انتهاء سريع لأزمة الزورقَيْن... الأولوية لتطبيق الاتفاق النووي الإيراني

انتهاء سريع لأزمة الزورقَيْن... الأولوية لتطبيق الاتفاق النووي الإيراني

طهران

العربي الجديد

العربي الجديد
14 يناير 2016
+ الخط -

في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، أعلن الحرس الثوري الإيراني رسمياً عن احتجاز زورقين حربيين أميركيين كانا قد تجاوزا الحدود المائية الإيرانية جنوباً. إعلان جاء بعد أكثر من ست ساعات على وقوع هذه الحادثة، بحسب ما ذكر الحرس نفسه، ما يدل على أن تعاطي المسؤولين الإيرانيين مع الأمر منذ لحظاته الأولى شابه الكثير من الحذر. إذ إن حادثة من هذا النوع كانت كفيلة بأن تكون مقدمة لأزمة سياسية بين طهران وواشنطن، في وقت تزاحمت فيه ملفات كثيرة أخرى تعني كلا الطرفين على حد سواء.

اقرأ أيضاً: الإفراج عن الجنود الأميركيين صباح الأربعاء

كان الحذر ظاهراً في نشر الأخبار المرتبطة بالحادثة، وفي تعاطي الوسائل والمواقع الرسمية الإيرانية معها، وفي تولي الحرس الثوري الإيراني وحده مسؤولية الحديث عما جرى منذ  لحظة الإعلان عن احتجاز الزورقين الحربيين وإيقاف عشرة عسكريين أميركيين كانوا على متنهما بينهم امرأة واحدة. وكان هذا الحذر واضحاً أيضاً، في صمت الخارجية الإيرانية المتعارف على أنها تمثل الحكومة المعتدلة، وما نقُل عنها جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أكد أن نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وعده بإطلاق سراح المحتجزين الأميركيين سريعاً خلال اتصال هاتفي بينهما، وهو ما حصل بالفعل.

ترافق هذا الحذر مع توجيه رسائل إيرانية تحذيرية، لكن "استعراضية"، إلى الولايات المتحدة. وقد ظهرت هذه الصفة الاستعراضية للرسائل التحذيرية، من خلال الانتهاء السريع للأزمة، والامتنان الأميركي الذي وُجّه للمسؤولين الإيرانيين.

وبعد وقت قليل على إطلاق سراح الأميركيين، وجّه كيري الشكر لإيران، وعبر عن "امتنانه للسلطات الإيرانية" بعدما أفرجت "سريعاً" عن البحارة العشرة. وقال في بيان إن "حل هذه المسألة بشكل سلمي وفعال دليل على الدور الحيوي الذي تلعبه الدبلوماسية للحفاظ على سلامة وأمن وقوة بلادنا". وتابع "أعبر عن ارتياحي الشديد لعودة بحارتنا سالمين" إلى السلطات الأميركية. وزاد "أريد أن أعبر عن امتناني للسلطات الإيرانية على تعاونها من أجل حل هذه المسألة سريعاً". وأضاف: "بصفتي بحاراً سابقاً، أعلم مدى أهمية انتشار قوات البحرية في العالم والدور المهم الذي تضطلع به بحريتنا في منطقة الخليج".

وكان الحرس الثوري قد نشر في بداية الحادث بياناً رسمياً جاء فيه أن الزورقين كانا مجهزين برشاشات وبأسلحة نصف ثقيلة، وتحدث عن أن عناصر تابعة للقوات البحرية في الحرس الثوري أوقفت الزورقين ومن عليهما بعد اقترابهما من جزيرة "فارسي" الواقعة في المياه الخليجية جنوبي البلاد، وبعد عبورهما عدة أميال داخل الحدود الإيرانية.

لم يخف الحرس حدوث توتر في المنطقة، ولاسيما مع اقتراب حاملة الطائرات الأميركية "ترومان"، والفرنسية "شارل ديغول" من الموقع، خلال عملية إيقاف الزورقين ومن عليهما. وذكر قائد القوات البحرية التابعة للحرس علي فدوي أن هذه الحاملات قامت بتحركات استفزازية وبطلعات جوية بالقرب من المنطقة استمرت لأربعين دقيقة.

ولم يتوان فدوي عن انتقاد التواجد العسكري الأميركي في المنطقة الخليجية ومنطقة مضيق هرمز، معبراً عن موقف بلاده الصريح والرافض لهذا التواجد الذي يهدد أمن المنطقة.

ولم تكد تمضي أربع وعشرون ساعة على الحادث، حتى أعلن مكتب العلاقات العامة التابع للحرس أن التحقيقات تشير إلى أن عطلاً فنياً في أجهزة الإرشاد، هو ما أدى لدخول الزورقين بطريقة غير متعمدة إلى داخل الحدود الإيرانية، بيان جاء بعد تصريح صباحي للمتحدث باسم الحرس رمضان شريف، أكد أن الإفراج عن الأميركيين لن يتم إلا بعد التأكد من أنهم لم يدخلوا إيران لأغراض تجسسية.

