فلسطينيو سورية والأبواب الموصدة

01 يونيو 2014
+ الخط -
في أي صراع مسلح، مهما كانت خلفيته ودوافعه وأسبابه، هناك ظروف وإجراءات تلتزم بها كل الأطراف في حماية المدنيين والمحايدين، أو من هم في مكان الصراع والنزاع، وليسوا متورطين بشكل أو بآخر فيه. قد يكون هذا الكلام إنشائياً أو مثالياً في صراعاتنا العربية التي لا ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، وتأخذ في الاعتبار أي وجود لفئات وشرائح اجتماعية، أو مستضعفة، أو غير منخرطة في النزاع، وجرت العادة بالنسبة للفلسطينيين في أي بلد تجري فيه نزاعات داخلية، أن يكونوا يكون كبش الفداء المفضل، لكن الوضع بالنسبة لما يحدث في سورية تجاوز أي حد، وخرق أي عرف، أو معاهدة دولية، أو مادة من مواد القانون الإنساني.
جديد تلك التجاوزات التي جرت بحق الفلسطينيين المقيمين في سورية كان قرار الحكومة اللبنانية الموقرة، إغلاق أبوابها أمام فرار مئات، وربما آلاف اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية، بعد أن بلغ عددهم على الأراضي اللبنانية نحو خمسين ألف لاجئ فلسطيني، فقد بث موقع مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية صورة لتعميم صادر عن دائرة الأمن العام في مطار رفيق الحريري في بيروت، حيث يطلب التعميم من شركات الطيران عدم نقل أي مسافر لاجئ فلسطيني في سورية، مهما تكن الأسباب، وأياً كانت الوثائق الثبوتية التي يحملها. وقالت منظمة هيومان رايتس: "السلطات اللبنانية تمنع اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من النزاع السوري من دخول لبنان، فيما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من "تقييد" حركة دخول هؤلاء إلى البلاد".
وأعرب المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كريس غانس عن "قلق الوكالة من القيود المتزايدة على دخول اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من النزاع في سورية إلى لبنان"، مضيفاً أن الوكالة "تراقب الوضع على الحدود بدقة، وتلقينا ضمانات من السلطات اللبنانية أن التقييد مؤقت، آملا في رفعه في الأيام المقبلة".
مصدر حكومي لبناني، فضل عدم كشف اسمه، اعتبر أن ثمة توجهاً للحد من أعداد الفلسطينيين الهاربين من سورية، وأفاد بأن المسجلين منهم لدى "أونروا" في سورية يجب أن يبقوا فيها، فيما كانت منظمة هيومن رايتس قد كشفت أن الحكومة اللبنانية أعادت نحو 40 فلسطينيا إلى سورية في الرابع من مايو/أيار، فوضعتهم في مواجهة خطر كبير، وبينهم أطفال ونساء إحداهن حامل.
في المقابل، أكد مصدر في الأمن العام اللبناني أن الجهاز الأمني أعاد 41 شخصا، غالبيتهم من الفلسطينيين إلى سورية، بعد محاولتهم مغادرة لبنان عبر مطار بيروت، مستخدمين وثائق إثبات سفر مزورة، وأوضح أن ثمانية موقوفين آخرين سمح لهم بالبقاء في لبنان "لوجود أقارب لهم هنا أو حيازتهم وثائق تسمح لهم بالإقامة في لبنان".
معظم الدول العربية تمنع دخول فلسطيني سورية إليها، وفضلاً عن لبنان الذي انضم، أخيراً، إلى الأردن ومصر وبقية دول الشمال الإفريقي والخليج العربي، لم يتبق لدى فلسطيني سورية سوى تركيا شمالاً، والعبور عبر الحدود بشكل غير نظامي وقانوني، كما جرت العادة، والاستقرار ضمن ظروف إنسانية مأساوية، لا تراعي أي اعتبارات أخوة أو جوار، فيما تنشغل منظمة التحرير والقيادات الفلسطينية في قضايا أخرى، تقل أهمية، أو لا تكاد تذكر إلى جانب أرواح شعب محسوب على الهوية الفلسطينية، ويتم عقابه وإقصاؤه بناء عليها!

هشام منوّر
 
58833448-D554-45B2-8F7D-DCDD63BC35E1
58833448-D554-45B2-8F7D-DCDD63BC35E1
هشام منور (فلسطين)
هشام منور (فلسطين)