النظام السوري يُبرم صفقات غذاء فاسدة

01 ديسمبر 2015
تشهد سورية العديد من حالات التسمم يوميا (Getty)
+ الخط -
أخذ انتشار السلع المغشوشة والفاسدة في السوق السورية مستوى جديداً، بعد دخول حكومة بشار الأسد على الخط واستيرادها سلعاً منتهية الصلاحية، أو تكاد، بحسب ما كشفته بيانات "المؤسسة العامة الاستهلاكية" الحكومية.
وضبطت المؤسسة الاستهلاكية، الشهر الماضي، نحو 2.3 طن من السمن النباتي منتهي الصلاحية في مستودع بمنطقة كفر سوسة بدمشق، الخاضعة لسيطرة النظام. ‏وصادرت 500 صندوق من حليب الأطفال المجفف منتهية الصلاحية، يحتوي كل صندوق على 24 كيساً وزن الكيس الواحد 400 غرام، فضلاً عن 2100 عبوة من مادة بطاطا الشيبس المخصصة للأطفال بسبب انتهاء مدة الصلاحية ومصادرة 5 أطنان من زيت الزيتون المغشوش.
وأظهرت البيانات، أن آلاف الأطنان من السكر والأرز والتي استوردتها حكومة بشار الأسد عبر الخط الائتماني الإيراني، تقترب من نهاية صلاحيتها، ما يمثل خسائر كبيرة في تلك السلع التي يعاني السوريون نقصها بالأساس.
وقالت مصادر مطلعة، إن المؤسسة العامة الاستهلاكية وجّهت، في سبتمبر/أيلول الماضي، مديرياتها في المحافظات، لبيع كميات 1408 أطنان من الأرز، و5 آلاف طن من السكر، على جه السرعة.
ووجهت المؤسسة بضرورة البيع للمستهلكين بالقطاعي عبر المنافذ الحكومية، مع إمكانية بيع الأرز بالجملة للتجار وبسقوف عالية تصل إلى 10 أطنان، بعد أن كان التوجه في مرحلة وزارية سابقة، خلال الأزمة، هو منع بيع المواد الغذائية بالجملة للتجار، ولكن تم تجاوزه لاحقاً، بذريعة تصريف المادة التي انتهت صلاحيتها بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت المصادر أن المؤسسة الحكومية ذكرت في تعميمها إلى المديريات التابعة لها، أن السبب وراء ضرورة توزيع هذه الكميات يرجع إلى "تدني نوعية تلك السلع، بسبب تعقيمها مرات عديدة. وخشية تعرضها للتلف في حال عدم بيعها بالسرعة المطلوبة، وبالتالي تعريض المؤسسة لخسارة فادحة".

وقال خبير اقتصادي سوري، طلب من "العربي الجديد" عدم ذكر اسمه: يستغل التجار مأزق العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، ليظهروا بدور البطل الذي يستطيع تأمين احتياجات السوق بطرقه الخاصة، وللأسف تمنح الحكومة هؤلاء التجار الثقة وتؤمن لهم كل الشروط للاستيراد، والتي كان آخرها استيراد 200 ألف طن قمح طري، لكن التجار يبحثون عن السلع الرخيصة المشكوك في جودتها ومطابقتها المواصفات، ويجنون الأرباح الطائلة.
وأضاف الخبير، وهو أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، "الجديد في صفقة الأرز والسكر، أنها جاءت عبر الحكومة ومن أموال الديون الإيرانية، وهو مؤشر خطير على مدى الاستهتار بصحة السوريين والتلاعب بصرف أموال خطي الائتمان الإيراني".
ويعتقد الأستاذ الجامعي أن تصريف الصفقة الفاسدة جاء بإيعاز حكومي على أرفع المستويات، ما يحق للسوريين رفع دعوى قضائية وملاحقة اللجنة الاقتصادية التي أوعزت للمؤسسة الاستهلاكية التابعة لوزارة الاقتصاد، بجلستها، في الأسبوع الأخير، من أغسطس/آب الماضي، وبناء على موافقة رئاسة الوزراء، أن تتصرف سريعاً وفق ما تراه مناسباً في مثل هذه الحالات"، ما يشير وفق الخبير، إلى أن هاجس الحكومة هو تصريف المنتج الفاسد واسترداد ثمن الصفقة دون التفكير في آثارها الصحية على السوريين، وهي "سابقة وجريمة ومؤشر خطير".
وحول من يمنح إجازات الاستيراد بالظروف الاستثنائية، وكيف تدخل المواد المغشوشة الحدود دون رقابة، يقول عضو غرفة تجارة إدلب السابق، محمد نبيه السيد علي: إن الصفقات المشبوهة تُمنح لأسماء محددة لاستيرادها من دول محددة وبالاتفاق مع مسؤولين يضمنون دخولها من مرفأ طرطوس دون أخذ عينات للفحص، أو التلاعب بالنتائج المخبرية.
ويؤكد السيد علي، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الظروف مواتية، الآن، لمضاعفة الأرباح بواقع قلة المعروض من السلع الغذائية في السوق وغياب الدور الرقابي لحكومة الأسد.
ولا يهتم تجار الأزمات، بحسب السيد علي، بأي تداعيات سوى الربح، فالتاجر الذي باعته المؤسسة الاستهلاكية صفقة الأرز بسعر 110 ليرة للكيلو، يبيعه بسعر 250 ليرة ويصل سعره لأكثر من 1000 ليرة بالمناطق المحاصرة، والفترة الراهنة بسورية تماثل فترة النفط مقابل الغذاء، التي عاشها العراق، معتبراً أن هذه الصفقة الأولى العلانية التي تعطي حكومة الأسد للتجار الضوء الأخضر بتسويق منتج منتهي الصلاحية.
وتشهد سورية العديد من حالات التسمم بسبب انتشار تلك الأغذية الفاسدة.

اقرأ أيضا: المنطقة الآمنة في سورية..تحديات الإعمار والتشغيل وتوطين اللاجئين
المساهمون