السلطة النقدية في مصر

السلطة النقدية في مصر

21 ابريل 2019
+ الخط -
على الرغم من معدلات التضخم المرتفعة، تتبع السلطة النقدية في مصر سياسة "عندما تنخفض أسعار الفائدة، تزداد كمية النقود المعروضة للتداول، وبالتالي يزداد حجم السيولة النقدية التي تكون في حوزة الأشخاص، وهذا يؤدي إلى زيادة الميل للاستهلاك وانخفاض الميل للادخار، ومع انخفاض أسعار الفائدة وزيادة الميل للاستهلاك، فإن المشروعات القائمة ترفع مستويات التشغيل، وتظهر استثمارات جديدة، وذلك عندما يقوم رجال الأعمال بالحصول على قروض بأسعار فائدة منخفضة لتمويل مشروعات إنتاجية قائمة وجديدة بسبب الميل للاستهلاك"، متناسين، أولا، أن الزيادة في الطلب الفعلي نتيجة زيادة كمية النقود وانخفاض أسعار الفائدة قد سبقت أو تفوق الزيادة في الإنتاج، أي بمعنى أن مرونة عرض عناصر الإنتاج قد تكون مساوية الصفر، وهي الحالة التي أصبحت فيها الأجهزة الإنتاجية والموارد الاقتصادية التي تمتلكها الدولة في وضع تشغيل كامل، ليس نتيجة محدودية الموارد وحدها، بل أيضا لوجود خلل في هيكل الاقتصاد الصناعي والإنتاجي، وخلل في الطبيعة الهيكلية للتخصص في إنتاج المواد الأولية، وجمود الجهاز المالي للحكومة، فضلاً عن قصور في طبيعة عملية التنمية وما تولده من اختلالات، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حيث توصف هذه الحالة بالتضخم الحقيقي (الطلب الكلـي علـى الـسلع والخدمات في الاقتصاد يفوق المقدرة الحالية للطاقات الإنتاجية)، وهذا هو ما يحدث الآن في مصر.
ثانيا، العلاقة بين الطلب الكلي والعرض الكلي، تتوقف أيضا على خطط الإنفاق القومي وخطط الإنتاج القـومي، أي أنهـا تتوقف على خطط الاستثمار والادخار المحقق في الاقتصاد، وأن قرارات الاستثمار يتخذها رجـال الأعمـال وأصحاب المشروعات الاستثمارية بناء على دوافع ورغبات تمليها عليهم مصالحهم المادية ممثلة بتحقيق عائد كبير من استثماراتهم، وليس بناء على دوافع ورغبات الدولة، والتي تختلف بدورها عن الحوافز التي تـدفع الأفـراد للادخـار فـي الأوعية الادخاريـة.
ثالثا، تناسوا أن عدم التساوي بين الاستثمار المخطط والادخار المخطط يؤدي إلى حدوث تغيرات في مستويات الأسعار، حيث إن زيادة الاستثمار المخطط عن الادخار المحقق، تعني أن الطلب على السلع النهائية أو النـصف مصنعة الداخلة في الإنتاج وغيرها من عناصر الإنتاج تفوق الكمية المعروضة منها، والذي يؤدي بدوره إلى رفع مستويات الأسعار.
رابعا، تناسوا، عند حديثهم عن التضخم، أنه يجب التمييز بين أسواق السلع وأسواق عوامل الإنتاج، وأن الضغط النقدي التضخمي، ينشأ في أسـواق الـسلع (التضخم السلعي والتضخم الرأسمالي) أو أسـواق عوامل الإنتاج (التضخم الربحي والتضخم الداخلي)، أو في السوقين معا، وذلك عندما يكون هناك فائض طلب نقدي في أحدهما أو في كليهما معاً.
خامسا، تناسوا أنه من خلال قياس الفجوة التضخمية باستخدام معيار معامل الاستقرار النقدي، يشير إلى استمرار اختلال علاقة النمو بين معدل النمو السنوي لحجم السيولة المحلية والناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، نتيجة استمرار ارتفاع معدل النمو السنوي لحجم السيولة عن معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهو ما يعكس استمرار الارتفاع في قيمة الفجوة التضخمية المحتسبة، حيث يعتمد على هذا المعيار كمقياس للدلالة على حدوث ارتفاع في مستويات الأسعار المحلية على حساب حجم ونـسبة الإفراط النقدي، أي حساب كمية النقود الزائدة عن المستوى الأمثل اللازمة للمحافظـة علـى ثبات مستويات الأسعار.
ارتفاع الإفراط النقدي لسنة 2018 بهذه النسبة يعني أن هناك قـوة شرائية زائدة في السوق لا تقابلها زيادة في حجم العرض الحقيقي من السلع والخدمات تؤدي إلى دفـع الأسـعار المحلية نحو الارتفاع، فما تقديركم لحجم ونسبة الإفراط النقدي لو تم تطبيق هذا المعيار على سنة 2019؟
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)