النظام السوري يرفع أجور الموظفين من جيوب الفقراء

18 يوليو 2014
ضعف القدرة الشرائية في سورية(لؤي بشارة/فرانس برس/getty)
+ الخط -
يسعى النظام السوري إلى خلق انجازات اجتماعية وهمية، يرمي من خلالها الى اظهار نفسه كحريص على حقوق ما تبقى من سوريين في أرضهم بعدما هجّر ببراميله المتفجرة الملايين من السوريين خارج حدود الوطن. آخر هذه الانجازات الوهمية، قرار تصحيح أجور موظفي القطاع العام بنسبة 50 في المئة، زيادة ستلحق بحوالى 940 ألف موظف، ممولة من زيادة سعر رغيف خبز آلاف الفقراء، وزيادة أسعار البنزين، ورفع الدعم عن السلع الغذائية الأساسية.

وأفادت مصادر سورية خاصة بـ"أن وزارة المالية السورية أنهت مسوّدة مشروع مرسوم زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة بنسبة 50 في المائة"، متوقعة أن يصدر القرار مطلع شهر أغسطس/آب المقبل.

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد": لقد أدى رفع الدعم عن العديد من السلع الى زيادة العائدات المالية في الخزينة، فقد أدى ارتفاع سعر البنزين العام الماضي بنسبة 20 في المائة ليصبح سعر الليتر 120 ليرة (حوالى 72 سنتاً) الى تحقيق وفر سنوي بنحو2.7 مليار ليرة (حوالى 16.2 مليون دولار). كما ساهم رفع سعر الخبز الأسبوع الفائت بتحصيل 18 مليار ليرة (حوالى 108 ملايين دولار)، بالاضافة الى زيادة عائدات رفع الدعم عن أسعار الأرز والسكر، والتي أدخلت الى الخزينة 10 مليارات ليرة (حوالى 60 مليون دولار).

ولفتت المصادر الى أن هذه الاموال من شأنها تحقيق تعويض في واقع تراجع موارد خزينة الدولة التي كانت تأتي من النفط والضرائب، وتسمح بزيادة الاجور. لكن زيادة الاجور هذه، وبحسب الاقتصاديين، ستؤدي الى زيادة نسب التضخم، وستنعكس سلباً على المواطن السوري، حيث سترتفع الاسعار بشكل جنوني.

انعكاسات سلبية

وقد توقع وزير سوري سابق زيادة الرواتب والأجور في سورية قريباً، بعد ارتفاع نسبة التضخم النقدي الى 150 في المائة، وارتفاع نسبة الفقر عن 50 في المائة، لكنه حذر من إقرار الزيادة في ظل فلتان الاسعار، وقال الوزير الذي طلب عدم ذكر اسمه لمراسل "العربي الجديد": هذه الزيادة في الاجور، إن لم تترافق مع مراقبة الأسواق، ستنعكس سلباً على السوريين لسببين، الأول: سيرتفع تضخم الليرة، وبالتالي لن يشعر السوريون بفارق الزيادة، والسبب الثاني، لن يتقاضى العاملون خارج القطاع العام في الدولة أي زيادة في الاجور، ما يعني أنهم سيدفعون ثمن ارتفاع الأسعار، مشيراً الى أن المعارضة السورية لم تعمل على سعر الصرف بشكل إحترافي، ولو فعلت ذلك العام الماضي، في وقت تعدى سعر الدولار 300 ليرة لسقط النظام في اليوم التالي.

من جهته، قال الاقتصادي علي الشامي:"ستأتي هذه الزيادة على سعر صرف الليرة مقابل العملات الرئيسية، فبعد الزيادة السابقة عام 2013، ارتفع سعر صرف الدولار لأكثر من 200 ليرة، وأضاف الشامي لـ"العربي الجديد": تراجعت الليرة السورية في أكثر من مناسبة، فعند تسلم الأسد الأب السلطة في عام 1970، لم يكن يزيد سعر الدولار عن 3.8 ليرات سورية، وبعد ثورة الاخوان المسلمين، نهاية السبعينيات مطلع الثمانينيات، ارتفع سعر صرف الدولار الى 18 ليرة، نتيجة أسباب عدة، منها سرقة رفعت الأسد للعملة الصعبة، وفي بداية الثورة، قبل أن يبدد الأسد الابن الاحتياطي النقدي "18 مليار دولار" وتهدم طائراته وصواريخه الاقتصاد والبنى التحتية، كان سعر الدولار 148 ليرة، في حين وصل سعر الدولار أمس الخميس، إلى 166 ليرة في السوق السوداء.