كما جاء في كلام الحرس تأكيد على تقديم العسكريين الأميركيين لاعتذار عما فعلوه، إذ قالوا إن هذا الخطأ لن يتكرر.

وبدا واضحاً من خلال التعامل الإيراني مع الحادث، اتفاق الحرس الثوري الذي يمثل الطيف المحافظ المتشدد في البلاد بشكل أو بآخر، مع الحكومة. على الرغم من أن الساعات الأولى التي أعقبت الإعلان عن خبر الاحتجاز أعطت انطباعاً وكأنّ خلافاً وقع بين الطرفين لجهة التعامل مع الحادث، في ظل صمت الخارجية الإيرانية، وبيانات الحرس المتخوفة من تجاوز متعمد للحدود الإيرانية؛ إلا أن ظريف الذي خاض الحوار النووي، وكسر عقدة التفاوض الثنائي مع الولايات المتحدة بعد سنين من قطع العلاقات، غير مستعد لخسارة اتفاقه النووي في هذه المرحلة، وهو يدخل حيز التطبيق العملي ويقترب من إلغاء العقوبات عن البلاد.

ثم جاء تصريح فدوي الذي أكد فيه أن الحرس والخارجية كانا على تواصل دائم، وأن ظريف طلب من نظيره الأميركي تقديم اعتذار رسمي، ليحسم مسألة الشكوك حول الخلاف، ويبين أن التعامل الإيراني مع الحادث يأتي في سياق سياسة إيرانية تحمل في أبعادها رسائل عدة.

ويرى مراقبون أن طهران لا تريد خسارة الاتفاق النووي، كما أن التصعيد لا يصب لمصلحتها السياسية في الوقت الراهن، إذ إن التوتر مرتفع مع الجارة السعودية وعدة أطراف خليجية وعربية أخرى، فيما وجدت طهران أن الحل لا يكون بالتصعيد، وإنما بكسب الجبهة الغربية.

من جهة ثانية، أراد بعض المسؤولين في الداخل، خصوصاً العسكريين، توجيه رسائل "استعراضية"، للولايات المتحدة، عبروا عنها من خلال إصرار الحرس على استكمال التحقيقات، ومن خلال تصريحات رئيس هيئة الأركان الإيرانية حسن فيروز أبادي بأن احتجاز العسكريين يجب أن يكون آخر خطأ ترتكبه القوات الأميركية في المياه الخليجية، وبأن ما جرى يجب أن يكون درساً لمن وصفهم بمثيري الشغب في الكونغرس الأميركي، ومن يتحدثون عن فرض عقوبات جديدة على إيران.

ويدعم هذه الرسائل أيضاً بيان قوات التعبئة المعروفين باسم "الباسيج"، والذي جاء فيه أن الحرس لن يرضخ لأي ضغوط ولن يسلّم الأميركيين إلا بعد تقديم اعتذار رسمي، وهذا ما حدث، بحسب ما أعلن الحرس في النهاية.

يذكر أن ما حصل ليس الأول من نوعه في منطقة المياه الخليجية. ففي إبريل/نيسان عام 2015، احتجزت إيران سفينة تجارية تابعة لشركة "ميرسك" تحمل علم جزر المارشال، وطلبت منها خمس سفن إيرانية التوجه لميناء بندر عباس، الخطوة التي فسرتها الرواية الأميركية على أنها عملية احتجاز، قالت إيران إن سببها خلاف تجاري له علاقة بديون متراكمة بين هيئة الموانئ ومالك السفينة.

وقبل ذلك في عام 2003، احتجزت طهران زورقين عسكريين كان على متنهما أربعة أميركيين وكويتيان اثنان، اعتقلهم الحرس لأربعة أيام بسبب تجاوز الحدود.

مع العلم، أن احتجاز الزورقين الأميركيين والإفراج عنهما وعن العسكريين لاحقاً، سبقته تصريحات أميركية أشارت إلى أن الحرس أجرى مناورات بحرية وأطلق صواريخه بالقرب من حاملة الطائرات الأميركية في المياه الخليجية هاري ترومان، وقد نفى الحرس ما اعتبره ادعاءات واهية.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أجاز المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اليوم الاثنين، تولّي محمد مخبر، النائب الأول للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، منصب الرئاسة الإيرانية مؤقتاً.
الصورة

سياسة

أعلنت إيران رسمياً، اليوم الاثنين، مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه، بعد تعرّض مروحية كانت تقلّهم لحادث، خلال زيارة إلى محافظة أذربيجان الشرقية.
الصورة

مجتمع

واجهت رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية ضغوطا جديدة أمس الجمعة إذ وجهت لجنة الإشراف بالجامعة انتقادات حادة لإدارتها بسبب قمع احتجاجات داعمة للفلسطينيين في الجامعة.
الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.

المساهمون