ذكرى مذبحة الدفاع الجوي.. ممرّات الموت

ذكرى مذبحة الدفاع الجوي.. ممرّات الموت

09 فبراير 2017
(تصوير: سامر عبد الله)
+ الخط -

"أكره أن أحزن في كل مرة أكثر من سابقتها رغم اعتيادنا الوجع حد الملل، لكن حكمة لا يعلمها غير الله وراء استمرار قدرتي على الحزن والبكاء". بهذه الكلمات وصفت أسماء مصطفى مشاعرها في الذكرى الثانية لمذبحة الدفاع الجوي، التي راح ضحيتها 20 من مشجعي نادي الزمالك.


كيف تحول الفرح إلى جنازة؟
قد يبدو أن حضور الجماهير إلى الاستاد لمشاهدة مباراة كرة قدم حدثًا عاديًا في كل البلدان، لكنه ليس كذلك في مصر؛ فمنذ مذبحة بورسعيد، التي راح ضحيتها 72 من مشجعي النادي الأهلي، تقام المباريات دون جمهور.

بعد ثلاثة أعوام من غياب الجماهير عن مدرجاتها، صدر قرار بالسماح بحضورهم. كانت مباراة الزمالك وإنبي، المزمع إقامتها في الثامنة من مساء 8 شباط/ فبراير 2015، هي أول مباراة ستحضرها الجماهير.

قبل موعد المباراة بقرابة أربع 4 ساعات، حضر آلاف المشجعين المتحمسين إلى استاد الدفاع الجوي في التجمع الخامس بالقاهرة، ليفاجَؤوا بوجود عشرات المدرعات ومئات من جنود الأمن وإغلاق كافة أبواب الاستاد، باستثناء باب واحد، كان اجتيازه يتطلب المرور من قفص حديدي ضيق، سيسمى في ما بعد "ممر الموت".

موعد المباراة يقترب، والجماهير لم تدخل إلى الاستاد؛ يقفون أمامه بعضهم محشور في قفص حديدي والبعض الآخر يكافح ليقترب من القفص ظنًا منه أنه يقترب من المدرج. الأجواء تزداد توترًا بمرور الوقت، وقوات الأمن ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور يتعنتون في دخول الجماهير.

تحدث مناوشات فتطلق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على آلاف المشجعين المحاصرين في مساحة ضيقة، فيبدأ التدافع، وينتهي الأمر بسقوط 20 قتيلًا. قال تقرير مصلحة الطب الشرعي إنهم توفوا نتيجة الاختناق بالغاز، ثم تراجعت عن هذه الرواية وقالت إن سبب الوفاة "التدافع".


الضحية في قفص الاتهام
لا يخفى على متابع حالة العداء الشديدة بين رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور ورابطة مشجعي النادي "Ultras White Knights"، وهو ما دفعه إلى تهديدهم قبل المباراة بعبارات من قبيل "أنا محضر مفاجأة لجمهور الزمالك"، "أنا قولت لوزير الداخلية دوس عليهم"، "لو جيت استلمت ابنك جثة إوعى تعيط"، "العيال دي مكانها يا السجون يا القبور".

كان من المنطقي أن يكون منصور أحد المتهمين في القضية، وأن يتم مساءلة القيادات الأمنية التي أدارت المشهد في ذلك اليوم، لكن العكس هو ما حدث؛ حيث ألقي القبض على مجموعة من شباب "Ultras White Knights" وعلى رأسهم "كابو" الرابطة سيد مشاغب، بتهمة التسبب في مقتل 20 من زملائهم في حب الزمالك.


ذكريات المذبحة
أصدرت رابطة Ultras White Knights بيانًا، قبل ساعات من الذكرى الثانية للمذبحة، لتعلن فيه إلغاء الفعاليات التي كان من المزمع إقامتها إحياءً لذكرى الضحايا. قرار الرابطة، بحسب البيان، جاء بعدما تعرض بعض أفرادها للاعتقال والمطاردة، وبعدما تم مساومتهم بأعضاء الرابطة المعتقلين.

عشاق الزمالك وعدد من النشطاء والمتعاطفون مع الضحايا، أبوا أن تمر الذكرى الثانية للمذبحة بصمت، فبدأوا بمشاركة صورها وذكرياتهم عنها. من أبرز هذه المشاركات، منشور لرابطة مشجعي الفريق يقول إن هناك "أنباء عن سقوط شهداء" أمام استاد الدفاع الجوي.

مشجعة الزمالك أسماء مصطفى، روت لـ"جيل" ذكرياتها عن المذبحة قائلة: "كانت المشاعر الأولى التي سيطرت عليّ هي الإنكار؛ كنت في حالة إنكار كاملة، وحتى عندما بدأت أستوعب أن ما يحدث حقيقة، لم أكن أعتقد أن عدد الضحايا كبير هكذا. جماهير الزمالك معروفة بولائها الشديد للنادي، وكانت فَرِحة جدًا ومتشوقة لحضور المباراة بعد سنوات الحرمان، والطريقة التي تم التعامل بها معهم هي مستوى غير مسبوق من الفُجر".

تضيف: "ما زلت مصدومة، رغم مرور عامين على مذبحة، ولا أعتقد أن هناك حدث أثر فيّ نفسيًا مثل مذبحتي بورسعيد والدفاع الجوي، نظرًا لمستوى الغدر غير المسبوق فيهما".

ويقول هشام زيان، أحد مشجعي الزمالك وصديق شريف الفقي الذي قتل خلال الأحداث: "عندما سمعت بما يحدث، شعرت بضيق رهيب وكنت أتمنى أن يكون الأمر مجرد إشاعة، وعندما تأكدت من وقوع ضحايا أحسست أن من يُقتل هم إخوتي وتمنيت لو كنت معهم".

يتابع: "شعرت بالقهر عندما وجدت تعليق لأم على صفحة الوايت نايتس تقول فيه "طمنوني بالله عليكم ابني هناك". وكلما كان عدد الشهداء يرتفع، كلما كان شعوري بالكراهية تجاه مرتضى منصور والداخلية يزيد. حين أدركت حجم المأساة الحقيقي فقدت السيطرة على أعصابي وبكيت بشدة".

 

المساهمون