عن الشباب المغربي

05 فبراير 2015
+ الخط -

تشكـل الاستحقاقات الانتخابية فرصة سانحة يتنامى فيها الخطاب الرسمي الذي يحث الشباب على التسجيل في اللوائح الانتخابية والتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع، فالحقوق لا تعتبر مقدسة وواجبة، إلا خلال هذه المناسبات المؤقتة، وهو ما تحاول السلطات تسويقه إلى الرأي العام، وزرعه في الضمائر والأرواح. إذ لا يعقــل محاصرة الشباب المغربي من الداخل، والإجهاز على حقوقه، ومطالبته، في المقابل، بإنجاح هذه المحطات الانتخابية.
فهل تعي السلطات الوصية أن مثل هذه الممارسات تساهم في تأجيج الغضب الشبابي الذي تتم ترجمته فعلياً بالعزوف عن المشاركة السياسية.
لا يختلف اثنان على أن السلطات تعلم جيداً دقائق الأمور المتعلقة بهموم الشباب المغربي ومشكلاته، وهو الذي يشكل كتلة عددية مهمة في البلاد، كما تعلم، أيضاً، حجم تطلعاته ومطالبه التي عبر عنها في مناسبات عدة، من قبيل مطالبته بتخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد والاستبداد، والتوزيع العادل لثروات البلاد، إلا أن العقلية التي أسست عليها السلطات هيبتها مازالت قائمة على القمع والترهيب والتخويف، بدل بــنائها على تعاقد اجتماعي، يضمن تبادلاً سليماً للحقوق والواجبات.
في ظل هذه العلاقة المختلة والقاسية، أصبح جو الثقة منعدماً بين الشباب والسلطات الوصية، وأضحى من السهل عليها أن تستجيب، بعنف، لمطالبهم المشروعة، مشكلة صورة سلبية عن ممارسة الفعل السلطوي. كما أن مساحة التنافر والاختلال ازدادت حدة، عندما أصبحت الكائنات الانتخابية الفاسدة المرآة العاكسة للسلطة ونوازعها النرجسية، فارتفع معها مؤشر الانتظار القلق لتوقعات الشباب بنهاية مرعبة، قد تدخل الوطن في متاهاتٍ غير محسوبة العواقب، خصوصاً في ظل تفقير النخب المغربية من العقول الشابة، المناضلة المؤمنة بالاختلاف وبالقيم الإنسانية النبيلة.
سواء حدثت هذه التوقعات، أو لم تحدث، فإننا نحاول، من خلالها، التقاط أغوار بعيدة وخفايا مضمرة في العمق السلطوي، بغية توضيح مفارقات وسلوكات عديدة كابحة لكل تغيير حقيقي، والذي لن يتم من دون إشراك فعلي للطاقات الشبابية المبدعة والخلاقة.
عودنا الشباب المغربي على الانبعاث من جديد، على الرغم من حالة البؤس السياسي والفكري والثقافي الذي تعيشه البلاد، فهم من يصنعون الحياة، ولو من صحاري الألم والتجارب المريرة، فالوطن الذي شهد ميلاد المهدي بن بركة وعمر بنجلون ومحمد زفزاف ومحمد شكري والقائمة تطول، سيشهد حتماً استمرار ميلاد شباب تواق إلى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.

 

 

C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)