعد مدة جداراً بارتفاع مترين حول الخيمة وضعنا فوقه الشادر، إلى أن تأمنت لنا ألواح زينكو (معدنية)، وضعناها فوق الشادر، وبقينا تحت سقفها 20 عاماً، قبل أن نبني بيوتنا الحالية في المخيم".