وأوضح الشامي أن الحكومة ستمول زيادة الرواتب بالعجز، عبر الدين الخارجي حصراً، إذ لا سندات خزينة تطرحها ولا قطع أجنبي لديها لتبيعه، ما سيزيد نسبة التضخم وانعكاس الزيادة سلباً، لا إيجاباً، على معيشة السوريين.

من جيوب الفقراء

في المقابل، قال سعيد إبراهيم العامل سابقاً في مديرية مالية إدلب "شمال سورية": "إن الدولة السورية عاجزة عن تأمين الموارد، حيث يزداد عجز الخزينة العامة للدولة عاماً بعد آخر، وخصوصاً بعد خروج النفط بالكامل عن سيطرتها، والذي كان يشكل نحو 24 في المائة من الناتج الإجمالي لسورية، و25 في المائة من عائدات الموازنة و40 في المائة من عائدات التصدير، لذا لجأت الحكومة إلى سحب الدعم عن بعض السلع، وسترفع أسعار سلع أخرى كي تؤمن موارد تسديد بند الرواتب والأجور".

وأضاف إبراهيم لـ"العربي الجديد": "ماذا سيستفيد السوريون من الزيادة، التي سيدفعونها من جيوبهم، نتيجة زيادة الأسعار، إن كان سعر صرف الليرة قد تراجع؟ وهل كل السوريين يعملون في الدولة وسيستفيدون من الزيادة؟ أضف إلى ذلك أن معظم السوريين بلا عمل، وقد فصل نظام الأسد الموظفين في المناطق المحررة بتهمة تأييدهم للثورة".

زيادة الانتاج

وكان رئيس هيئة تخطيط الدولة في سورية همام جزائري قد قال سابقاً في تصريحات صحافية: "إن عملية رفع الرواتب مرتبطة بزيادة الإنتاج في سورية بشكل عام، وارتفاع حركة التصدير بشكل خاص، وأن الحكومة تسعى لتعزيز الإنتاج في القطاعين العام والخاص، على مستوى التشريعات والقوانين". وعليه فإن الزيادة في الرواتب يجب أن تكون مبنية على أساس زيادة في الانتاج، خصوصاً أن سورية تعاني وضع اقتصادي متردّ.

وقد أشار بشار الاسد خلال أدائه اليمين الدستورية، أن سورية تعاني من وضع اقتصادي متردّ بعد انخفاض عائدات الدولة من قطاعات عديدة، أبرزها القطاع السياحي، والقطاع النفطي، معولاً على إعادة الإعمار لتحسين الواقع الاقتصادي المتردي، وقال:"حالة اقتصادية صعبة يشعر بها كل مواطن سوري من دون استثناء، وبما أن الضرر الأكبر الذي أصاب الاقتصاد هو في تدمير البنى المادية الحيوية لنمو الاقتصاد واستمراره، فإن تعافيه يجب أن ينطلق من النقطة نفسها".

يذكر أن آخر زيادة على الرواتب في سورية كانت عام 2013 حيث وصلت الى 40 في المائة، وقبلها زيادة تزامنت مع ثورة السوريين في آذار عام 2011، قضت بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة 1500 ليرة سورية للراتب المقطوع، يضاف إليها زيادة قدرها 30 في المائة من الرواتب والأجور المقطوعة دون الـ10000 ليرة شهرياً، وزيادة قدرها 20 في المائة من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع والبالغ 10000 ليرة سورية فما فوق.

 

المساهمون