شذرات المهدي المنجرة

23 يونيو 2014
خط منير الشعراني / سوريا
+ الخط -

لن أعتبر نفسي أبداً حرّاً ما دامت فلسطين محتلة.

*

ما دامت الحروب أصبحت هي التعبير عن الإستعلاء الثقافي، فإن الذل الثقافي هو الإسم الجديد للسلام اليوم.
 
*

تشكّل الثقافات أساس وعماد البذرة الوراثية للسلام، ليس ثمة من ثقافة تولد أصلاً عدوانية أو لتصارع ثقافة أخرى.

*

العالم العربي مشترك في تجربة "عربسات" مثلاً، وهو يعتقد أن اكتساب العلم والتكنولوجيا يتم بتحرير شيكين، الأول لشركة أوروبية، والشيك الآخر لشركة أمريكية صنعت إحدى آلات "عربسات"، لكن لم يتم تخصيص فلس واحد للبحث العلمي على مستوى العالم العربي لتفهم العلوم الجديدة في مجال الاتصالات، ولاستخدام هذه الآلات لتكوين بشر على الطريقة العصرية الجديدة. المسألة مسألة تفاخر، فالعرب يذهبون لشراء "عربسات" مثلما تذهب لشراء لعبة لابنتك أو ابنك.
 
*

لقد خصّصت في سنة 1991 جائزة للتواصل الثقافي فيما بين الشمال والجنوب، وقد حاولت خلال كل سنة أن أجد في الشمال من قام بأكبر مجهود لجعل الجنوب أقرب إلى أفهام وأذهان الشمال، والعكس بالعكس. لكنني قررت تحويل هذه الجائزة وتخصيصها لما هو أكثر استعجالية من غيره: أي أن يتعلم أناس الجنوب كيف يدافعون عن كرامتهم. إن الجائزة تغير اسمها هذه السنة لكي تصير جائزة "الدفاع عن الكرامة"، وسيحصل عليها الأشخاص الذين عملوا أكثر من غيرهم على الوقوف في وجه الإهانة والامتهان، ونحن أناس العالم الثالث والعالم العربي الإسلامي نتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية في ما يحـدث لنا.

*

لا بد من تحقيق قفزة نوعية للحوار والتفاهم مع الآخر؛ لأن التواصل الحضاري ليس إلا احترام الآخر، والبحث عن سبل تفادي الصدام الحضاري مع هذا الآخر، في الوقت الذي شهد -ويشهد- فيه عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر اليوم أكبر حركة لتسويق الرشوة الحضارية في تاريخه، وقد أصبحت المجتمعات المدنية مجتمعات استخباراتية، وأصبحت العلاقات الدولية علاقات استخباراتية كذلك.

*

الذلّ الأكبر، في نهاية المطاف، حين لا نعود عارفين لمعنى الذل.

*

إن القوى العظمى في العالم، والولايات المتحدة على رأسها، تهين شعوب العالم الثالث، وحكامها الذين يتقبلونها دون اعتراض يذكر، قبل أن يهينوا بدورهم شعوبهم.

هذه الشعوب تتلقى إذن إهانة مزدوجة، تنضاف إليها إهانة ثالثة عندما يمتنع المرء عن إبداء أية ردة فعل.

يحق لنا على هذا الأساس أن نتحدث عن ثقافة الإهانة، أي عن النظام السياسي-الثقافي الذي يستغل انعدام المساواة في معادلات القوة بالداخل كما بالخارج.

*

إن "العولمة" في السياسة الدولية المعاصرة تتطلب الهيمنة لتسهيل عملية التجانس ووضع نظام جديد للطبقات المغلقة، وذلك على مختلف الدرجات، حيث يمكن لـ"قوة الأغنياء" ولـ"قوة المحرومين" أن تتواصلا وفق قواعد محددة من جانب واحد من أجل "مصلحة" الجميع.

ومن بين المآسي التي تصيب العالم الثالث، كون جزء من نخبته، تتسع قاعدته أكثر فأكثر، أصبح معروضاً "في السوق" وخاضعاً لإغراء هاته العروض.

*

إن الاستعمار القديم كان يحظى على الأقل بامتياز الشفافية. إذ كنت تجد محتلاً وساكنة خاضعة للاحتلال، ساكنة مرهوبة أمام الأجانب، كنت تجد زراعة واقتصاداً مخصصين لحاجيات أقلية متواجدة في ما وراء البحار. وباختصار كان هناك إخضاع مفتوح بدون أقنعة. واليوم، أصبحت الأشياء مع ما حدث بعد الاستعمار، أكثر تعقيداً. فالأمر يتعلق "بتجمع" يتواطأ فيه المستعمرون القدامى مع المستغلين العالميين الجدد.

*

مفهوم "العولمة" مفهوم جذاب وغني، لقد كان موضوع استعمال سيميائي مبالغ فيه بشكل مخادع، وإن إعادة امتلاكه تتطلب قسراً: "إعادة عولمة" العولمة.

*

هل هناك بلد عربي فيه وزارة للثقافة حقيقية؟ الجواب، طبعاً، لا. فوزير الثقافة في أكثر البلدان العربية هو السفير الأمريكي أو السفير الإنكليزي أو السفير الفرنسي.

*

إن أزمتنا الحقيقية تكمن في نخبتنا السياسية، التي تعيش الخوف من شعوبها، فتدفع بها إلى إضاعة قيمها. وإذا ظلت هذه العوامل فإننا لن نستطيع امتلاك رؤية توجه حاضرنا وتقرّر مصيرنا المستقبلي. بل إن غياب هذه الرؤية قد لا يسمح لنا بفهم ماضينا واستجلاء خصوصياته ومقوماته التي عمل الاستعمار ما أمكن ليدفنها كي نعيش بماضيه، بعد أن صرنا نعيش بحاضره.

*

إن الجهل والنسيان أو تهميش حقوق الإنسان تشكل الأسباب الوحيدة للبؤس الاجتماعي وارتشاء الحكومات

*

الأزمة الكبيرة التي تعيشها دول العالم الثالث هي أنها تعيش بدون رؤية مستقبلية، فإذا لم تكن لك رؤية محددة فلا يمكن أن تكون لديك إستراتيجية لتنمية شمولية، وفي غياب أي إستراتيجية لتنمية شمولية لن تكون لك سياسة بمفهومها العام، وبالتالي لن تكون لديك برامج تطبيقية. وهو الشيء الذي نعيشه نحن، لأن الرؤية المستقبلية للمغرب يرسمها الأجانب، ما جعل مستقبلنا هو الآخر مستعمراً، فالمغرب يُباع اليوم في المزاد العلني؛ بِيْع كل شيء الماء والكهرباء والهاتف وكل الأشياء الحساسة في البلد، والأخطر هو أن هذه الأموال لم توظّف في استثمارات حقيقية، بل ذهب جزء منها رشوة، وحوّل الجزء الآخر إلى ميزانية رفع أجور الموظفين السامين ليظل المغرب حسب الإحصائيات بلد الجوع.

*

الدول المتخلفة هي التي لها فنانوها، وتعيش بدون فن.

المساهمون