ثقة من خارج البرلمان لحكومة السراج تعمّق الأزمة الليبية

ثقة من خارج البرلمان لحكومة السراج تعمّق الأزمة الليبية

23 ابريل 2016
أكد بيان تأييد السرّاج لالتزام بالاتفاق السياسي(فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
تعود الأزمة الليبية بين المؤيدين لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، والمعارضين لها، إلى المربع الأول، بعد إعلان مجموعة من نواب طبرق ليل الخميس - الجمعة منح الثقة للحكومة من دون عقد جلسة رسمية لبرلمان طبرق، الأمر الذي زاد الانقسام داخل البرلمان. وتزامن هذا التطور مع تعمّق الخلافات بين حكومة الوفاق ورئيس الجيش التابع لبرلمان طبرق خليفة حفتر، فيما جاءت مواقف كل من المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، والسفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، لتؤكد أن الدول الداعمة لحكومة الوفاق لا تستبعد أية سيناريوهات في المرحلة المقبلة لضمان حصول حكومة الوفاق على مصادقة البرلمان.

وبعد فشل برلمان طبرق بالانعقاد يوم الخميس وسط خلافات ومشادات كلامية بين المؤيدين للحكومة والمعارضين لها، عمد عدد من النواب المؤيدين لحكومة الوفاق، قالوا إن عددهم 101 نائب، إلى عقد جلسة جانبية أعلنوا خلالها منح الثقة للحكومة. وكان نائب رئيس البرلمان، محمد اشعيب، قد دعا إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان أول أمس، الخميس، ولكنها لم تتم بسبب رفض فتح قاعة الجلسات، فقام النواب المؤيدون للحكومة، بإعلان منح الثقة في ساعة متأخرة من ليل الخميس الجمعة، في بيان مطوّل حمل توقيع 101 نائب، فيما أظهر تسجيل مصور بثّه هؤلاء لاجتماعهم  وجود عشرات النواب خلال تلاوة البيان الذي أعقب الاجتماع.
ودعا البيان الحكومة إلى أداء اليمين القانونية أمام مجلس النواب في مكان يحدد من رئاسة المجلس في موعد أقصاه الأسبوع المقبل، وإلى توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة بما يضمن تحقيق أكبر قدر من التوافق داخل البلاد. وأشار البيان إلى الالتزام بالاتفاق السياسي الليبي "الذي نرى فيه المخرج الوحيد من الأزمة الليبية مع التأكيد على حذف المادة رقم 8 من الأحكام الإضافية". وتقضي المادة الثامنة بتولي حكومة الوفاق كافة المسؤوليات الأمنية، بما في ذلك قيادة الجيش. 
وأكد البيان، الذي جاء باسم "مجلس النواب"، على استمرارية "عقد جلساته بمقره المؤقت في مدينة طبرق متى كانت الظروف ملائمة لذلك".

وكما كان منتظراً، رد الرافضون لحكومة الوفاق بقوة على هذه المبادرة، واعتبروها بلا جدوى، ولا تمثّل مجلس نواب طبرق. وقال عضو مجلس النواب، عبدالمنعم بوحسن، في حديث مع موقع إخباري ليبي، إن منح الثقة لحكومة الوفاق من قِبل بعض النواب لا يمكن تمريره هكذا، والاتفاق منذ البداية على أن يتم منح الثقة للحكومة بالتوافق وليس بالأغلبية.
كما نفى عضو مجلس النواب فهمي التواتي، الخميس، اعتماد حكومة الوفاق الوطني تحت قبة البرلمان، مؤكداً أن النواب لم يتمكنوا من عقد جلسة. وقال التواتي، إن أعضاء مجلس النواب لم يعقدوا الجلسة على الرغم من حضور 101 نائب وهو عدد يمثّل النصاب المطلوب لافتتاح جلسة رسمية، إلا أنهم وجدوا أبواب قاعة البرلمان الرئيسية مقفلة، وتم رفض فتحها من قبل بعض الأشخاص، الذين ليسوا من النواب، لافتاً إلى أن النواب المعارضين لحكومة الوفاق افتعلوا مشاجرات مع الداعمين لها، مما أدى إلى عدم عقد جلسة بوضعها الصحيح، بحسب قوله.
من جهته، قال عضو مجلس النواب، محمد العباني، إن عدم عقد الجلسة يعود إلى نشوب خلافات لم تجعلهم يتوافقوا على منح الثقة للحكومة، لافتاً في تصريح صحافي إلى أنه "تمت مناقشة فكرة عقد جلسة في مدينة أخرى، ولكن كذلك لم نتمكن من الاتفاق على ذلك".


