جدل حول "عسْكرة الحياة" الجامعية في المغرب

10 مايو 2014
طلاب مغاربة يحتجون داخل جامعاتهم
+ الخط -

أثار قرار أخير عن الحكومة المغربية، وسمح للسلطات الأمنية بالتدخل في الجامعات عقب حالات العنف والتوتر التي تشهدها، جدلاً بين جهات حكومية اعتبرت أن التدخل الأمني ضروري، من جهة، وأطراف معارضة حذرت من "عسكرة" الجامعة، من جهة ثانية.

وأصدر وزيرا الداخلية، محمد حصاد، والتعليم العالي، لحسن الداودي، قراراً مشتركاً يتيح بموجبه للسلطات الأمنية التدخل في الجامعات "لحماية الأرواح والممتلكات"، والعمل على "التطبيق الصارم للأنظمة الداخلية في الحرم الجامعي".

ويأتي إعطاء الحكومة المغربية الضوء الأخضر للسلطات الأمنية للتدخل في الجامعات، بعد أيام من مقتل طالب داخل جامعة مدينة فاس (وسط البلاد)، ما أثار موجة من الانتقادات، وتبادلاً للاتهامات بين الحكومة والمعارضة حول تفشي العنف في الجامعات المغربية.

وانتقد حزب "الأصالة والمعاصرة"، أحد أبرز الأحزاب المعارضة للحكومة، قرار الحكومة بـ"عسكرة" الجامعة، على حد تعبير القيادي في الحزب، عبد اللطيف وهبي، مشيراً إلى أن تدخل القوات الأمنية في الجامعات ستكون له تداعيات خطيرة، ليس أقلها المسّ باستقلالية المؤسسات الجامعية.

من جهته، رفض رئيس "العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان"، محمد الزهاري، قرار الحكومة باعتبار أن "الحل الأمني وحده لن يحدّ أبداً من العنف داخل الجامعات، بل سيولّد الاستبداد والتسلّط، ويزيد من تعقيد المشكلة".

بدوره، لفت الأستاذ الجامعي، سعيد الصديقي، إلى أن قرار تدخل الأمن في الجامعات "سيوتّر الأجواء المتشنجة أصلاً في عدد من الجامعات المغربية"، داعياً إلى إيجاد "حل توافقي وتشاوري يُشرك جميع الأطراف المعنيّة لحل معضلة العنف".

أما وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، فطمأن المعارضين إلى أن القرار "لن يمسّ استقلالية الجامعات، ولن يمسّ حقوق الإنسان، بل يرمي أساساً إلى صيانة الأمن داخل هذه المؤسسات، والحفاظ على أرواح الطلبة والأساتذة، وحماية الممتلكات العمومية داخل الجامعات".

ورحب طلاب بدخول رجال الأمن للجامعة، معتبرين أن الجامعة للدراسة والتحصيل، وقال محمد وهو طالب بكلية العلوم جامعة ابن طفيل بالقنيطرة: "الجامعة ليست لتصفية الحسابات الفصائلية والحزبية وما أصبحنا نراه لا يبشر بخير، وقرار دخول الأمن للجامعة قرار صائب وسيحمي الطلاب ويوقف صراع هذه الفصائل".

وعبرت نور الهدى، طالبة بمسلك السيسيولوجيا، عن ارتياحها للقرار قائلة: "مللنا استبداد الفصائل الطلابية وعرقلتهم الدائمة لسير الدراسة، وبسبب صراعاتهم يتم تأجيل دراستنا وامتحاناتنا باستمرار بل ونضطر لمقاطعة الدراسة دون أي سبب. آن الأوان لإيقاف هؤلاء عند حدهم".

"مع أنني ضد هذه الفكرة" تقول حليمة، طالبة شعبة الاقتصاد "إلا أنه في زمننا هذا لا بد من عسكرة الجامعة والشارع وكل المرافق العمومية، حتى نشعر بالأمن والأمان، وحينما تدخل السلاسل والسيوف إلى الحرم الجامعي يجب أن يتخل الأمن لاعتقال المجرمين ".

من جهة أخرى استنكر الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية خالد البوقرعي القرار، موجها سؤالا لوزير التعليم العالي لحسن الداودي، حول الضمانات التي ستقدمها الحكومة للفصائل الطلابية، من أجل عدم المساس بالمكتسبات التي حققتها الحركة الطلابية المغربية والرافضة لأي وجود أمني داخل المؤسسات الجامعية، مشيرا إلى الخصوصية التي تتميز بها هذه المؤسسات، وما تقتضيه من ممارسة لحرية التعبير وضرورة إفساح المجال لكل المكونات والفصائل الطلابية للتعبير عن آرائهم ومواقفهم دون تقييد.

وتحت شعار "لا لعسكرة الجامعة. لا للاستبداد"، انتشرت على المواقع الاجتماعية صور لا تخلو من السخرية وتندد بالقرار الصادر عن الوزارتين حيث اعتبره الكثيرون "عسكرة" للجامعة المغربية، وترهيبا للطلاب الجامعيين".

وقال أحد الطلاب "الدولة عاجزة وغير مؤهلة لصياغة منظومة تعليمية شاملة تليق بالقضية الطلابية توجيها وتكوينا وتأطيرا، وتبقى سياسة العنف مخرجها الوحيد" مشيرا إلى أن العنف لا يولد إلا العنف، وناشد المسؤولين في الحكومة قائلا: "لا لتسييس الجامعة ولا لعسكرتها إذا أردتم الحفاظ على أمن أبناء هذا الشعب فعبر التأطير والنقاش".

دلالات