فرحة عرب لم تكتمل

فرحة عرب لم تكتمل

21 يوليو 2014

وزير الخارجية المصري سامح شكري بمؤتمر صحافي (18 يوليو/أ.ف.ب)

+ الخط -

يضيف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى ما اقترفه طويلاً ضد الشعب الفلسطيني، منذ النكبة الأولى، مزيداً من الفشل له.  افتتح نتنياهو حربه البرية والبربرية ضد القطاع بمجازر متنقلة. وقد أسقطت مجزرة حي الشجاعية وإبادة عائلات بكاملها، وكذا استهداف قطاعات الشعب الفلسطيني في غزة وبنيته التحتية بدمار واسع، ذلك كله أسقط الذرائع التي حاولت ترويجها أنظمة عربية، ومنها أن صواريخ المقاومة أساس البلاء في غزة.

وذلك فيما دخلت المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية حالة عجز، في مقابل الصمود الأسطوري الذي يسجله الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحرب البربرية التي يقودها "أقوى جيوش العالم" ضد شعب أعزل، لا يمتلك سوى إرادته وصموده، على الرغم من الدمار والمجازر وآلاف أطنان القنابل والصواريخ التي تنهمر على أطفاله وشيوخه ونسائه، في محاولة للنيل من ثقافة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، وهو هدف غير معلن من العدوان، ويعرفه كل مواطن عربي.

حالة العجز التي يكرر النظام الرسمي العربي تسويقها لدى شعوب المنطقة، بمفردات تدل على واقع متردٍ، أسقطتها المقاومة في فلسطين، اليوم، على الرغم من حملة التجييش التي روجت تحميل المعتدى عليه مسؤولية ما يقع عليه من حرب إبادة. فرح بعض العرب، وفرك يديه، استعداداً لسماع أخبار الهزيمة، لعلها تأتي من غزة، متمنيا أن ينجز الإسرائيلي مهمته. ومنهم من نصح جيش العدو بعدم تكرار أخطاء حروبه الماضية، فيقضي على حركة حماس وفصائل المقاومة سريعاً، لإنهاء ظاهرة المقاومة في قطاع غزة، وإلحاقها مع الحالة العربية منزوعة المخالب.

تأتي الأخبار سريعاً من الميدان، ومن سكان غزة، بسقوط تلك الرهانات الخاسرة، عبر الالتفاف الشعبي حول المقاومة الفلسطينية، والرد الإسرائيلي بالقصف الهمجي والوحشي للقطاع، تعبيراً عن فشل الأهداف المعلنة والمستترة. وهنا، يتضح أن عملية التآمر في حرب غزة فاضحة وعلنية ومقززة، على الرغم من محاولات الالتفاف على المواقف المعلنة والمبطنة لنظم عربية أفلست بنوك أهدافها السياسية والعسكرية، المتماهية مع الأهداف الإسرائيلية، بالتخلي عن الرصيد الوطني في المنطقة، وتراهن على الأميركي والصهيوني، ما لن يزيد رصيدها سوى صفر.

وها نحن نرى النظام العربي الراهن، كما تمثله هذه السلطات، يتآكل في مواجهة العدوان وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ولن يغفر له التاريخ أمام شعوبه تآمره الفاضح والواضح في ذبح غزة وشعبها.

حالة إفلاس يشهرها النظام العربي في وجه الشعب الفلسطيني، بعجزه عن صد العدوان الصهيوني، وإعطائه جيش الاحتلال مزيداً من الوقت، لتحقيق مكاسب أخفق في تحقيقها. ونقول هنا إنه عار عربي أن يرتد صوت الفلسطيني والفلسطينية في ظلام هذا الصمت والخذلان والخيانة التي تمارسها فئة ضالة من أمة العرب. وطالما أننا نتحدث عن الخيانة، فلنا أن نغوص، قليلاً، في السؤال عما تفعله جيوش العرب وفحول الاستخبارات العربية.

لنا أن نسأل عمن يوغل في الدم الفلسطيني، لأن الخيانة تؤدي إلى هذا الكم من المعاناة والتدمير الذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني، بينما يتفرج المتفرجون على قوافل الشهداء وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، من دون أدنى فعل يرفع عنهم الشبهة، فلا بد من رفع الصوت، حتى لو خرست كل وسائل الإعلام، أو تكالبت على هذا الشعب.

لا بد من قول ما يجب أن يُقال عن هذا العار العربي في فلسطين. العار الذي بات يُحاصر كل الأنظمة العربية التي لم تعد تجد حرجاً من تقديم خدمات قذرة للإسرائيلي، بملاحقة الشرفاء والمناضلين من هذا الشعب ومحاصرتهم، وتتبنى المفهوم الصهيوني عن "الفلسطيني الجيد والفلسطيني الإرهابي".

الوصف الدقيق لعملية العدوان والحرب على غزة من الأشقاء والأعداء، الأقربين والأبعدين، شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، هي لاستهداف مقاومة الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني، وإزاحته من أمام المشاريع المطروحة لتصفية قضيته الوطنية، ومشروعه النضالي في مقاومة الاحتلال، وإنهاء ظاهرة المقاومة الفلسطينية التي تشكل حرجا شديدا للنظم العربية العاجزة أمام شعوبها.

نرى، اليوم، من فاجأهم الصمود الأسطوري الذي يسجله شعب فلسطين، يعودون إلى جحورهم، وبعضهم يلقي اللوم على الفلسطيني ألا يصرخ وقت الحصار، وألا يدافع عن نفسه في حالة العدوان، وأن يلتزم الصمت وقت الألم، ويعلن الإفلاس ويشهره، لكنه لا يعلم أن الشعب الفلسطيني شعب واحد في شتاته ووطنه على كامل مساحة الوطن، من رأس الناقورة شمالاً حتى رفح جنوباً، وأن رصيده في الشارع العربي يجعله يعتز به، ويمكنه ألا يرفع الراية البيضاء.

دلالات

AF445510-4325-4418-8403-7DA0DAAF58C1
نزار السهلي
كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في فرنسا يقول: طقسٌ رتيب في الرحيل وشقاء ولجوء، يعقبه حلم لا ينطفىء في زمن غير معلوم تحدده الإرادة العليا، هي ملامح سحنتي التي تشبه انتحاب اللاجئين في المُثل الواهمة.