خيارات إيران للرد على اغتيال سليماني: حشد حلفاء وهرمز وهجمات إلكترونية

03 يناير 2020
طهران تتوعّد بالرد على اغتيال سليماني (عطا كنار/فرانس برس)
+ الخط -
كثيرة هي الخيارات المتاحة لإيران للرد على الاغتيال الأميركي للجنرال قاسم سليماني في بغداد، وتتراوح من تعبئة حلفائها في العراق، إلى القيام بعمليات في مضيق هرمز، مروراً بهجمات إلكترونية. 

وبعد عدة حوادث بين إيرانيين وأميركيين، وتسارع الأزمة بصورة مفاجئة، يشير الخبراء إلى عدة خيارات، دون أن يتخيّل أحد أن اغتيال الجنرال سليماني، القيادي المحوري للنظام الإيراني، سيمرّ دون عقاب.

وأكدت طهران الجمعة أنها ستنتقم لسليماني "في التوقيت والمكان المناسبين". بيد أن هيكو ويمين، مسؤول منظمة الأزمات الدولية للعراق وسورية ولبنان، أوضح أن "هناك طيفاً واسعاً من الردود الممكنة، لكن لا تنطوي جميعها على عمل عسكري أو عنيف".

وأضاف: "كلا المعسكرين لا يريدان الحرب، وكلاهما لا يرى فيها مكسباً. الخطر يكمن في وجودهما في مواجهة مباشرة، وكل منهما يأمل تراجع الآخر. وإذا لم يتراجع أي منهما، يمكن أن يؤول الأمر إلى كارثة".

اشتعال الساحة العراقية

يتوقع أن يكون العراق، حيث تتمتع إيران بداعمين كثر، في قلب الردود الأولى، وذلك من خلال المجموعات المسلحة التابعة لطهران أو المتعاطفين معها.

ويرى الخبير في الشأن الإيراني في معهد الشرق الأوسط بواشنطن أليكس فاتانكا أن "العراق سيصبح أول ميادين المعركة (..) وسيكون هناك ضغط كبير على الوجود العسكري في العراق"، مذكراً بأن الأميركيين سيخسرون كثيراً في المستوى الاستراتيجي إذا اضطروا للانسحاب من العراق.

ودعا قادة الفصائل المؤيدة لطهران في بغداد مقاتليهم إلى "أن يكونوا على أهبة الاستعداد". 

وأعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن إعادة تفعيل "جيش المهدي" الذي حلّه قبل عقد من الزمن، بعد أن شكّل صداعاً للمحتل الأميركي في العراق.

كذلك يمكن تنفيذ عمليات ضد الأميركيين في لبنان، وربما اليمن وسورية، حيث تنشط إيران عبر مجموعات مؤيدة لها، مثل "حزب الله" اللبناني والحوثيين في اليمن.

نفط مضيق هرمز

واتهمت إيران مراراً في 2019 بتلغيم ناقلات نفط قبالة المملكة السعودية والإمارات، ثم بمهاجمة سفن أخرى قرب مضيق هرمز، المعبر المائي المهم. 

ويشتبه أيضاً في وقوف إيران وراء الهجوم المشهود على منشآت نفطية سعودية في البقيق وخريص، الذي كان له تأثير كبير.

وتساءل جان شارل بريزار، رئيس مركز تحاليل الإرهاب في باريس: "أثبتت إيران أنه يمكنها ضرب سفن وتعطيلها، فهل يمكن تخيل حصار؟" عليها.

وأعلنت الدول الغربية عدة عمليات لتأمين النقل في هذه المنطقة التي تشهد انتشاراً عسكرياً كثيفاً.

هجوم إلكتروني 


وقال دان كوتس، مدير وكالة المخابرات الوطنية (المشرفة على مختلف أجهزة المخابرات الأميركية) في كانون الثاني/ يناير 2019 أمام مجلس الشيوخ: "تحاول إيران حيازة قدرات شن هجوم إلكتروني يتيح لها مهاجمة بنى تحتية رئيسية لدى الولايات المتحدة وحلفائها".

ويجمع الخبراء على أن إيران لاعب كبير في المشهد الإلكتروني العالمي. 

وأوضح لويد غيزو، الأمين العام لمجمع المهنيين الفرنسيين المختصين في الأمن والإعلام: "شكّل الإيرانيون "جيشاً إلكترونياً" بايع مرشد الجمهورية (علي خامنئي)، مع أنه ليس هيكلاً رسمياً".

وأضاف "تركّز عملياتهم أكثر على البنى التحتية من النوع الصناعي، وهم يثيرون الخوف نسبياً في هذا المستوى (مع إمكانية مهاجمة) سدود في الولايات المتحدة، أو تسلل لأنظمة إنتاج الطاقة الأميركية وغيرها".

واشتبه في تسلل الإيرانيين في 2013 إلى النظام المعلوماتي لسد صغير قرب نيويورك.

ماذا عن الملف النووي؟

من هنا بدأ كل شيء. ومنذ مايو/ أيار 2019، تخلّت إيران عن سلسلة من التعهدات التي قطعتها في الاتفاق النووي الدولي لعام 2015، وذلك رداً على انسحاب واشنطن في 2018 من الاتفاق، وفرضها عقوبات مشددة على طهران تخنق اقتصادها.

والمرحلة المقبلة مرتقبة يوم الاثنين المقبل، مع احتمال إعلان طهران عن قرارات جديدة تقرب نهاية اتفاق 2015، على غرار إعادة تشغيل منشآت محظورة أو تجاوز عتبة جديدة في تخصيب اليورانيوم.

ودعت فرنسا في هذا الصدد، الجمعة، إيران إلى تفادي "أزمة انتشار نووي عميقة".

لا أحد يريد حرباً مباشرة

ويرى أليكس فاتانكا أن سليماني كان شخصية مهمة، واغتياله "يتطلّب خطاب انتقام مكثف" من إيران، لكن لا واشنطن ولا طهران ترغبان في مواجهة كبرى تقليدية وعنيفة.

وأضاف المحلل أنه سبق أن قتل قادة آخرون و"لم يتم الانتقام لهم أبداً حقيقة".

وتابع أن النظام الإيراني لديه صعوبات كبيرة داخلية، ولا يملك أدنى فرصة في كسب حرب بهذا الحجم، مضيفاً أن "خوض الحرب يكون وفق الإمكانات (..) ولا أراهم (الإيرانيون) يخطئون في تقدير إمكاناتهم".


(فرانس برس)