رشيد مشهراوي... قصة مخرجي غزة وسط الدمار

23 مايو 2024
كاميرات أثناء إخلاء مستوطنة نيفي دكاليم، 16 أغسطس/آب 2005 (يوراي ليبرمان/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي يمكّن مخرجين في غزة المحاصرة من توثيق تجاربهم اليومية تحت القصف في سلسلة أفلام "من المسافة صفر"، تعكس المعاناة الإنسانية للمدنيين.
- رغم التحديات الكبيرة من انقطاع الاتصالات إلى نقص الإمدادات، استطاع الفريق إنتاج أفلام تسلط الضوء على الحياة تحت الحصار والقصف، محافظين على الرواية الفلسطينية.
- الأفلام عُرضت في مهرجان كان السينمائي، موسعةً الوصول للصوت الفلسطيني عالميًا، وتلقت دعمًا عربيًا، مما يبرز أهمية السينما الفلسطينية في السرد العالمي.

كان المخرج السينمائي الفلسطيني المخضرم رشيد مشهراوي خارج غزة عندما اندلعت الحرب الإسرائيلية عليها العام الفائت، فقرّر تسليم الكاميرا لمخرجين آخرين بقوا داخل القطاع المحاصر. وهؤلاء "هم قصة" مشروع العمل السينمائي الذي عرضه مشهراوي في الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان في فرنسا، بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على اندلاع الحرب. يقول رشيد مشهراوي: "كانوا يكافحون لحماية حياتهم وعائلاتهم وإيجاد الطعام والحطب لإشعال النار".

رشيد مشهراوي يدير "من المسافة صفر" عن بعد

كانت النتيجة مجموعة من الأفلام القصيرة بعنوان "من المسافة صفر"، تنقل أجواء ما تعيشه غزة في ظل القصف الإسرائيلي، والكارثة الإنسانية التي نتجت عنه، من منظور المدنيين على الأرض. في أحد هذه الأفلام القصيرة، تضع أم هجّرتها الحرب ابنتها في وعاء أبيض كبير، ثم تسكب عليها الماء برفق لتحميمها، مستخدمة ركوة نظيفة لإعداد القهوة التركية. وفي فيلم آخر، يروي رجل معاناته التي استمرت 24 ساعة تحت الأنقاض بعد انهيار المبنى الذي كان فيه.

وتولّى رشيد مشهراوي من الخارج توجيه الفرق العشرين الموجودة في غزة، وهي عملية وصفها بأنها "بالغة الصعوبة": "في بعض الأحيان، كنا نحتاج إلى الانتظار ما بين أسبوع وعشرة أيام لنتمكن من الاتصال بشخص ما، أو لنتمكن من الاتصال بشبكة الإنترنت لتحميل المواد" المصوّرة. وفي أوقات أخرى، كانت فرق العمل تنهمك بهموم الحرب اليومية، كإيجاد خيمة مثلاً، أو للاستحصال على الإنسولين لوالدة أحد المخرجين، أو لتدبير سيارة إسعاف لإنقاذ عدد من الأطفال.

صوت فلسطيني في كان

ليست هذه الأفلام القصيرة وحدها المعروضة في مهرجان كان هذه السنة، بل ثمة أعمال فلسطينية أخرى، من بينها الفيلم الدرامي "إلى عالم مجهول" للمخرج الفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل الذي تدور أحداثه في أثينا ويتناول واقع اللاجئين الفلسطينيين.

وليست للسينما الفلسطينية خيمة خاصة بها في هذا الحدث، لكنّ الجزائر أفسحت جناحها للمخرجين الفلسطينيين في الطرف الآخر من السوق الدولية للأفلام في كان. وقال المخرج الفلسطيني المقيم في النرويج محمد الجبالي: "إن سرديتنا وروايتنا للقصص باتت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى". وفرغ الجبالي من تصوير فيلمه الأحدث "الحياة حلوة" قبيل اندلاع الحرب، لكنّ صديقاً قريباً منه صوّر المشهد الأخير من هذا الوثائقي لم ينجُ من نيرانها، إذ "قُتل في أثناء انتظاره الحصول على المساعدات الغذائية"، على ما أفاد المخرج.

وأمل منير عطا الله، من شركة "ووترميلون بيكتشرز" في الولايات المتحدة، التمكن من عرض الفيلم في أميركا الشمالية، ملاحِظاً أن "حراس بوابة الصناعة السينمائية حرصوا طويلاً على إبعاد" الفلسطينيين عن الشاشات الأميركية. ومن الفلسطينيين الذين سبق أن استقطبوا مشاهدين في الولايات المتحدة شيرين دعيبس، التي أخرجت فيلم Amreeka عام 2009 وشاركت في إخراج مسلسل "رامي" الذي حقق نجاحاً كبيراً على منصة "هولو". لكنّ تصوير فيلمها الأخير، وهو عبارة عن ملحمة تاريخية، تعطّل بسبب حرب غزة.

وما كان من عضو طاقم الفيلم علاء أبو غوش، الموجود على الأرض في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، إلاّ أن أنتج فيلماً وثائقياً عن المشروع المتوقف، أطلق عليه بالإنكليزية عنوان Unmaking Of. وقال أبو غوش إن "الفيلم يطرح السؤال حقاً: ما أهمية صناعة الأفلام والفن في هذا النوع من المواقف، في هذه الحرب؟".

(فرانس برس)

المساهمون