خطوة إضافية لتعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية بين إسرائيل وقبرص

خطوة إضافية لتعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية بين إسرائيل وقبرص

16 نوفمبر 2017
تكريس تحالف ثلاثي بين إسرائيل واليونان وقبرص(ساكيس ميتروليدس/فرانس برس)
+ الخط -

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وقبرص، قامت الحكومة القبرصية بتعيين ملحق عسكري في سفارتها في تل أبيب، وفق ما كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في نسختها الورقية أمس الأربعاء. وقالت الصحيفة إنه يُتوقع أن يقوم الملحق العسكري بدفع العلاقات العسكرية والتعاون الاستراتيجي بين البلدين الذي تطور كثيراً على ضوء الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين إسرائيل وتركيا. وكشفت الصحيفة أن الملحق العسكري الجديد، الذي وصل تل أبيب مطلع الأسبوع، هو طيار عسكري في سلاح الجو القبرصي برتبة كولونيل.
وكانت العلاقات الأمنية بين دولة الاحتلال وبين قبرص، تدار لغاية الآن من خلال الطاقم الدبلوماسي المدني في السفارة القبرصية في تل أبيب، أو من خلال ملحقين عسكريين لسفارات أجنبية في إسرائيل كانوا يمثلون المصالح الأمنية القبرصية لدى الحكومة الإسرائيلية.

وأشارت "معاريف" إلى أن التقارب بين إسرائيل وقبرص في المجالات الأمنية والعسكرية قد تعاظم في السنوات الأخيرة إثر تراجع التقارب العسكري بين تل أبيب وأنقرة، بعد اعتراض البحرية الإسرائيلية لـ"أسطول الحرية" والقيام بعملية إنزال على سفينة النشطاء الأتراك، "مافي مرمرة" عام 2010، ما أدى إلى مقتل 11 متطوعاً تركياً في العام 2010 كانوا في طريقهم لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. كما ساهم اكتشاف الغاز في البحر المتوسط، في خلق فرص جديدة للتعاون بين إسرائيل وقبرص واليونان.

وتُوّج التقارب بين إسرائيل وكل من قبرص واليونان، بعقد أكثر من لقاء قمة بين قادة هذه الدول. كما يعقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، لقاءات عمل دورية في إسرائيل وقبرص، ومع تكريس تحالف ثلاثي بين إسرائيل واليونان وقبرص. وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن أبرز أوجه هذا التعاون بين الدول الثلاث هو في المجال الأمني، عندما وقّعت هذه الدول في الأعوام الماضية سلسلة اتفاقيات تعاون أمني واستخباراتي وعسكري، إضافة إلى إجراء مناورات عسكرية مشتركة للأسلحة الجوية والبحرية القبرصية والإسرائيلية، كما تجري إسرائيل تدريبات جوية في اليونان.


إلى ذلك، شهد مطلع الشهر لقاء ثلاثياً لوزراء خارجية هذه البلدان الثلاثة في العاصمة اليونانية أثينا، تم خلاله الاتفاق على توسيع نطاق التعاون بين هذه الدول مع توضيح "أن إسرائيل وقبرص واليونان لا تدافع فقط عن مصالحها المشتركة في المنطقة الهشة، وإنما أيضاً عن مصالح المجتمع الدولي"، وفق التعبير الذي استخدمه وزير الدفاع القبرصي، كريستوفوروس فوكيدس في ختام اللقاء الثلاثي المذكور. وكان وزير الدفاع القبرصي شارك في سبتمبر/أيلول الماضي في مراسم تسلم سلاح البحرية القبرصية لأول سفينة حربية تم بناؤها لقبرص في أحواض السفن الإسرائيلية في حيفا، ضمن خطة قبرص التزود بثلاث سفن من هذا الطراز لحماية حقول النفط في المتوسط.

وتبيّن الخطوة القبرصية بتعيين ملحق عسكري، مدى تطور العلاقات بين إسرائيل وقبرص، خصوصاً مع ما يبدو أنه تراجع في العلاقات الإسرائيلية التركية. وتسعى كل من اليونان وقبرص إلى أن تكون أراضيهما بديلاً لتركيا في تمرير أنبوب الغاز المسال المتوجّه من إسرائيل إلى أوروبا عبر إيطاليا، كمسار بديل لخط الغاز الذي كان يفترض مده عبر مياه المتوسط من إسرائيل إلى تركيا ومن هناك إلى الدول الأوروبية، على أن يمر في المياه الاقتصادية لقبرص، التي كانت أبدت تحفظات بهذا الخصوص. كما تحفظت على المصالحة التركية الإسرائيلية قبل عامين، تحسباً من أن تكون على حساب مصالحها المرتبطة بمشروع نقل الغاز الإسرائيلي المسال إلى أوروبا.

وشهد العامان الماضيان تحوّلاً في المواقف السياسية لكل من قبرص واليونان، وتحوّلت مواقف هاتين الدولتين من التأييد الفوري لكل مقترح إدانة ضد إسرائيل في المحافل الدولية، إلى الامتناع عن التصويت أو رفض مشاريع الإدانة للاحتلال الإسرائيلي.
ووظّفت إسرائيل في السنوات الأخيرة، الخلافات التركية-القبرصية والتركية-اليونانية التاريخية للتقرب من كل من قبرص واليونان، وبناء مصالح مشتركة وصولاً إلى تشكيل التحالف الثلاثي بين هذه الدول، وإن كان تحت ستار حماية حقول الغاز في المتوسط، ومكافحة "الإرهاب الإسلامي المتطرف". وتولي دولة الاحتلال في علاقاتها الإقليمية، أهمية كبرى لبناء تحالفات إقليمية تمكّنها من كسر عزلتها في حوض المتوسط في حالة التحالف مع اليونان وقبرص، أو كسر التأييد الدولي الفوري للقضية الفلسطينية من خلال كسب ود الدول في المجموعات الإقليمية المختلفة للأمم المتحدة، كما هو الحال في علاقاتها مع رواندا وإثيوبيا وأوغندا في القارة الأفريقية، أو العلاقات التي تعكف على تعزيزها مع مجموعة من دول أميركا الوسطى وأميركا اللاتينية كالمكسيك والأرجنتين والبرازيل، ناهيك عن تحسين علاقاتها ومكانتها الدولية في دول جنوب شرق آسيا، خصوصاً التحالف مع الهند، وتحسين العلاقات التجارية والاقتصادية مع كل من الصين واليابان.

المساهمون