بن قنّة: "الجزيرة" حرّرت الإعلاميات من "فاترينة" الثرثرة

بن قنّة: "الجزيرة" حرّرت الإعلاميات من "فاترينة" الثرثرة

29 ابريل 2014
خديجة بن قنّة في استديو "الجزيرة" - (العربي الجديد)
+ الخط -
 

 

ليست رخامة الصوت وحسن الطلّة واللباقة هي سرّ نجاح الإعلامية الجزائرية خديجة بن قنّة فقط، فهذه المواصفات جميعها، لا تصنع اسماً أو تشكّل فارقاً في المشهد الإعلامي العربي شديد التنافس وكثير التحدّيات، لكنّها الجدّية والالتزام والإيمان بالرسالة الإعلامية المؤثّرة. عن هذا وأكثر، دار حوار "العربي الجديد" مع خديجة بن قنّة، فكانت في مرّة نادرة تنصت وتجيب، هي المعتادة أن تسأل وتحاور.

  

  • عرفتِ باكراً أنك تريدين أن تكوني إعلامية ودرستِ الإعلام، ألم يساورك شكّ؟ ألم تغرك اتجاهات أخرى في الحياة؟

خديجة: لم يكن هذا الاختيار سهلاً، لأيّ فتاة تعيش في مجتمع عربي محافظ، اختيارات الأهل تبدو في الواقع أهمّ من اختيار الشخص المعني نفسه. أراد أهلي توجيهي إلى تخصّص علمي في الجامعة، خصوصاً أن تخصصي في الدراسة لم يكن أدبياً بل كان علمياً... وكانت "موضة" أيام زمان هي الطبّ، الطبيب كان لقباً تفتخر به العائلة. لكنّه لم يغرني. إصراري على الصحافة والإعلام أعجز أهلي فقبلوا به.

 

  • من أين ينبع إيمانك بمهنتك والدور الذي اخترته في الحياة؟

خديجة: إيماني قويّ جدّاً بأنّ الإعلام أداة تغيير جوهرية في حياة الأفراد والمجتمعات، لأنّ الإعلام بكلّ بساطة يعني معرفتك بما يحيط بك لتفهم نفسك والحياة، هو رديف العلم والمعرفة والقوّة والتأثير... أنا مؤمنة جداً بهذه المهنة، لأنّها تساعد الإنسان على إحداث التغيير في نفسه وفي الآخرين. انظري إلى ما يحدث من تغيير في العالم العربي بسلبياته وإيجابياته، محرّكه الأساسي هو الإعلام.

  

  • ما هي نقطة التحوّل في حياتك المهنية؟

خديجة: نقطة التحول الرئيسة هي "الجزيرة"، لأنها أحدثت انقلاباً في المفاهيم الإعلامية السائدة التي كانت تفتقد إلى التحدي والجرأة. قبل "الجزيرة" كان الإعلام العربي يسبح في فلك الأنظمة، والآن بفضل "الجزيرة" أصبح للشعب صوت ومنبر. كان لمحطات أخرى وقعٌ في حياتي المهنية، مثل الإذاعة السويسرية والتلفزيون الجزائري، لكنّ صداها بقي محلياً، ولم يكن واسع الانتشار مثل "الجزيرة".

 

  • ما الفراغ الذي ملأه حضورك في المشهد الإعلامي العربي، برأيك أنت؟

خديجة: لم أملأ فراغاً كان موجوداً في المشهد الإعلامي العربي، لأنّ المرأة الإعلامية كانت موجودة دوماً، ولكنّ وجودها كان محصوراً في فضاءات ضيّقة، تُحشر فيها الإعلاميات في مجالات مخصّصة للثرثرة النسائية غالباً، وكثيرات كنّ جميلات في "فاترينة"، الآن اختلف الأمر، إذ نجد النساء الإعلاميات يبدعن في إدارة الحوارات السياسية والبرامج الجادة. أعتقد أن الجزيرة فتحت مجالاً واسعاً لنا -نحن النساء- لنخرج من قالب الأنوثة الشكلية إلى قالب أكثر مهنية واحترافية، لا تمييز فيه بين الرجال والناس، الكفاءة هي الفيصل.

