تركيا: "العدالة والتنمية" يبدأ مسيرة السيطرة على القضاء

تركيا: "العدالة والتنمية" يبدأ مسيرة السيطرة على القضاء

14 أكتوبر 2014
أردوغان رأى الانتخابات ردّاً على "الكيان الموازي" (أورهان سيسك/الأناضول)
+ الخط -

أظهرت نتائج انتخابات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في تركيا فوزاً ساحقاً لتكتل "وحدة القضاء" المدعوم من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بحصوله على 8 مقاعد من عشرة تنافسوا عليها في الانتخابات التي جرت يوم الأحد، ما يُعدّ انتصاراً جديداً للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في معركته ضد زعيم "حركة الخدمة" رجل الدين، فتح الله كولن، الذي كان حليفه قبل أن ينقلب عليه.

وشارك في الانتخابات 14 ألف حقوقي تركي، من رجال القضاء والنيابة، لاختيار 10 أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والنيابة.

ويُعتبر المجلس الأعلى للقضاء مسؤولاً عن عمليات التعيين والنقل والترقية والفصل لكبار الشخصيات القضائية في تركيا، وحوّل الاستفتاء الذي أجرته حكومة "العدالة والتنمية" في إطار الإصلاحات الديمقراطية عام 2010، المجلس من مجلس لا أهمية له إلى مجلس ذي تمثيل واسع، إذ يتكوّن من 22 عضواً، يعيّن الرئيس أربعة منهم، ويختار وزير العدل من سيشغل اثنين من المقاعد، فيما تختار باقي المؤسسات القضائية ستة مقاعد، لتنهي انتخابات 2010 التي تلت الاستفتاء سيطرة القضاة المنتمين إلى التيار العلماني، وتضعه في يد المحافظين الذين كان أغلبهم من موالي "حركة الخدمة"، التي أعلن حزب "العدالة والتنمية" الحرب عليها إثر قضايا الفساد التي طالت وزراء ومسؤولين وشخصيات مقربة من الحكومة.

وأكد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، في تعليقه على النتائج، أنّ "القضاء المستقل غير المرتهن لأية مجموعة، هو أحد الأعمدة الأساسية في جهود تركيا من أجل التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي"، لافتاً إلى أنّ "أعضاء السلك القضائي التركي وجّهوا رسالة مهمة في هذا الإطار إلى  شرائح الشعب كافة، أمس، عبر استخدامهم إرادتهم الحرة".

من جهته، أعرب وزير العدل التركي، بكير بوزداغ، الذي شارك في حملة مفتوحة لمصلحة مرشحي لائحة الوحدة القضائية، عن ارتياحه عقب ظهور المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات، مشيراً إلى "أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة وديمقراطية، وأن النتائج أفرزت تعددية متنوعة"، لافتاً الى أن "الشعب يرغب في قضاء عادل ومحايد".

وفي أول تعليقه على نتائج الانتخابات، أكد أردوغان أنّ القضاة والمدعين حموا القضاء وشرف مهنتهم، وقدموا الرد اللازم للكيان "الموازي" الذي يحاول السيطرة على القضاء، وارتهان ضمائر منتسبيه، مشيراً إلى أن "الأمة هي التي انتصرت في انتخابات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين".

وبعد تحليل النتائج، يتبيّن أن "حركة الخدمة" لن تمتلك في المجلس الأعلى للقضاة الآن سوى سبعة أعضاء على أبعد تقدير، بينما سيحتل الموالون للحكومة 15 مقعداً، مما سيمنح الحكومة اليد العليا والسيطرة المطلقة على المجلس لتمرير ما تحتاجه من قوانين، وسيكون النظام الانتخابي للمجلس على ما يبدو، هو المهمة الأولى على أجندته، بحسب تصريحات وزير العدل الذي أكد، أمس الاثنين، أن النظام الانتخابي للمجلس يحتوي على الكثير من العيوب والثغرات، مشيراً إلى الحاجة إلى تعديله.

ويرى الموالون لـ"العدالة والتنمية" أن خسارة الحكومة لهذه الانتخابات أو انتصار الموالين لـ"حركة الخدمة"، كان سيعني كارثة في النظام القضائي التركي، إذ أن "حركة الخدمة" كانت ستستطيع أن ترفع المئات من القضايا ضد أعضاء الحكومة أو المقربين منهم، مما كان سيؤدي إلى شلل كامل في مفاصل الدولة، أو حتى إلى انقلاب قضائي، لذلك لم تكن الحكومة التركية لتسمح بهكذا خسارة خصوصاً بعد خسارتها الانتخابات القضائية التي جرت في محكمة النقض العليا، الأمر الذي دفع وزير العدل إلى تحركات مكوكية بين الولايات التركية لحشد الدعم للقائمة الموالية للحكومة، وبذلك لم يبقَ في يد حركة الخدمة سوى محكمة النقض العليا والمحكمة الدستورية العليا كقلاع أخيرة، بعد أن شنت الحكومة حملة تصفية واسعة في وزارة الداخلية وقيادة الشرطة ضد الموالين لغولان.

ورغم الانتصار الساحق الذي حققته الحكومة على "حركة الخدمة"، لكن هذا لا يمكن اعتباره نهاية وجود البيروقراطيين الموالين للحركة في مفاصل الدولة، إذ ما زالت الحركة تسيطر على كل من المحكمة الدستورية العليا، وأيضاً محكمة النقض العليا، وعليه فإن هذا الانتصار سيكون بداية مسيرة سحب القضاء من يد الحركة.

المساهمون