حـرب اليوجينيين الجـدد

07 ابريل 2015
+ الخط -
تعتبر الثورة البيولوجية من أخطر الثورات التي عرفها العالم المعاصر، وتعد ''اليوجينيا السلبية'' من أهم تطبيقات علم الوراثة التي تهدف إلى التخلص من السلالات البشرية، غير المرغوب فيها. فما هي مرتكزاتها، وما هي نتائجها؟ 
ترجع تسمية ''اليوجينيا'' إلى العالم الإنجليزي فرنسيس جالتون (1822-1911) الذي اقترح هذا البرنامج، في أواخر القرن التاسع عشر، وقد لقيت أفكاره إقبالاً كبيراً في القرن العشرين، خصوصاً في أميركا، وفي دول غربية عديدة، كإنجلترا وألمانيا، والتي تمحورت حول اليوجينيا الإيجابية التي تهتم بمعالجة وراثة البشر والمشكلات المرتبطة بها، واليوجينيا السلبية التي تهدف إلى تحسين نوعية السلالة البشرية، بتخليصها من البلهاء والمنحطين والفقراء وباقي الفئات المهمشة.
وإذا كانت نتائج اليوجينيا الإيجابية قد أحدثت أثراً إيجابياً في الطب الحديث، فإن مخاطر اليوجينيا السلبية ما تزال قائمة، خصوصاً في ظل التحام البحوث اليوجينية بالسياسات العامة للدول المتقدمة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإنجلترا وألمانيا وفنلندا وغيرها، فالأقوى هو من يسود على الأضعف، حتى لا يفقد عظمته، على حد تعبير زعيم النازيين أدولف هتلر.
الصراع الدائر في بؤر عديدة ملتهبة من هذا العالم، وبإيعاز من اللوبيات المتحكمة في السياسات الدولية، يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدوى هذه الحروب العرقية والطائفية التي تهدف إلى تدمير سلالات بشرية عديدة. كما أن نتائج الحد من تطور عدد السكان في الدول النامية كانت مذهلة في السنين الأخيرة، وتعتبر الصين من بين الدول التي ما زالت تطبق برامج صارمة في هذا الصدد، كما أن عمليات الإجهاض عرفت ارتفاعاً مهولاً في الثلاثين عاماً الماضية في دول عديدة. 
ويؤكد خبراء البيولوجيا أن هناك خريطة تدعى خريطة ''هاب ماب''، يتجلى دورها في تحديد الفروق الوراثية بين الشعوب، ما يوحي بوجود تفسيرات عرقية خطيرة، يمكن أن تساهم في تطوير تقنيات وأسلحة بيولوجية، قد تقضي على سلالات معينة، إذا ما عرفت خريطة هذه السلالات الجينية.
اليوجينيون يعدون نسخة طبقة الأصل للفكر المالتوسي الذي كان يرى في المولود الجديد فماً جديداً، وليس يدين تعملان وتنتجان، يعتقدون أن خيرات هذا العالم وجدت من أجلهم، وأن شعوباً عديدة، مثل العرب والأفارقة والهنود والصينيين، تزاحمهم، ولا تستحق حق الحياة. فهل يستفيق العرب من غفلتهم، ويتوجهون إلى المشاركة في صناعة مستقبلهم المشترك، وينبذون خلافاتهم التي أتت على الأخضر واليابس؟ أم أنه لا حياة لمن تنادي!
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)