النظام السوري يسرق المعونات الإنسانية

النظام السوري يسرق المعونات الإنسانية

04 مايو 2014
+ الخط -

موظفون وضباط وعساكر حواجز يستفيدون من المعونات الإنسانية التي توزعها منظمة الأغذية العالمية بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري الذي يشرف فعلياً على التوزيع، ويقدم قوائم المستحقين وفق سياسة تمليها الحكومة السورية، ما يجعل هذه المعونات تصل إلى من لا يستحق، ولا يستفيد منها المحاصرون والمهجرون الفعليون إلا بالنذر اليسير، بينما تجد في محلات البقالة في دمشق وريفها مواد غذائية كان من المفترض أن تكون وجبات لمحتاجيها.

الهلال الأحمر السوري واحد من أهم المنظمات الإنسانية الناشطة في سورية، وتهيمن عليه الدولة السورية هيمنة واضحة، ولا يمكن أن تفصله في هيكلته المؤسساتية ونظام تعامله عن مؤسسات الدولة، وفي الأزمة الإنسانية الكبيرة التي تشهدها البلاد، تعاظم دوره، بل يمكن أن يكون الدور الأكبر الذي قام به منذ تأسيسه عام 1942، وهو عضو في الحركة الدولية وفي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في جنيف والأمانة العامة العربية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر العربية. وله مركز رئيسي و14 فرعا موزعة في جميع المحافظات، إضافة إلى 84 شعبة تابعة للفروع.

وأغلب العاملين فيها الآن من المتبرعين والناشطين في العمل الإنساني، ولكنهم ينفذون أوامر الجهاز الأمني بصرامة، وهذا ما ينعكس على عدالة التوزيع وحجم الحصص المقدمة.

ويعبر أغلب المتضررين من المهجرين في ريف دمشق، والذين دمرت ممتلكاتهم وقتل أبناؤهم عن امتعاضهم من المعاملة الرديئة التي يلاقونها، إذ يعاملون على أساس أنهم حاضنة للإرهاب، لا يستحقون المعونات.

أم أحمد، وهي أم لأربعة أولاد، استشهد زوجها في قصف مدفعي على (المعضمية)، واضطرت للهروب من بيتها، تقول إن شعبة الهلال الأحمر أجلت تسليمها المعونات لأكثر من أربعة أشهر، واضطرت لمراجعة جهات أمنية عدة، ليتم التأكد من كونها "وطنية" أي لا علاقة لها بأي جهة معارضة.

مواطن من منطقة (داريا) بريف دمشق اضطر إلى مغادرة مكان لجوئه الجديد، بسبب التضييق عليه من قبل الأجهزة الأمنية، لكونه من هذه المنطقة الساخنة، حيث اتُّهم بإدخال أسلحة ومواد متفجرة، كي لا ينال معونته.

تُزور بيانات الذين يراد منحهم المعونة، ممن ترضى عنهم الجهات الأمنية، وذلك بإصدار بيانات مزورة تعتمد إقامة غير حقيقية، وذلك يتم عبر (المخاتير) الذين اعتُمدوا في أغلب المناطق لمنح سندات إقامة مزورة.

وبذلك تُوزَّع المعونات على المؤيدين وأبناء الطائفة، ومن ثم يقوم هؤلاء بنقلها إلى قراهم، وتوزيعها كهبات، المهم في الأمر، ألا تصل كما يقولون إلى "المندسين" و"جماعة العرعور" في إشارة إلى من يتعاطف مع المعارضة.

السيارات التي تصل إلى مناطق تجمعات المهجرين تمر بالحواجز الأمنية والعسكرية، وبالتالي هؤلاء أول المستفيدين من عناصر وضباط، ويتم إنزال قسم منها أو حتى توجيهها إلى مناطق مؤيدة للنظام.

ومن خلال التزوير أيضا، يستفيد عناصر الجيش والأمن وأسرهم والموظفون على رأس عملهم، والمخبرون والمخاتير وأعضاء الفرق الحزبية والبعثيون.

أغلب هؤلاء ليسوا بحاجة إلى هذه المعونات وبعضهم يعتبرها من السلع رديئة الجودة، ولذلك يقومون ببيعها إلى المحال التجارية بأسعار أقل من المواد المتوفرة في البقاليات ومحلات بيع الجملة.

صاحب أحد المحال التجارية يقسم أنهم يبيعونه بالقوة، ما يستولون عليه من سيارات المعونة (يقصد عناصر الحواجز).

أما عن جودتها وتصريفها، فيقول إنه يخفي هذه البضائع ويبيعها بسعر أقل للفقراء والمحتاجين الذين لا يهتمون بالجودة والماركة.

الفقراء تدفعهم ظروفهم القاسية للاستغناء عن جزء كبير من هذه الحصص، وبالتالي يبيعونها إما لمداواة مريض أو لشراء حاجيات غير مخصصة لهم ولا تحتويها الحصة.

أم إبراهيم لديها طفل مصاب بشلل دماغي، تضطر في أغلب الأحيان إلى بيع حصة العائلة فقط لشراء (فوط) لابنها.

أبو أحمد مريض السكري والقلب واعتلال الأعصاب والمصاب بجلطتين دماغيتين، هرب أولاده إلى لبنان، وهو يقيم في مركز للإيواء تباع حصته مقابل أدويته التي بالكاد يستطيع المحسنون تأمينها له.

بعض أصحاب النفوس المريضة يسجل بطرق ملتوية في أكثر من مركز وذلك بإبراز وثائق جديدة عبر الادعاء بفقدان الوثيقة الرسمية وبالتالي يحصل على أكثر من حصة غذائية وفرشات وحاجيات التنظيف، وهؤلاء امتهنوا بيع مواد الإعانة، وأغلبهم من اللصوص والعاطلين عن العمل الذين تحولوا إلى مهنة أفرزتها الحرب.

هذا عدا عن الفساد في هرم الهلال الأحمر الذي يوجه موظفيه بتعليمات أمنية إلى إرسال المعونات إلى المناطق المؤيدة، وتـأخير وصولها إلى المحتاجين في مناطق الصراع، وساهم بشكل كبير في فرض حصار جائر وقاس على المناطق الثائرة.