تسريبات: تفاقم أزمة الحقول النفطية المشتركة بين السعودية والكويت

29 يوليو 2015
من حقل نفط كويتي (أرشيف/Getty)
+ الخط -
ازدادت الأزمة بين السعودية والكويت، بشأن الحقول النفطية المشتركة، تعقيداً، بعد أن تمّ، مساء أمس الثلاثاء، تسريب مراسلات أجراها وزير النفط الكويتي، علي العمير، مع نظيره السعودي، علي النعيمي، بشأن القضية، ويحمّل فيها الرياض المسؤولية عن الخسائر التي قد تتكبدها الكويت بسبب هذه الأزمة.

واعترفت الشركة الكويتية لنفط الخليج، التي تمثل الجانب الكويتي في إدارة الحقول المشتركة بشكلٍ غير مباشر بصحة التسريبات، إذ عبّرت عن استيائها من تداول ما قالت إنه "مراسلات تمّت بين وزيري النفط الكويتي والسعودي، والتي تحاط بسرية تامة من الأطراف المعنية كافة ذات العلاقة".

وأعلنت الشركة، في بيان بثته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، عن تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب تسريب المراسلات المتبادلة بين الوزيرين.

وتقدر أوساط نفطية إجمالي إنتاج الحقول المشتركة، بما لا يقل عن 500 ألف برميل يومياً تتقاسم الدولتان إنتاجها بشكل متساوٍ.

وتعود جذور الخلاف، بين الجانبين، إلى عام 2007، حينما أدى نزاع على الأرض بين الكويت والسعودية إلى تأخير خطط الكويت لبناء مصفاة نفطية رابعة، وهي مصفاة الزور.

وجاء إغلاق حقل الخفجي المشترك، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لأسباب قيل في حينها إنها تتعلق بالامتثال للوائح البيئية، ليكشف عن وجود أزمة بين الدولتين الجارتين، عضوي منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

تلا ذلك الإعلان، في 11 من مايو/أيار الماضي، عن إغلاق حقل الوفرة المشترك، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 220 ألف برميل، يومياً، من الخام العربي الثقيل للمرة الأولى مدة أسبوعين، لإجراء أعمال صيانة في خطوة كانت تهدف في حينها إلى منح الحليفين الخليجيين مزيداً من الوقت لحل نزاع طويل الأمد، لكن ذلك لم يحدث.

وتسجل ندرة في التصريحات الرسمية الخاصة بهذه الأزمة، التي تدار من وراء الكواليس في جو من السرية والتكتم نظراً لحساسية العلاقة بين البلدين، لكن هذه السرية تم كسرها، أمس، من خلال تسريب بثته صحف كويتية عدة لرسائل أرسلها الوزير الكويتي، العمير، إلى نظيره السعودي، تحدث فيها بلهجة وصفت بـ"الحاسمة".

وبحسب صحيفة "الرأي" الكويتية، فقد قال العمير للنعيمي، إن الحكومة السعودية "ستتحمل الخسائر الجسيمة التي ستلحق بالكويت جراء استمرار وقف الإنتاج وتصديره لمخالفاتها المادة السادسة في اتفاقية التقسيم وكذلك اتفاقية التشغيل لعام 2010".

وقال محلل نفطي كويتي، مشترطاً عدم نشر اسمه، إن مثل هذا التسريب ما كان يمكن أن يجد طريقه لوسائل الإعلام والنشر إذا لم تكن هناك "موافقات" من أطراف مسؤولة.

ونقلت "الرأي" عن العمير قوله في رسالته إلى النعيمي"قرار الهيئة العامة للأرصاد والبيئة في المملكة العربية السعودية الصادر في الثالث من مارس (آذار) لعام 2014، والذي تستندون عليه في وقف الإنتاج في عمليات الخفجي منح المنشآت القائمة مهلة خمس سنوات، لتطبيق وقف الانبعاثات الغازية بدءاً من صدور القرار، وأن التطبيق الفوري قاصر فقط على المشاريع الجديدة، وذلك بحسب البند الثاني من القرار".

وأضاف الوزير الكويتي "التطبيق الفوري لهذا القرار، هو محل اعتراض دولة الكويت عبر الرسائل المتعددة بهذا الشأن، لمخالفة قرار وقف الإنتاج الفوري قرار الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة، مما يشكل إعاقة لاستغلال الثروة ومخالفة صريحة لنص المادة السادسة من اتفاقية التقسيم".

ووصف العمير قرار وقف الإنتاج في عمليات الخفجي بأنه "إجراء انفرادي مخالف لما نصت عليه اتفاقية التشغيل" بين البلدين.

وتابع "ممثل الجانب الكويتي وجه دعوات لانعقاد اللجنة التنفيذية لمناقشة أسباب وتداعيات قرار وقف إنتاج حقل الخفجي وكيفية التعامل مع قرار هيئة الأرصاد والبيئة إلا أنه لم يلق أي استجابة من ممثلي الجانب السعودي في اللجنة المذكورة في مخالفة صريحة لآليات عملها، الأمر الذي تسبب لدولة الكويت بخسائر جسيمة سيتحملها الجانب السعودي المتسبب في ذلك وفقاً للالتزامات التعاقدية بيننا".

وكشفت التسريبات عن تقديم الكويت مقترحاً للسعودية "لاستئناف الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يومياً، ليكون متوافقاً مع المواصفات البيئية إلا أن الجانب السعودي قابل ذلك بالرفض غير المبرر أيضاً".

وختم العمير رسالته للنعيمي "أرجو من معاليكم اتخاذ ما يلزم لوقف الإجراء واستئناف الإنتاج المشترك في حقل الخفجي مسترعياً نظر معاليكم مجدداً بأن استمرار وقف الإنتاج وتصديره سيحمل دولة الكويت خسائر جسيمة ستتحملها الحكومة السعودية لمخالفتها المادة السادسة من اتفاقية التقسيم وكذلك اتفاقية التشغيل لعام 2010".

ودعا المحلل النفطي، كامل الحرمي، الجانبين إلى التركيز، في الوقت الحالي، على حل هذه المشكلة بعيداً عن وسائل الإعلام، وأن يجلس الوزيران بشكل مباشر لإيجاد صيغة للحل في أسرع وقت ممكن في وقت تهبط فيه أسعار النفط العالمية متسببة في انخفاض العوائد النفطية للبلدين.

وقال الحرمي: "نعم بالتأكيد هناك مشكلة.. وقف الإنتاج معناه أن هناك مشكلة.. التسريبات لم يكن مفروضاً أن تنشر أو تسرب.. هذا لا يؤدي إلى حل المشكلة، بل يزيدها ناراً".

وقال الرئيس التنفيذي للشركة الكويتية لنفط الخليج، علي الشمري، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، إن العلاقات الثنائية بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة هي في الواقع علاقات راسخة ومتينة تقوم على أسس وثوابت متميزة بما يخدم المنظومة السياسية والمصالح المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي.

وشدد على حرص الجهات المعنية في وزارة النفط ومؤسسة البترول الكويتية على إبقاء كافة المراسلات المتبادلة في إطار السرية والخصوصية المطلوبة، مؤكداً تشكيل لجنة من الشركة للتحقيق وتقصي الحقائق واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، وفقاً للوائح، بحق كل من تثبت مسؤوليته عن هذا العمل، وكذلك اتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير اللازمة لمنع تسريب مثل هذه الوثائق الهامة أو تكرار ذلك مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: هل يدير الخليج ظهره للنظام المصري؟

المساهمون