سلاح العقوبات النفطية...كارثة على الشماليين ولا أثر على الجيش

سلاح العقوبات النفطية...كارثة على المواطنين الشماليين ولا أثر على الجيش

07 سبتمبر 2017
قطع النفط سيجبر السكان على دفع الحافلات(إد جونز/فرانس برس)
+ الخط -
يرى خبراء أن فرض عقوبات على واردات بيونغ يانغ النفطية قد يكون له تأثير كارثي على الكوريين الشماليين، وقد يوجه ضربة قاضية للنظام الحاكم، لكن إقناع بكين بفرض هذا النوع من العقوبات لن يكون أمراً سهلاً.
ويعود الحديث عن فرض عقوبات على الواردات النفطية الكورية الشمالية، فيما يدرس مجلس الأمن اتخاذ إجراءات جديدة بحق بيونغ يانغ، بعد تجربتها النووية السادسة، الأحد الماضي، والتي أثارت عاصفة من الاستنكار الدولي. وتعتمد كوريا الشمالية، بشكل كبير، على الواردات النفطية لتأمين حاجتها من الطاقة، إذ إن مخزونها النفطي قليل جداً.

وتعدّ الصين الشريك التجاري الأول لكوريا الشمالية، وفيها تصبّ 90 في المائة من صادرات بيونغ يانغ. وليس معلوماً حجم الصادرات الصينية من النفط الخام إلى كوريا الشمالية، فقد توقفت بكين، منذ عام 2014، عن نشر أرقام رسمية بهذا الشأن. وتقدّر وكالة إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن كوريا الشمالية تستورد 10 آلاف برميل من النفط الخام يومياً، معظمها من الصين. وتدفع بيونغ يانغ ثمن هذه الواردات النفطية الخام 180 مليون دولار في العام، إذ إن سعر البرميل 50 دولاراً. إضافة إلى ذلك، استوردت كوريا الشمالية في عام 2016 منتجات نفطية مكرّرة بقيمة 115 مليون دولار، من ضمنها البنزين ووقود الطائرات، بحسب الأرقام الصادرة عن المركز الدولي للتجارة، وهو هيئة تابعة لمنظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة. وتقدّر قيمة الصادرات الروسية من النفط المكرر إلى كوريا الشمالية بمليون و700 ألف دولار.

ويرى خبراء في معهد "نوتيليس" الأميركي للأبحاث، أن منع بيونغ يانغ من استيراد النفط قد يكون ذا أثر كارثي على الكوريين الشماليين. وأوضح المعهد، في تقرير له، أنه "سيتعيّن على السكان أن يمشوا، وأن يدفعوا الحافلات بدلا من أن يجلسوا بداخلها". وأشار إلى أن التيار الكهربائي سينقطع عن المنازل بسبب النقص الذي سيحصل في مادة الكيروسين. ويرى الباحثون أن الحظر من شأنه أن يزيد من وتيرة قطع الأشجار لاستخدامها كمصدر للطاقة، وسيزيد ذلك من حدّة "عوامل التعرية والفيضانات والجوع". لكن ذلك لن يؤثر على الجيش بشكل مباشر؛ فكوريا الشمالية تتبع مبدأ "الجيش أولاً" الذي سيجعلها تحرم المدنيين من حصصهم النفطية لتحافظ على تزويد الجيش بما يحتاجه. ولذا لن يكون لهذا النوع من العقوبات أثر كبير في المدى القريب. ويملك الجيش، الذي يستخدم ثلث الصادرات النفطية، احتياطيات قد تكفيه لأكثر من عام في وقت السلم، وشهراً في حال وقوع حرب، وفق الباحثين. ويرى السفير السابق لكوريا الجنوبية في الأمم المتحدة، أوه جون، أن منع كوريا الشمالية من استيراد النفط قد يشكل ضربة "قاضية" للنظام. ويقول "لكن الحصول على ضوء أخضر من الصين بهذا الِشأن لن يكون سهلاً".

وقال دبلوماسيون إن واشنطن تأمل أن تستهدف العقوبات النفط، وأيضاً السياحة والعمال الكوريين الشماليين في الخارج الذين يؤمّنون مصدر دخل كبير لبيونغ يانغ. ودعا الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي إن، إلى درس خيار العقوبات النفطية بجديّة، وهو خيار يؤيده أيضاً رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي. لكن يبقى من الضروري إقناع الصين، علما أن روسيا وصفت أي حزمة جديدة من العقوبات بأنها "غير مجدية وغير فعّالة". ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (أيريس)، جان فنسان بيرسيه، "في حال قُطع النفط، سيسقط النظام". لكن بكين تتخوف كثيراً من هذا الاحتمال، موضحاً أن "الصين تشعر بالقلق من توحيد شطري كوريا" الذي سيؤدي إلى تدفق اللاجئين، ووجود أميركي عسكري على حدودها. ويقول المسؤول السابق في وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، كيم سونغ هان، إن "سقوط نظام كوريا الشمالية يعني أن الصين ستكون تخلّت عن الرغبة بوجود كوريا الشمالية كدولة عازلة". ويرى أن الطريقة الوحيدة لجعل بكين توافق على هذه العقوبات هي تهديد مصالحها، ولاسيما من خلال فرض عقوبات أميركية على شركات صينية تعمل مع كوريا الشمالية. ويضيف "لن تفكّر الصين (في الموافقة على العقوبات) إلا إن وضعتها الولايات المتحدة في طريق مسدود". وسيثير ذلك، إن حدث فعلاً، غضب بيونغ يانغ التي "قد تبدي مقاومة شديدة" وفقاً لسونغ هان، الذي يحذر من أنه "لا شك أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية سيتدهور حينها".
(فرانس برس)