غزة.. هوية نضالنا إلى الأبد

02 سبتمبر 2014
+ الخط -


بعد انتصار غزة، لن نبكي شهداءنا، ولن نندب قدرنا، فهذا هو قدرنا الفلسطيني. قدر الفلسطينيين أن يقاوموا ويجاهدوا ويستشهدوا. وأن يواجهوا هذه الهجمة الصهيونية التي لم يسلم منها الأطفال الرضع والفتية والنساء والشيوخ والشباب، وحتى الحجر والحيوان والطير.

كل ما في فلسطين استباحه العدو الصهيوني منذ عشرات السنين، واستباحه طوال 51 يوماً في عدوانه على قطاع غزة، إلا الضمير والكرامة الفلسطينيين. والعالم العربي يصر، إصراراً عجيبـاً، على أن خيارهم الإستراتيجي هو خيار السلام، ليظهروا للعالم أنهم دواجن سلام، أمام ذئاب إسرائيليةٍ، اغتصبت الأرض والمقدسات الفلسطينية. والعالم الغربي يمارس مؤامرة الصمت والاستهتار واللامبالاة ضد الشعب الفلسطيني.

وخلال هذه الرحلة الطويلة بين الفلسطيني والدم، وعلى الرغم من شلال الدم الذي سال على أرض فلسطين والذي اختلط بترابـها لينبت شقائق النـعمان المتمثلة في شهدائنا البررة، فإن عدونا الأزلي والأبدي ما زال مصراً على إبادة كل ما هو فلسطيني، في ظل صمت عربي، أين منه صمت القبور.

وفي حالة الشعب الفلسطيني، لم يعد الفرد يمثل أسطورة، أو نموذجاً متفرداً على الرغم من حالات البطولة الفردية المذهلة التي برزت من خلال ملحمة الجهاد والنضال الفلسطينية، المتواصلة منذ أكثر من قرن، فالفرد هنا أصبح نموذجـا لظاهرة عامة، نموذج متوحد في ذاته مع مجموع السكان في مواجهة الغاصب، والتحدي الحضاري والثقافي والنضالي الفلسطيني أصبح النقيض للمشروع الإسرائيلي الصهيوني بمجموعه، فالبطل في مواجهة عصابة القتلة، والشعب الفلسطيني، هنا، هو البطل الجماعي.

لا نسوق هذا الحديث من موقع العصبية الشوفينية، بل من واقع المعاناة اليومية بكل جزئياتها للإنسان الفلسطيني، أينما وجد. فالجسد الفلسطيني المقاوم يلقي بظلاله، الآن، على كامل مساحة الوطن العربي، بل على مساحة الكرة الأرضية كلها، وشلال الدم الفلسطيني لا يزال يتدفق على تراب هذا الوطن، لينبت شقائق النعمان الفلسطينية.

وفي ذاكرة "النضال الفلسطيني"، تبقى صورة قطاع غزة خالدة حتى الأبد، وصور النضال والمقاومة الرائعة تتكرر فيه، لتشكل المجرى الطبيعي للحياة اليومية المرّة. حيث العذابات القاسية، والرغبة في تحدّي الأقدار مهما صعبت، ومهما كانت قراراتها.

تحمّل قطاع غزة، طوال سنوات الثورة والنضال، العبء الأساسي في صمود الكفاح المسلح وديمومته، ولقد كان قطاع غزة ولا يزال مغلقـاً وعصيـاً أمام الأعداء، فلم يجد العدو وسيلة سوى مدافع الدبابات، ومحاولة اغتياله بصواريخ الطائرات وأطنان المتفجرات، ناهيك عن تنظيم أبشع المجازر في تاريخ البشرية بحق أبنائه.  

تجاوز قطاع غزة مساحته الجغرافية المحدودة، والحصار الصهيوني والعربي المحكم عليه، ليجسد في الواقع الحقيقة الفلسطينية، أن هذا القطاع لا يسقط، بل يقف، على الدوام، في وجه الأعداء الذين استباحوا دماء الأطفال والنساء والشيوخ. ‍‍‍‍‍‍‍‍

avata
avata
عـادل أبـو هـاشـم (الأردن)
عـادل أبـو هـاشـم (الأردن)