 

  • المنافسة الشريفة أمر واقع ومطلوب، مع من تتنافسين؟

خديجة: المنافسة ضرورية، و أنا في الحقيقة أنافس وأتنافس مع كل زملائي وزميلاتي، وإلاّ كيف يطوّر المرء نفسه، إذا لعب وحده في الملعب، لا بد من لاعبين معه. 

  • من تغبطين؟

خديجة: يعجبني كثيرون وأحاول أحياناً أن آخذ من كلّ واحد مهارة معينة، قد تكون في اتقان لغة الجسد أو ملاحقة الضيف عندما يتهرب من الأجوبة أو خفّة الروح...

  • كيف تتعايشين مع كل هذا الكمّ من الأخبار المؤلمة اليومية، كيف تتوازنين؟

خديجة: اكتشفت منذ حوالي ثمانية أشهر أنني بلغت مرحلة الإدمان الخطير على تناول الأخبار في العمل والسيارة والبيت، حتى أصبت بوعكة صحية في عمودي الفقري بسبب جلوسي الطويل على الكمبيوتر، إضافة إلى حالة الإحباط والاكتئاب الدائمين بسبب طبيعة الأخبار والصور والفيديوهات التي نشاهدها يومياً... الآن خفّفت من جرعة الأخبار، واعتمدت أسلوباً حياتياً أكثر توازناً، بممارسة الرياضة والخروج مع الأصدقاء والصديقات، ومواكبة أطفالي في نشاطاتهم المدرسية.

 

  • أعرف أنك تحبين الخياطة، وتبتكرين لإضفاء لمستك الخاصة على الملابس، من أين تنبع هذه الهواية وماذا تحقق لك؟

خديجة (تضحك): هذا سر لا يعرفه أحد.. ما هي مصادرك؟؟ 

  • لا يبوح الصحافي بمصادره.

 خديجة: أنا بالفعل أحبّ الخياطة كثيراً، لكنني لم أصل حدّ الاحتراف، هي هوايتي منذ كنت صغيرة. كانت أمّي خلال العطلة الصيفية، تشغل وقت فراغنا بدروس الخياطة... ربما تبدو على الشاشة بعض آثار هذه الهواية القديمة، هي طريقة بسيطة للتعبير عن ذوقي الخاص.

 

  • أين خديجة، المواطنة الجزائرية، من تغطية "الجزيرة" للملف الجزائري، هل تجدين نافذة لتعبيرك عن معتقداتك ومواقفك؟

خديجة: ليست هناك تغطية للملف الجزائري من الجزائر، لأننا لم نحصل على الاعتماد من طرف السلطات الجزائرية. أما مواقفي السياسية فتبقى بالطبع بعيدة عن الشاشة احتراماً لأخلاقيات المهنة.

 

  • ما تعريفك للموضوعية الإعلامية؟

خديجة: عندما أركن سيارتي أمام مبنى القناة أضع داخلها كلّ قناعاتي ومواقفي الشخصية ومعتقداتي السياسية والحزبية والفكرية والأيديولوجية والدينية... هذا ليس سهلاً، التجرّد من الذات والموضوعية أصعب تحدّيات العمل الإعلامي، لكنه تمرين يومي عوّدت نفسي عليه. 

 

  • حين تغادرين الاستديو ليلاً وتقودين نحو منزلك، ما أكثر فكرة تلحّ عليك؟ نعرف أن نهاية يوم شاق تنتهي بخلاصة أو تأمل معيّن.

خديجة: ظروف عملي شاقة جداً، نوعيّة المضمون القاسي وأخبار القتل والصراعات، ضجيج "الغاليري" والزملاء في الإخراج يبقى في أذني حين أغادر، أشعر بحاجة ماسّة إلى الفصل والعزل، أدخل السيارة وأستمع إلى أغنية لأمّ كلثوم أو فيروز... يقطعها شيء خارج السياق، يعيدني إلى أجواء العمل، مثل رسالة ثناء أو قدح في البرنامج.

 

دلالات

المساهمون