عن الاقتصاد المصري

19 أكتوبر 2015
+ الخط -
الوضع الاقتصادي في مصر صعب للغاية، والمؤشرات مفزعة: الدين الخارجي ارتفع ليصل إلى 48.1 مليار دولار، وذلك في أعلى مستوى له منذ 24 عاما، والدولار يرتفع في السوق السوداء إلى ما يزيد عن ثمانية جنيهات، وانخفضت الصادرات إلى أدنى مستوى لها، وارتفع حجم الواردات، وزاد العجز في الموازنة العامة للدولة، بصورة تجاوزت الحدود المقبولة، إلى جانب زيادة نسبة الدين الداخلي إلى الناتج المحلى الإجمالى.
خطورة ذلك ببساطة انخفاض الاحتياطي النقدي، وهذا يؤثر بالسالب على التصنيف الائتماني لمصر لتعود، مرة أخرى، إلى مسلسل الهبوط التصنيفي الذي استقر عند B3، مع نظرة مستقبلية مستقرة نتيجة تدفقات الودائع النقدية الخليجية، حيث تراجع الاحتياطى النقدى للشهر الثالث على التوالي، من 20.5 مليار دولار إلى 16.3 مليار دولار.
لا تملك الحكومة أي شيء، وفوائد الديون ارتفعت إلى 27 مليار دولار، وعلى الرغم من هذا التضخم الجنوني والبطالة المتزايدة، مازالت المدرسة النقدية القديمة المتحكمة والراسمة للاقتصاد والمصممة على اتباع خطوات وأدوات متناقضة، تدعو إلى الدهشة والشك، مثل خفض الفائدة وخفض الجنيه مقابل الدولار، فالحل ليس فقط في الإيرادات الضريبية، أو التعديلات الضريبية، أو ضريبة القيمة المضافة، بل بالقضاء على الفساد الأخطبوطي والعنكبوتي المتشعب في الاقتصاد الوطني، ومؤسسات الدولة وأجهزتها، فهناك فرق بين أن يتعدّى الدين العام الناتج المحلي، وأن يتعدى الدين العام ما تمتلكه الدولة من أصول.
ما نخشاه، ونحن في غفلة من الأمر، وانشغال الجمهور بالوضع الداخلي المصري، أن تخرج علينا وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، في تقرير لها، فتقول إن نظرتها المستقبلية للبنوك المصرية سلبية، وتصنف الوكالة الديون السيادية المصرية، مرة أخرى، عند مستوى Caa1 الذي يشير إلى مخاطر شديدة، موضحة أن أحد أسباب تصنيفها يرجع إلى انكشاف البنوك المرتفع والمتزايد على ديون الحكومة المصرية المصنفة عند Caa1 ، ما يربط ملاءة النظام المصرفي بخطر العجز عن سداد الديون السيادية، متوقعة (الوكالة) أن يزيد انكشاف البنوك على أوراق الدين الحكومية فترة قد تزيد عن 16 شهرا، وأن تتدهور مقاييس جودة أصول البنوك، مع إعادة هيكلة قروض المؤسسات، فالوكالة أصبحت على يقين بأن الحكومة المصرية فشلت في الحد من مخاطر الدين العام، وفي وضع خطة عاجلة للتخفيف من أعبائه، إضافة إلى التوسع من دون ضوابط إلى الإقتراض المحلي، فالعجز المتفاقم فى ميزان المدفوعات قد يتعدّى المعايير الاقتصادية المتفق عليها، على النحو الذي يؤدي، بالفعل، إلى تآكل الإحتياطي النقدي في البنك المركزي، ووصوله إلى مستويات الخطر، ما يجعل مخاطر التخلف عن السداد في تزايد.
وصول الاحتياطي إلى مستوى 16.3 مليار دولار سيجعل وكالات التصنيف في العالم تضع الاقتصاد المصري تحت المراقبة في الفترة المقبلة، فالمساعدات، وخصوصاً الخليجية ما هي إلا مسكنات مؤقتة، وبالتالي، سيكون لتآكل الاحتياطي النقدي بسبب استيراد الغذاء من الخارج عواقبه الوخيمة، ما يجعل مصر على أعتاب مرحلة الدول المتعثرة، وفق التصنيفات الائتمانية العالمية، خصوصاً إذا عرفنا أن الاحتياطي النقدي أضحى يغطى نحو أربعة أشهر من احتياجات مصر الأساسية.
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)