عن أوجه الشبه بين الدماغ وأجهزة الكومبيوتر

عن أوجه الشبه بين الدماغ وأجهزة الكومبيوتر

03 يوليو 2015
هل قدرات العقل مشابهة لقدرات الحواسيب؟ (Getty)
+ الخط -
مع السعة المحدودة لأجهزة الكمبيوتر والشرائح الإلكترونية الأكثر تطوراً، قد نتساءل عن إمكانية أن يمتلئ الدماغ حتى الحد الأقصى، وبالتالي عما إذا كان هناك من حدٍ معين لقدرة الدماغ على الحفظ والتخزين؟

على مدار اليوم، يتعرض دماغنا لطفرة من المعلومات والأحداث والذكريات الجديدة. بعضها يسقط على الفور، لكن البعض الآخر يجد طريقه إلى التخزين، إلى جانب المعلومات والذكريات المطبوعة في ذاكرتنا كالقبلة الأولى، وأصدقاء الطفولة، الكتب والأغاني المفضلة، أرقام الهاتف
والبنك، المعلومات العامة وغيرها. لكن هل هكذا تسير الأمور فعلياً، وهل يمكن أن يفقد الدماغ سعته كما شريحة الذاكرة (memory card) مثلاً؟

يؤكد العلماء أن الذكريات لا تحتل خلية معينة من الدماغ، بحيث أننا نخسر هذه الخلية مع كل حدث نخزنه. بل على العكس، عادة ما يتم ترميز الذكريات في "ملفات" أو بالأحرى أنماط عصبية عبر خلايا متصلة ببعضها البعض. أما قدرة الدماغ على ابتكار أنماط جديدة متماسكة فلا حدود لها، وبالتالي لا حدود لتخزين الذكريات. إلا أن الذكريات لا تبقى هي نفسها دائماً، بل أنها تخضع للتهجين والتداخل في حال كانت متطابقة أو متشابهة أو تحفز نشاط المخ بالطريقة عينها. على سبيل المثل، إن كنت تتعلم اللغتين الإسبانية والبرتغالية في الوقت عينه، ستشعر أن بعض المفردات تتداخل لتشابهها. والسبب لا يعود إلى أن دماغك لم يعد يملك المساحة الكافية لتخزين المعلومات، بل انه يقوم ببساطة بفرز المعلومات المكتسبة حديثاً وتهجينها.

إقرأ أيضاً: لماذا تغيّر تطبيق "سيري"؟

في المقابل، هناك نوع مختلف من الذاكرة لدينا، هي الذاكرة القصيرة الأجل. وهذه قد تمتلىء فعلياً إلى حدها الأقصى، بحيث نصبح عرضة للنسيان بشكل أسرع. ربما ننسى اسم الشخص الذي تعرفنا عليه للتو، أو نفقد الفكرة التي كانت لدينا قبل أن نتلقى مكالمة هاتفية.

في إحدى التجارب، طلب باحثون من مجموعة من الأشخاص تذكر بعض الأحرف العشوائية التي لا معنى لها، فتذكر معظمهم سبعة أحرف كحد أقصى، لكن حين طُلب إليهم تذكر أحرف مرمزة، مثل الـCIA أو الـFBI أو الـKGB، تمكنوا من تذكر الأحرف التسعة لأنها تملك
معاني مترابطة. فمن خلال تجميع المعلومات المترابطة والمتطابقة وفرزها معاً تصبح الذكريات أكثر رسوخاً، ونتمكن من توسيع عدد المفاهيم والأنماط التي يمكننا تذكرها والتحكم بها عقلياً. وعادة ما يتعامل الدماغ مع المعلومات من خلال تقييمها، ومن ثم تصنيفها ضمن قطاعات ونماذج ترافقنا منذ ولادتنا.

في المقابل، يمكن القول إن النسيان هو جزء مهم من هذه العملية، إذ يؤكد الباحثون أن أدمغتنا ليست مصممة لتخزين كمية لا حصر لها من المعلومات. وقد أظهرت الدراسات السلوكية أن تعلم أي شيء جديد يمكن أن يعزز النسيان. وفي هذا الأمر ميزة، إذ أن المعلومات القديمة قد تتداخل مع أحداث ومعلومات مفيدة، وبالتالي يصبح من الأفضل نسيانها إن لم تك ذات قيمة. فمن الأفضل مثلاً تذكر مضمون المقال الذي قرأته بدلاً من تفاصيل الإعلان المغري إلى جانبه.


إقرأ أيضاً: دبي ستبني أول مبنى إداري بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد

المساهمون