تعهدات مؤتمرات المانحين الدوليين... من تونس إلى الأردن

تعهدات مؤتمرات المانحين الدوليين... من تونس إلى الأردن

27 فبراير 2019
مؤتمر للأمم المتحدة حول اليمن (فابريس كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -
تلقى عدد من الدول العربية تعهدات بمليارات الدولارات لدعم الاقتصادات وتحفيز النمو وخفض الدين العام وتخفيف فاتورة اللاجئين، خلال السنوات الماضية، في حين يستعد الأردن لمؤتمر دولي للمانحين سيُعقد غداً في لندن، مع تعويل كبير عليه لدفع حركة الاستثمار في البلاد الرازحة تحت مشكلات اقتصادية ومالية واجتماعية متراكمة.

وتعتبر الدول العربية المأزومة أن مؤتمرات المانحين من الروافد الأساسية لتمويل المشاريع ودعم الموازنات بموارد من خارج الدورة الاقتصادية المحلية. إلا أن هذه المؤتمرات ترتكز بغالبية الأموال المقدمة على القروض، التي تزيد الأعباء على الدول التي تعيش أصلاً في بلوى الديون.

كما أن بعض المؤتمرات يقترن بمجموعة من الشروط، تدور غالبيتها في فلك خفض النفقات التي غالباً ما يتم اقتطاعها من المصروفات الاجتماعية والخدمات العامة، وزيادة الإيرادات التي غالباً ما تركز على الضرائب.

فما هي أبرز المؤتمرات الدولية التي عُقدت خلال السنوات الماضية لدعم الاقتصادات العربية وصولاً إلى مؤتمر لندن غداً؟ وما حجم التعهدات فيها؟

الأردن: نمو وفرص
تستقبل لندن غداً الخميس مؤتمراً للدول المانحة يدور حول استعراض الفرص الاستثمارية في
الأردن، والحاجات التمويلية لتمكين اقتصاد المملكة. وينّظم المؤتمر كل من الحكومتين البريطانية والأردنية تحت شعار "الأردن: نمو وفرص، مبادرة لندن 2019". وذلك، بمشاركة ممثلين عن مجموعة الدول السبع الكبرى والدول المانحة، ورجال أعمال ومستثمرين وشخصيات قيادية من البلدين.
إلا أن وسائل الإعلام الأردنية، إضافة إلى تصريحات عدد من المسؤولين، تشير إلى أن المؤتمر لن يكون "للمانحين"، وإنما سينحصر في استعراض الفرص الاستثمارية والخطوات الإصلاحية في المملكة.
وكانت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، أكدت الأسبوع الماضي أن الحكومة لن تعود من لندن بالمليارات، إنما هي فرصة لتقديم الأردن نفسه اقتصادياً بالإصلاحات والخطوات التي هيأت البيئة الاستثمارية لاستقطاب المشاريع والفرص القادمة التي ستدعم نمو الاقتصاد.
وشرح رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إن اقتصاد بلاده بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين وحاسمة لتحفيز النمو الذي تضرر بالصراعات في المنطقة. 
ولفت الرزاز في مقابلة اليوم الأربعاء مع "رويترز" إلى أن بلاده ستعرض في المؤتمر خطواتها والتزامها بتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي والحاسمة لتحفيز الاقتصاد.
وقال الرزاز إن القاعدة الضريبية الموسعة إلى جانب خفض الإنفاق العام زادت من إيرادات الدولة وقلصت الضغوط على موارد الدولة التي تكافح لكبح دين عام يبلغ نحو 40 مليار دولار.
وتابع أن الأردن يجري منذ فترة مناقشات مع كبار المانحين والبنك الدولي للحصول على قروض ومنح وضمانات بشروط ميسرة لسداد الديون المستحقة لخفض خدمة الدين العالية التي تضغط بقوة على الميزانية البالغ حجمها 13 مليار دولار.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، نقلت وسائل الإعلام المحلية، استعراض وزير الدولة لشؤون الاستثمار مهند شحادة أثناء الجلسة الحوارية التي نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني، لمناقشة دور القطاع الخاص الأردني في مؤتمر لندن للمانحين، أربعة محاور أساسية ستركز عليها الخطة التي ستقدمها الحكومة الأردنية إلى مؤتمر لندن، وهي: 
1- التركيز على إجراءات الحكومة الأردنية خلال الأعوام الماضية في مجال الإصلاح الاقتصادي والتشريعي.
2- عرض الآلية التي ستتبع لإعادة هيكلة الدين العام بشكل يخفف الأعباء على الدولة.
3- عرض المشاريع الاستثمارية الكبرى ذات الجدوى الاقتصادية والتي سيكون لها دور كبير في خلق فرص عمل نوعية.
4-  التركيز على الصادرات، وخاصة تصدير الخدمات، بالإضافة إلى التركيز على الابتكار والشركات الناشئة، والشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، ودور السياحة، والسياحة العلاجية والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات.

