خمسون سنة على الثورة الفلسطينية المعاصرة

03 يناير 2015
تمسّك بدولة فلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية (Getty)
+ الخط -

بعد نصف قرن على انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في 1/1/1965، للفلسطينيين في الشتات الغربي آراؤهم بما وصلت إليه الثورة والأوضاع الفلسطينية بعد كل تلك العقود.

وفي محاولة فهم ما يدور بين الفلسطينيين والعرب في الشتات الغربي، وكيف يرى هؤلاء واقع الثورة الفلسطينية المعاصرة ومآلاتها، ووضع فلسطين عموماً، أجرت "العربي الجديد" استطلاعاً لآراء بعض الفلسطينيين والعرب المنتشرين في المهاجر الغربية.

القاسم المشترك بين هؤلاء هو ضرورة مراجعة الأوضاع والبرامج والأدوات، باعتبار أن الحالة الفلسطينية الآن هي "لا دولة ولا ثورة"، كما يقول لـ"العربي الجديد" الكاتب عدنان جابر من صوفيا، وهو أسير سابق ومبعَد، ويضيف: "نحن الآن لا ثورة ولا دولة، والانقسام الفلسطيني والسلطتان في غزة ورام الله كوميديا سوداء أكثر منها إنجازاً للشعب الفلسطيني".

من جهته، يرى الشاعر الفلسطيني إياد حياتلة، المقيم في اسكتلندا، أنه بعد نصف قرن من انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، تمرّ القضية "في حالة لا تحسد عليها، بعد أن تحوّلت مختلف فصائلها وسلطاتها إلى مجموعات متناحرة بالولاءات وبعيدة جداً عن فلسطين وشعبها والأهداف التي انطلقت من أجلها".

ويعترف حياتلة بأن اللاجئين الفلسطينيين "فقدوا ثقتهم بالثورة وفصائلها لما رأوه من عجز في مجاراة الحد الأدنى من تطلعاتهم، وأبرز مثال قد يكون ما يحصل للفلسطينيين في سورية على أيدي النظام والفصائل الموالية له وسكوت فصائل اليسار والسلطة عن هذا النظام الذي يقتل شعبهم".

أما الطالب الشاب سامي عدوان، المقيم في بريطانيا، فينظر لما حققته الثورة من أهداف، ويقول في هذا الصدد إنه "بعد خمسين عاماً من انطلاقة الثورة الفلسطينية بشكلها المسلّح والسياسي الوطني، يمكن القول إنها لا تزال بعيدة عن تحرير الارض وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية للجميع فوق أرض فلسطين التاريخية".

من جهته، يرى الكاتب والصحفي الفلسطيني ماجد كيالي، المقيم في نيويورك، أنه "منذ زمن بعيد بات سؤال البديل من أكثر الأسئلة إلحاحاً على الفلسطينيين، لا سيما من جيل الشباب الذين لم يعرفوا من التجربة الوطنية الفلسطينية المعاصرة سوى تجربة السلطة، بما لها وما عليها، وبكل ما اعتراها من شبهات الفساد السياسي والمسلكي"، مذكّراً "بأن تجربة المقاومة المسلحة، التي تشكّلت في الخارج، والتي تتكئ الفصائل السائدة عليها اليوم في الداخل، انتهت منذ ثلاثة عقود".

هذا الواقع يربطه كيالي بـ"انهيار المشروع الفلسطيني، كما جرى التعبير عنه في حلّ الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب تهرّب إسرائيل وقيامها بفرض واقع يحول من دون قيام دولة للفلسطينيين، إضافة إلى سبب فلسطيني آخر لتأكيد أهمية السؤال وهو يكمن في الارتهان إلى خيار واحد، هو التسوية، المتمثلة بحل الدولة، من دون استثمار أي عامل من عوامل الضغط لفرض هذا الخيار".

أما أميرة الحلبي، المقيمة في ألمانيا، فتجد ضرورة في قيام "ثورة شاملة على ترهل المنظمة بعيداً عن أوسلو، وأن يكون للشباب دورهم الرئيس في النضال الوطني الفلسطيني".

محمد الشهابي، المقيم في السويد، يرى أن أوضاع الفلسطينيين "أسوأ مما كانت عليه قبل انطلاقة الثورة المعاصرة ومبادرة بورقيبة وكامب ديفيد". ويعتبر أن الانقسامات السياسية جعلت من الفلسطينيين غير موحدين كشعب، مضيفاً: "منظمة التحرير انحسر تمثيلها لشعبها في الضفة الغربية، فحتى القدس لم تعد تمثلها، بل ليس للمنظمة فعل حقيقي خارج جدار الفصل العنصري، وما زلنا بعد نصف قرن من الثورة في حلقة مفرغة من اتفاقيات أوسلو التي لم تفد كثيراً".

أما الكاتب الفلسطيني-السوري حسين ديبان، من واشنطن، فهو غير متفائل بالواقع والمستقبل، بل يعتبر أن "العداد الإنتاجي والنضالي للثورة قد توقف منذ زمن بعيد". ولا يرى بأن الثورة الفلسطينية يمكن أن تستمر "طالما أن واقعها آل إلى ما هو عليه من تراجع يخبر عنه الواقع".

ولا يختلف موقف الشاب أحمد خطاب، المقيم في هولندا، عن موقف بقية الشباب الفلسطيني في المهاجر الغربية. فهو يعتبر أن الوضع الفلسطيني الحالي "أنتج فصائل وأحزاب ترفع كلها شعار تحرير فلسطين بينما تختلف على المصالح"، معرباً عن أسفه "لأن بعضها لا يجد حرجاً من التعايش مع الحركة الصهيونية".

كما يعبّر كلام فاطمة جابر أبو عيد، وهي الناشطة والمتطوعة الفلسطينية في شؤون اللاجئين في بلغاريا ودول أوروبية أخرى، عن واقع الثورة الفلسطينية بعد نصف قرن، عما يشعر به اللاجئون الفلسطينيون حول العالم، إذ تقول إن "هدف الثورة في بداية العام 1965 كان تحرير كامل التراب الفلسطيني وقيام دولة فلسطين"، متسائلة "أي انكفاء أصاب هذه الثورة وأهدافها؟ فتم اختزال المشروع الوطني بقيام دويلة فلسطينية على جزء من الأرض عبر السلطة الفلسطينية من دون سيادة فعلية ومن دون حل مشكلة اللاجئين".

أما الفلسطيني أحمد العايدي من كندا، فيختصر الوضع بالقول: "كمهاجر فلسطيني منذ أكثر من ستة عشر عاماً، لم أقابل أي مسؤول فلسطيني في هذه البلاد، ولا أعرف من يمثّلنا كفلسطينيين، فبعض النوادي والجمعيات تتبع السلطة وتقوم بنشاطات معينة"، مضيفاً "على الرغم من أن الجالية الفلسطينية كبيرة هنا وبحدود 20 ألف شخص يعملون كرؤساء أقسام في المستشفيات ورؤساء شركات، لكن ثقلنا الإعلامي ضعيف"، معيداً السبب إلى غياب ممثل للشعب الفلسطيني عن دوره التاريخي بين الفلسطينيين جميعاً.