عاد البرلمان اليمني إلى واجهة الحراك السياسي، مع تحضيرات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لإجراء انتخابات تكميلية للمقاعد الشاغرة. وهي الخطوة التي واجهتها الشرعية بالدعوة إلى انعقاد جلسة برلمانية في الأسبوع الأول من إبريل/نيسان الحالي، بعد أن تعثرت الجهود بشأنها، على مدى عامين تقريباً. وأكدت مصادر مطلعة في مجلس النواب اليمني لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات نشبت مجدداً داخل معسكر الشرعية حول من سيتولى رئاسة البرلمان، إذ من المقرر أن يختار في أول جلسة يعقدها قيادة جديدة، خلفاً للقيادة الحالية الخاضعة للحوثيين في صنعاء". وبحسب المصادر، إن "التوافق على تسمية أشخاص في رئاسة المجلس، حال دون عقد الجلسة".
وأشارت المصادر إلى أن "الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام، سلطان البركاني، غادر العاصمة السعودية الرياض، متجهاً إلى القاهرة، في ما يشبه الانسحاب، احتجاجاً على الأسماء التي اقترحها الرئيس عبدربه منصور هادي، لرئاسة البرلمان. وتشمل الأسماء اختيار عضو المجلس عبد الوهاب معوضة رئيساً للبرلمان، إلا أن جناح المؤتمر الذي يتمتع بالغالبية من الأعضاء رفض هذا الترشيح". وينذر هذا الأمر بتعثر إحياء البرلمان من قبل الشرعية مجدداً، ما لم يتم التوافق المسبق على تسمية رئيس البرلمان. في المقابل، يدفع مؤتمريون إلى تعيين البركاني بمنصب الرئيس.
ومنذ نحو الشهرين، دعا الحوثيون عبر اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء إلى الترشح في المقاعد البرلمانية الشاغرة، قبل أن تقرّ الشرعية رداً على الخطوة بإصدار قرار بنقل مقر اللجنة إلى عدن. وفي 28 مارس الماضي، أعلن الحوثيون إغلاق باب الانسحاب أمام المتقدمين للترشح، من دون تحديد موعد إجراء انتخابات. وتعليقاً على الخطوة، أفاد النائب البرلماني عبد الله سعد النعماني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "المطلوب أولاً من الانقلابيين رفع الإقامة الجبرية عن بقية النواب الذين لا يستطيعون مغادرة صنعاء، وثانياً تعويض جميع النواب الذين فُجّرت منازلهم وإعادة ممتلكاتهم". وأضاف أن "المجلس القائم تحكمه المبادرة الخليجية والقرارات الأممية الناتجة من ذلك، ولا يمكن إجراء انتخابات إلا بعد التصويت على الدستور الجديد، وفقاً للمبادرة الخليجية". كما قال إن "الحوثيين انقلبوا على الشرعية برمّتها، ويريدون شرعنة انقلابهم بهذا العمل، هم بنظر العالم انقلابيون، فكيف يريدون إجراء انتخابات؟".
واعتبر البرلماني شوقي القاضي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "لا معنى للخطوة التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي، في موضوع اللجنة العليا للانتخابات (النقل إلى عدن)، من دون الخطوة التالية المتمثلة في انعقاد البرلمان، لا سيما بعد اكتمال النصاب، عقب مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وانضمام عدد كبير من مؤيديه إلى الشرعية، إضافة إلى البرلمانيين في الخارج الذين فضلوا الصمت طيلة الحرب". وكشف القاضي عن لقاء جمع برلمانيين من الموجودين خارج البلاد، إضافة إلى نواب كانوا موالين لصالح مطلع العام الحالي. وقال: "التقيناهم وهم شعلة من الحماس لتفعيل البرلمان وإنهاء الانقلاب، وهم أعلم بكيفية إدارة الحوثيين للبلاد".
وأكد القاضي أن "النصاب القانوني اللازم لعقد جلسة برلمانية المتمثل في نصف الأعضاء، قد اكتمل"، مضيفاً أنه "ليس أمام هادي، إلا أن يدعو لانعقاد البرلمان، وليس أمام التحالف إلا أن يدعم ذلك". ونفى وجود عوائق، قائلاً إن "الأمر يحتاج إلى إرادة من هادي والتحالف، والحديث عن رفض بعض المكونات انعقاده في هذه المحافظة أو تلك، يستطيع التحالف إنهاءه بقرار واحد منه".
الجدير بالذكر أن البرلمان اليمني انتهت فترته الأساسية في عام 2009، إذ كان من المقرر إجراء انتخابات جرى تأجيلها باتفاقات سياسية. ويستمد المجلس استمراره من الدستور نفسه الذي يسمح له بالبقاء، نظراً للظروف القاهرة التي تعيشها البلاد. وقام الحوثيون بحلّ المجلس في فبراير/شباط 2015، لكنه عاود جلساته في صنعاء عقب اتفاق الحوثيين مع صالح عام 2016، بعدما كان حزب الأخير متمتعاً بالغالبية. وعقب مقتله، غادر أعضاء جدد من المحسوبين على المؤتمر لتأييد الشرعية، وهو ما جعلها قادرة على عقد جلسة بالاستناد إلى النصاب القانوني اللازم، إلا أن الاختلاف حول الرئاسة عاد إلى صدارة العوائق مجدداً.
ويعد عبد الوهاب معوضة عضواً في البرلمان عن حزب المؤتمر، لكنه من المحسوبين على الفريق علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني وجناح المؤتمر المقرب من هادي. كما يتمتع بعلاقة جيدة مع حزب الإصلاح، وكان قائداً لما عُرف بـ"مقاومة عُتمة"، بمحافظة ذمار، حيث قاد مواجهات مسلحة مع الحوثيين انتهت بحسمهم المعركة. مع العلم أن انتصار الحوثيين كان بسبب بعد عتمة عن أي خطوط إمداد من قبل الشرعية.