مؤتمر المانحين لدعم اليمن

انعقد يوم أمس الثلاثاء في جنيف، مؤتمر المانحين لدعم اليمن. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن المؤتمر جمع 2.6 مليار دولار. في حين تحتاج الأمم المتحدة إلى 4.2 مليارات دولار لتمويل المساعدات المقدمة لليمن للعام 2019.
ولفت غوتيريس إلى أن عدد اليمنيين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية ارتفع بمليوني شخص إلى 24 مليوناً العام الماضي، ما يشكل 80% من سكان اليمن.
ووفق تقرير نشرته "بي بي سي" البريطانية، منذ أيام، فقد عقد أول مؤتمر للمانحين لليمن في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 في لندن، وحصد ما يقارب 4.7 مليارات دولار كانت مخصصة لدعم برامج التنمية.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2012 عقد مؤتمر آخر للمانحين في الرياض وجمع ما قيمته 6.4 مليارات. وفي إبريل/نيسان 2017 التأم في جنيف مؤتمر ثالث حصل على نحو 1.1 مليار من أصل مليارين كانا مطلوبين لمواجهة الأزمة الإنسانية بعد اندلاع الحرب.

أما المؤتمر الرابع فانطلق في الثالث من إبريل/ نيسان 2018 وبلغ مجموع تعهداته نحو ملياري دولار.

مؤتمر بروكسل لدعم سورية

تعهدت الوفود المشاركة في مؤتمر رئيسي للمانحين من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عُقد 
في بروكسل في نهاية نيسان 2018، بدفع نحو 4.4 مليارات دولار في عام 2018 لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين السوريين جراء الحرب الممتدة منذ أكثر من سبع سنوات، فضلاً عن الدول الرئيسية المستضيفة للاجئين في المنطقة، وفق موقع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وخلال الاجتماع الذي حضره 88 وفداً عربياً ودولياً، تعهد المندوبون بمواصلة توفير الدعم والحماية والفرص لأكثر من 5.6 ملايين لاجئ سوري منتشرين في أنحاء المنطقة، إلى جانب أكثر من 13 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية داخل سورية و3.9 ملايين شخص من الفئات الأشد ضعفاً ضمن المجتمعات المستضيفة.
ومع ختام المؤتمر تم أيضاً التعهد بتقديم 3.4 مليارات دولار إضافي للبرامج الإنسانية والتنموية في عامي 2019 و2020.

وكان منظمو المؤتمر يأملون في جمع 9 مليارات دولار. إذ قدرت الأمم المتحدة حاجاتها بـ3,5 مليارات دولار للمساعدات الإنسانية في سورية و5,6 مليارات دولار لمساعدة اللاجئين في دول الجوار.

وأعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، في وقت سابق، عقد مؤتمر المانحين الثالث لدعم سورية في بروكسل في 12-14 مارس/ آذار 2019.
سيدر 1 لدعم لبنان
استضافت فرنسا في مطلع نيسان/ إبريل من العام 2018، مؤتمر "سيدر 1" لدعم لبنان، وذلك وسط مشاركة حوالي 48 دولة ومنظمة والعديد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، وفق موقع رئاسة الحكومة اللبنانية.
وقال وزير المالية اللبناني علي حسن خليل إن لبنان تمكن من الحصول على تعهدات بمنح وقروض تتجاوز قيمتها عشرة مليارات دولار. 
إلا أن هذه المنح والقروض كانت مشروطة بإجراء إصلاحات مالية ونقدية متعددة، خصوصاً فيما يتعلق بكبح الدين العام الذي تصل نسبته إلى حوالي 150 في المائة من الناتج المحلي، إضافة إلى إصلاحات تطاول الكهرباء والمياه وغيرها. 
واستعرض رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال المؤتمر "الرؤية للاستقرار والنمو وخلق فرص عمل" التي وضعتها الحكومة وتستند إلى أربعة محاور: زيادة مستوى الاستثمار العام والخاص. ضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي من خلال إعادة التوازن للمالية العامة. إجراء اصلاحات تتعلق بمكافحة الفساد وتحديث القطاع العام وإدارة المالية العامة. وضع استراتيجية لتعزيز وتنويع القطاعات المنتجة في لبنان.
ووضعت الحكومة اللبنانية برنامجها الاستثماري في البنى التحتية الذي يركز على تطوير البنى التحتية وإعادة تأهيلها، وتقدر الكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى من هذا البرنامج الذي يمتد على ست سنوات ويشمل الأعمال التحضيرية والتنفيذ، بـ 10.8 مليارات دولار.
التزمت الحكومة اللبنانية بدعم من مجتمع المانحين ببلوغ هدف يتمثل في تخفيض العجز في الموازنة بنسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي في السنوات الخمس المقبلة من خلال زيادة التحصيل الضريبي، وتخفيض الدعم لشركة كهرباء لبنان.

في المقابل، التزمت الدول المانحة بدعم المرحلة الأولى من برنامج الاستثمار والإصلاح في لبنان عبر: قروض بقيمة 10.2 مليارات دولار منها 9.9 مليارات على شكل قروض ميسرة. وهبات بما في ذلك هبات لدعم القروض، بقيمة 860 مليون دولار. وشجعت القطاع الخاص على المشاركة في تمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية بحسب كل مشروع على حدة.
إعادة إعمار العراق

جذب مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي عُقد في الكويت في شباط/ فبراير من العام الماضي، 
حوالي 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، و51 من الصناديق التنموية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية و107 منظمات محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية، و1850 جهة مختصة من ممثلي القطاع الخاص، وفق وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح.

وحصل العراق خلال المؤتمر على تعهدات بنحو 30 مليار دولار على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات.

في حين أعلن وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي في افتتاح المؤتمر أن بلاده بحاجة إلى 88.2 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات وآخرها الحرب ضد تنظيم "داعش".

وعرض العراق خلال المؤتمر أكثر من 157 مشروعاً استثمارياً، تغطي القطاعات الخدمية والصناعية والإسكان ومشاريع أخرى في مجالي النفط والغاز.
وأعلنت الحكومة العراقية أن خطتها للمؤتمر ارتكزت على إعادة تأهيل البنى التحتية في عموم العراق، وإعادة الاستقرار للمناطق المتضررة، وتنمية قطاع الخدمات.

مؤتمر "تونس 2020"

إلى تونس، حيث عُقد آخر مؤتمر دولي للمانحين في العام 2016، تحت عنوان "تونس 2020". حينها، حضر المؤتمر الدولي للاستثمار حوالي ألفي مشارك ونحو 40 دولة، وعرضت تونس أكثر من 140 مشروعاً استثمارياً تقارب كلفتها 30 مليار يورو، وفق موقع "فرانس 24".
وتلقت تونس تعهدات بدفع أكثر من مليار يورو على شكل مساعدات وقروض، بينها مبلغ مليار و250 مليون دولار أميركي من قطر، واستثمار الوكالة الفرنسية للتنمية 250 مليون يورو على الأقل كل سنة في تونس". وقروض ميسرة من الكويت على مدى خمس سنوات. وتمويلات من السعودية وتركيا، وغيرها...

المساهمون