النظام السوري والأكراد في الحسكة: من التنسيق إلى الاقتتال

النظام السوري والأكراد في الحسكة: من التنسيق إلى الاقتتال

19 يناير 2015
القوات الكردية سيطرت على نقاط للنظام (فرانس برس)
+ الخط -

تحوّل التنسيق الأمني المشترك الذي استمر شهوراً طويلة بين قوات النظام السوري و"قوات حماية الشعب الكردية" في مدينة الحسكة أقصى شمال شرق سورية، إلى اشتباكات بين الطرفين، بدأت السبت وتواصلت أمس الأحد. وترافقت الاشتباكات مع عمليات قصف شنّتها مدفعية النظام على نقاط تمركز القوات الكردية، في الأحياء التي تسيطر عليها إلى الشمال والغرب من مدينة الحسكة.

واندلعت الاشتباكات فجر السبت بين الطرفين في المدينة، بعد رفض "قوات حماية الشعب الكردية" نصب حاجز للنظام في منطقة دوار الإطفائية قرب شارع روتكو، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباك بين مسلحي الطرفين، انتهى بسيطرة "قوات حماية الشعب" على الحاجز بعد اعتقالها عدداً من عناصر قوات النظام، بحسب مصادر ميدانية في المدينة.

وتوسّعت الاشتباكات بين الطرفين بعد ذلك، إذ هاجمت "كتائب البعث"، وهي إحدى المليشيات المحلية الموالية للنظام، نقاط تمركز القوات الكردية في محيط الكنيسة الآشورية شمالي المدينة، كما قامت مدفعية قوات النظام بقصف حاجز المستشفى الجديد قرب محطة مرشو، الأمر الذي أجبر "قوات حماية الشعب" على الانسحاب من المنطقة.

في السياق نفسه، قامت وحدات "حماية الشعب" بمهاجمة نقاط تمركز قوات النظام في الأحياء الشمالية من مدينة الحسكة، للتمكن بعد اشتباكات عنيفة استمرت لساعات، من السيطرة على المخفر الشمالي والمخبز الآلي ومحطة الوقود العسكرية، وصوامع الحبوب الواقعة بين دوار تل حجر والمدخل الشمالي لمدينة الحسكة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد أن "وحدات حماية الشعب" تمكنت خلال هذه المعارك من أسر أكثر من 25 عنصراً من قوات النظام والمسلّحين الموالين لها، مقابل أسر قوات النظام أربعة عناصر على الأقل من القوات الكردية.

وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاشتباكات بين الطرفين تواصلت أمس الأحد، لليوم الثاني على التوالي، إذ جددت قوات النظام قصفها على المنطقة الممتدة من دوار تل حجر وحاجز الصباغ شمالي مدينة الحسكة، كما سقطت عدة قذائف على حيي الصالحية والعزيزية اللذين تسيطر عليهما "قوات حماية الشعب" شمالي المدينة، الأمر الذي أدى إلى حركة نزوح للسكان من الأحياء التي تتعرض للقصف نحو الأحياء المجاورة.

وكانت الحسكة شهدت تنسيقاً بين قوات النظام و"قوات حماية الشعب الكردية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي هاجم الحواجز المشتركة للطرفين جنوب وشرق مدينة الحسكة عدة مرات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.

فقد هاجم "داعش" في منتصف الشهر الماضي حواجز "قوات حماية الشعب" الكردية، وحواجز النظام في قرية الذيبة الواقعة شمال شرق الحسكة، وفي منطقة تل مجدل الواقعة على طريق تل تمر شمال الحسكة، من دون أن ينجح التنظيم في تحقيق تقدم ملحوظ بعد تصدي قوات النظام و"قوات حماية الشعب" الكردية لهجماته.

كما أن "قوات حماية الشعب" وقوات النظام تصدت في وقت سابق من العام الماضي، لهجوم كبير شنّته قوات "داعش" على نقاط تمركزها في الريف الجنوبي لمدينة الحسكة، وتحديداً في الفوج 121 وفي قرى تل عودة وأم جفار وخربه جوعكة، التي تنتشر فيها حواجز مشتركة لقوات النظام والقوات الكردية.

ويوضح المتحدث باسم "تيار المستقبل" الكردي في سورية، جيان عمر، لـ "العربي الجديد"، أن الاشتباكات في اليومين الماضيين في مدينة الحسكة لا تعدو كونها حوادث عرضية، تحصل بين الحين والآخر في المناطق التي يتواجد فيها مسلحو الطرفين، ذلك أن العام الماضي شهد اشتباكات مماثلة في محيط الفرن الآلي في مدينة القامشلي وتم احتواء الخلاف فيما بعد، على الرغم من سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

وكان حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذي تتبع له "قوات حماية الشعب"، قد وقّع مع المجلس الوطني الكردي الذي يضم الأحزاب الكردية السورية المعارضة للنظام السوري في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتفاقاً في مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق، ينصّ على ضم أحزاب المجلس الوطني الكردي للإدارة الذاتية للمناطق التي تسيطر عليها "قوات حماية الشعب الكردية".

وكان من المتوقع أن تؤدي اتفاقية دهوك في حال تطبيقها إلى إبعاد "الاتحاد الديمقراطي" عن النظام السوري؛ نظراً لتعارض التنسيق الأمني بين قوات النظام و"قوات حماية الشعب" مع اتفاقية دهوك، التي نصّت على مشاركة أحزاب المجلس الوطني الكردي في مجلس موحّد مع حزب "الاتحاد الديمقراطي" لإدارة المناطق ذات الغالبية الكردية شمال شرق سورية.

إلا أن ذلك لم يحصل، ولم تُنفّذ اتفاقية دهوك حتى اليوم على الرغم من مرور ما يقارب الثلاثة أشهر على توقيعها، إذ لم يتم تشكيل المجلس الكردي المشترك الذي أناطت اتفاقية دهوك به إدارة المناطق الكردية في سورية، كما أن الجسم السياسي الموحّد الذي تحدثت عنه الاتفاقية، والذي كان من المفروض أن ينهي استئثار "الاتحاد الديمقراطي" بإدارة المناطق ذات الغالبية الكردية شمال وشمال شرق سورية، لم يتم تشكيله أيضاً.

وفي هذا السياق، يرى عمر أن اتفاقية دهوك كانت في الأساس بهدف احتواء أزمة هجوم "داعش" على مدينة عين العرب، وتغطية تسليح ودعم وحدات "حماية الشعب الكردية" في المدينة، ودعم طيران التحالف الدولي لها لوقف تقدم "داعش"، مشيراً إلى أنه لا يوجد لدى "الاتحاد الديمقراطي" أي نية لإشراك الأحزاب الكردية المنضوية في تشكيل المجلس الوطني الكردي في الإدارة الذاتية للمناطق التي يسيطر عليها، على عكس الكلام الذي ورد في اتفاقية دهوك.

ويعتبر عمر أن "الاتحاد الديمقراطي" لا يملك أصلاً القرار في مصير الإدارة الذّاتية، وإنّما يعود قرار إشراك مكونات فيها إلى النظام السوري، وعلى هذا الأساس كانت الأطراف المشاركة في هذه الإدارة هي من المكوّنات العربية، الآشورية، السريانية والكُردية الموالية للنظام السوري فقط.

دلالات

المساهمون