المغرب: صراع اللحظة الأخيرة

المغرب: صراع اللحظة الأخيرة

29 فبراير 2016

إلياس العماري.. "لقاء سري" مع بنكيران

+ الخط -
هل يمضي رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بن كيران، ما تبقى من رئاسته الحكومة نصف الإسلامية دفاعاً عن تجربة حزبه، العدالة والتنمية، في تسيير الشأن العام، والشأن الحكومي خصوصاً؟ أم أن الزمن لن يسعفه في صياغة ورقة دفاع قوية، لا تجد متحمّسين لها ومناصرين لخطوطها العريضة، حتى من شركائه في التدبير الحكومي، أما أحزاب المعارضة فقد أسرجت خيولها منذ الآن، وعيونها على نهاية خط السباق، خصوصاً أن الحصان الرابح، حزب الأصالة والمعاصرة، يتقدم الحلبة بوثوق، وجعل بن كيران يوجه مدفعيته الثقيلة نحوه، مستعملاً كل أشكال الضرب المشروع وغير المشروع، حتى يكفّ عن حزبه هجوماً كاسحاً، بدأ بإضراب عام حقق نجاحاً، صار مثار جدال، وتوّج ببيان تنسيقي بين حزبين على رأس المعارضة، هما الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، يحضران فيه للمرحلة الانتخابية المقبلة.
لكن جدلاً نشب حول حقيقة لقاء "سري"، جمع بين زعيم "العدالة والتنمية" عبد الإله بن كيران، وقائد "الأصالة والمعاصرة"، إلياس العماري، جعل بن كيران يخرج سريعاً لنفي حدوث مثل هذا اللقاء، معتبراً أن من يروج مثل هذه الأخبار الفاقدة للصحة، إنما يريد أن يصنع خريطة سياسية على المقاس، في إشارة إلى ما يسميه بن كيران "أطرافاً في الدولة العميقة"، لا يتعب من التشهير بها، كلما ضاقت حوله مساحات اللعب.
من ناحيته، صرّح العماري أن الحديث عن ثنائية حزبية، تمثلها "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة"، لن يكون أبداً في صالح الديمقراطية المغربية، وسيشكل خطراً على التعددية الحزبية في البلاد.
لو جرى تأمل ما وقع وما سيقع في الأيام المقبلة من منظور الحراك الاجتماعي والحزبي، لجاز وصفه بأنه "صراع اللحظة الأخيرة"، سيدفع إلى نوع من "الفرجة الإعلامية"، بدأت معالمها الأولى تظهر الآن، في الإعلامين، الورقي والإلكتروني، وفي الصفحات الاجتماعية للأحزاب الرئيسية.
فقد أصبح السلوك السياسي مجالاً للتأويل، وربما ينتظر الناخبون فرجة عالية الأداء، تسبق الذهاب إلى صناديق 7 أكتوبر/ تشرين الأول. فالأداء الخطابي لحزب العدالة والتنمية أصبح نغمة مألوفة، وبيّنت المناسبات أن بن كيران هو عرّابه الوحيد، ولن يكون في مقدور شخصية سياسية بديلة داخل الحزب الإسلامي لعب الدور نفسه، ربما لأن الوجه الإسلامي المعروف في الداخل والخارج لم يترك المجال رحباً، لبروز شخصية بديلة، تستطيع أن تقدم نفسها حاملة الاستمرارية والتجاوز، في المؤتمر الوطني الذي ينعقد في السنة الانتخابية نفسها، بالنظر إلى أن بن كيران لن يكون أمامه حظ للترشح، ما لم يحدث تعديل في القوانين.
غير أن غريمه "الأصالة والمعاصرة" مشغول تماماً بترتيب بيته الداخلي، بعد مؤتمره أخيراً، فإلياس العماري يريد أداة حزبية قوية مكونة من يساريين سابقين، لهم مراس العمل العام، ومن شخصيات جديدة وافدة من أحزاب أخرى، تطلب فرصة أفضل، ومن شبابٍ لم يقنعه ما هو موجود، وينتظر أن يجد تعبيراته داخل الحزب الذي يضم فسيفساء كاملة من المجتمع المغربي بكل أطيافه وانتماءاته الطبقية والجهوية واللغوية: عرب وأمازيغ وصحراويون ويهود.
لكن، بالنسبة للأصالة والمعاصرة، العملية الانتخابية معركة لا هوادة فيها، وسيعطي كسبها مفتاح التفاوض لهذا الحزب، الذي برز كآلة انتخابية.
كان ممّا سربته وسائل الإعلام المغربية، صدقاً أو اختلاقاً، أن اللقاء السري بين بن كيران والعماري تمحور حول تشكيل الحكومة المقبلة، فقد قدم بن كيران عرضاً للعماري، مفاده الدخول في تحالف مع الحزب الإسلامي في حكومة ما بعد 7 أكتوبر، لكن زعيم "الأصالة والمعاصرة" تعامل بدهاء مع العرض، وقال إنه سيفكر في الأمر إذا حل حزبه ثانياً، أما إذا تصدّر، فسيبحث عن تشكيل الحكومة من الأقرب إليه سياسياً وإيديولوجياً.
نعرف أن بن كيران سارع إلى نفي حدوث هذا اللقاء السري مع العماري، لكن "المصادر العليمة" تؤكد غير ذلك، وأما المتابع فيفهم أنه "صراع اللحظات الأخيرة".
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..