من جهتها، أعلنت النائبة، فريحة الحضيري، أن النواب المعارضين لمنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني طلبوا إضافة وزارتين لكل إقليم، من أجل الموافقة على منح الثقة للحكومة، مشيرة إلى أن النواب المؤيدين للحكومة جرى التهجّم عليهم داخل فندق دار السلام في طبرق، وتعرضوا للعنف الجسدي واللفظي. وأضافت الحضيري في حديث مع قناة ليبيا الفضائية مساء الخميس: "كان مقترح الطرف الآخر إضافة وزارتين لكل إقليم ورفضوا كتابة الطلبات وجعلوها شفوية، وجرى التهجم علينا أكثر من مرة".
إزاء هذه التطورات جاء موقف المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، الذي أعلن أنه "أحيط علماً بالبيان الذي أصدره أعضاء مجلس النواب الداعمون للاتفاق السياسي الليبي وحكومة الوفاق الوطني". وأعرب كوبلر، في بيان على الموقع الرسمي للبعثة الأممية، عن "بالغ خيبة الأمل إزاء عدم قدرة مجلس النواب على التصويت بشأن حكومة الوفاق الوطني المقترحة، وتعديل الإعلان الدستوري"، وعن أسفه "لحرمان أغلبية واضحة من أعضاء مجلس النواب من فرصة ممارسة حقهم الديمقراطي الأصيل كممثلين منتخبين للشعب الليبي في إعلاء الدور المحوري للمجلس، كجسم تشريعي ومراقب في هذه المرحلة المفصلية في العملية السياسية".
وأضاف كوبلر، تعليقاً على التطورات في برلمان طبرق الخميس، "إنها انتكاسة في الجهود المستمرة لإنهاء الانقسام المؤسساتي في ليبيا وتحقيق السلام لليبيين، الذين عانوا كثيراً نتيجة للصراع". وحث البرلمانيين الذين اجتمعوا في طبرق على مدار الأيام الماضية، "على أن يظلوا مخلصين لناخبيهم وأن يستمروا في إعلاء مسؤولياتهم في ممارسة واجباتهم دون تعطيل أو تهديد أو ترهيب". وكان كوبلر قد بحث في القاهرة الخميس مع وزير الخارجية المصرية سامح شكري، "البدائل المختلفة لاستكمال الدعم المؤسسي، والدستوري لحكومة الوفاق الوطني"، وفق بيان صدر عن الاجتماع.
في السياق نفسه، اعتبر السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، أن "الشعب الليبي لم يعد بمقدوره الانتظار أكثر من أجل الشعور بالأمن والاستقرار، وتحسّن الوضع الاقتصادي". وقال ميليت في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" إن عشرة أيام كانت كافية للنواب في البرلمان، للمصادقة على الحكومة التي قدّمها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
هذه التطورات طرحت أسئلة عن الخطوات المقبلة، وإذا كان كوبلر ومعه اللاعبون الدوليون، سيعودون للحديث عن إمكانية اعتماد مصادقة النواب الـ101 على حكومة السراج، وتجاوز برلمان طبرق، في ظل حديث عن إمكانية عقد جلسة برلمانية في مدينة ليبية أخرى، ذُكرت غدامس من بينها.
في هذا الوضع المتأزم، تزايد التصعيد بين السراج وحفتر، الذي رد على البيان الذي أصدره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حول بنغازي، ووصفه بـ"الهزيل والمخجل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع". وأصدر مكتب الإعلام التابع لـ"القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية"، بياناً رد فيه على بيان المجلس الرئاسي حول "ترحيبه بانتصارات الجيش الليبي في مدينة بنغازي"، وقال بيان القوات المسلحة: "لقد لفت انتباهنا البيان الهزيل الذي تم تداوله أخيراً على أنه صادر عن المجلس الرئاسي، الذي لم يمنحه مجلس النواب بعد التصديق اللازم ليباشر عمله، والذي يشير إلى ترحيب المجلس المذكور ومباركته لكل من ساهم ويساهم من أبناء المؤسسة العسكرية في القضاء على تنظيم داعش". وذكّر بيان القيادة العامة المجلسَ الرئاسيَّ بأن "ما يقدمه الضباط والجنود من الجيش الليبي والشباب المساندون لهم، في مدينة بنغازي، يتجاوز ما يمكن وصفه بالجهود، ليصل إلى مستوى التضحيات بالروح والدم، من أجل القضاء على الإرهاب ليحيا الشعب الليبي حراً كريماً على أرضه، من دون انتظار أوامر من وراء البحار كما يفعل الجبناء"، بحسب وصف البيان.
وتؤشر كل المعطيات الحالية إلى استمرار الأزمة بين الطرفين، بل على زيادة حدة توترها، مما يرفع من مخاوف التصعيد بين الطرفين، في ظل عجز وفشل دولي واضح في إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة الليبية.

المساهمون