حنين عربي إلى كولن ويلسون

حنين عربي إلى كولن ويلسون

11 سبتمبر 2014
ويلسون عام 1956 (تصوير: مارك كوفمان)
+ الخط -

لم يحظ كاتب أجنبي بالاهتمام الذي حظي به الكاتب البريطاني كولن ويلسون (1931-2013) في أوساط الأدباء العرب بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضي، إذ ترجمت معظم كتبه الأساسية إلى العربية وراجت وراج اسم صاحبها. ويبدو شهرته في العالم العربي جاءت عند أفول نجمه في بلاده، حتّى إن وفاته (تزامنت مع وفاة نيلسون مانديلا في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر) العام الماضي مرّت بصمت وبإشارات قليلة جداً من الصحف البريطانية. ولم يصل خبر موته إلى قرّائه القدامى في العالم العربي.

ما يعيد التذكير بويلسون هو صدور ترجمة لكتاب "صراع الكلمة والوجود: حوار مع كولن ويلسون" عن "دار المأمون للترجمة والنشر" في بغداد. وهو إصدار يعكس أكثر من أي شيء الحنين إلى زمن الافتتان بمؤلفات كولن ويلسون. وهو افتتان ما زال يمارس تأثيره على مترجم الكتاب محمد درويش الذي يقول إن "كولن ويلسون كان وسيظل مثيراً للجدل في أوساط المثقفين الغربيين بسبب ما رأوه فيه من قدرات لا حدود لها. لقد مارس النقد الادبي والفلسفي والعلمي والفكري فضلاً على التأليف الروائي، وهو الكاتب والفيلسوف الذي لم يتمم دراسته الاكاديمية بل وهب نفسه للكتابة والتأليف منذ وقت مبكر من حياته". لكن الحقيقة أن ويلسون لا يكاد يتذكره أحد في بلاده.

جاءت شهرة ويلسون الواسعة حين أصدر كتابه الأول (The Outsider) عام 1956، الذي ترجم إلى لغات عديدة ومنها العربية تحت عنوان "اللامنتمي" للمترجم العراقي أنيس زكي حسن، إذ نُظِر إلى المؤلف وقتذاك، شعبياً، باعتباره منقذاً للروح البشرية، مفكراً قد يجد طريقاً للانفكاك من العدمية الروحية التي تلت سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.

في "اللامنتمي"، بحث ولسن في عذابات وأزمات ونشوات مفكرين وفنانين كتاب، من بينهم فرديدريك نيتشه وجان بول سارتر وألبير كامو وإرنست همنغواي وفاسيلي نيجينسكي وفنسنت فان غوخ وهيرمان هسه ولورنس العرب، مصنفاً إياهم تحت شخصية اللامنتمي الفاتنة. كتاب مكتوب بشكل مثير بحيث رحب به النقاد بادئ الأمر قبل أن ينظر إليه بعد وقت ليس طويلاً ككتاب تبسيطي يتجنّى على الشخصيات التي تناولها حتى تتلاءم وأطروحة الكاتب.

رغم إهمال النقاد له وازدرائهم لما كتبه، فقد أصدر ويلسون مئة كتاب تنوعت باهتماماتها بين الفلسفة وعلم النفس الإجرامي والرواية والدراسة الأدبية. في الفلسفة أكمل سلسلة "اللامنتمي": "عصر الهزيمة" 1959، "قوة الحلم" 1961، "أصول الدافع الجنسي" 1963، "ما بعد اللامنتمي" 1965. وفي الرواية كتب عدة مؤلفات روائية منها: "طقوس في الظلام" 1960، و"ضياع في سوهو" 1961، "رجل بلا ظل" 1963، "القفص الزجاجي" 1966، "طفيليات العقل" 1967. كما اتجه إلى الكتابة عن التصوف والسحر وعالم ما بعد الموت والصحون الطائرة بحيث اتهم بالدجل، لكنه مع ذلك استقطب نوعاً جديداً من القرّاء وربما كانوا أبرز قرائه في العقود الأخيرة.

المساهمون