المعارضة تستعدّ لمعركة القلمون الفاصلة

06 مايو 2015
مقاتلون موالون للنظام السوري في القلمون (فرانس برس)
+ الخط -
تدلّ جميع المؤشرات على أنّ معركة القلمون آتية لا محالة، لذلك تستعدّ لها فصائل المعارضة السورية لوجستياً وإعلامياً. ونظراً للتطورات الأخيرة في مختلف جبهات القتال السورية وتضعضع قوات النظام، فإنّ معركة القلمون ستكون مغايرة عن معركة يبرود، إذ ستعتمد فيها المعارضة على الكرّ والفرّ واستنزاف قوات النظام وحزب الله.

ويتجلى التحضير اللوجستي خصوصاً لدى "جبهة النصرة" من خلال توظيف الرؤية البصرية، عبر نشر صور توضح تدريب فرق متخصصة من رماة الصواريخ الموجّهة ونشرها على قمم الجبال، إضافة إلى الأسلحة المضادة للدروع، فيما يبدو التركيز واضحاً على الأسلحة الثقيلة لتكون حاضرة في المعركة، فضلاً عما يسمى "جيش الفتح" الذي أضحى، بعد التجربة الناجحة في إدلب، يشكل رمزاً لانتصارات المعارضة، وخصوصاً في ظل نجاحه في جميع الاختبارات التي خاضها ضدّ قوات النظام، ما قد يشكّل ربطاً بين الشمال والجنوب، وإن لم يكن على المستوى العسكري، فهو على المستوى الإعلامي. 

اقرأ أيضاً: "النصرة" تعلن عن تأسيس "جيش الفتح في القلمون"

ولم يكن هجوم "النصرة" وفصائل إسلامية مقاتلة على مراكز تابعة لقوات النظام السوري وحزب الله في جرود القلمون شمال دمشق، أول من أمس، سوى ضربة استباقية، ومحاولة لجرّ الطرف الآخر إلى المعركة، بعد أنباء عن نية حزب الله وقف إطلاق النار، بهدف إجراء نوع من المصالحة مع فصائل المعارضة في بعض قرى وبلدات منطقة القلمون الغربي (على الحدود الشرقية بين لبنان وسورية، أبرزها بلدة الجبة في الداخل السوري والتي تبعد 15 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، و10 كيلومترات عن الطريق الدولي بين دمشق والساحل السوري).

لكن هجوم المعارضة يشير إلى أنها لا ترغب في التهدئة الآن، بعد الإعداد للمعركة، وخصوصاً أنها تأتي في وقت يشهد فيه النظام السوري تصدعاً في جبهاته، منذ بدء "عاصفة الحزم" في السادس والعشرين من الشهر الماضي، بقيادة السعودية ضدّ جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والقوات الموالية لهم في اليمن، والتي خسر فيها مدينة بصرى الشام ومعبر نصيب في درعا في الجنوب، ومدينة إدلب وجسر الشغور ومعسكر القرميد وقرى عديدة في سهل الغاب في الشمال الممتد إلى الغرب.

يرى الناشط الإعلامي تيم القلموني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "معركة القلمون ستكون مفصلية ومصيرية بالنسبة للمعارضة، ولم يعد هناك من مفر. القتال سيكون بشراسة تضاهي شراسة معركة يبرود"، مشيراً إلى أنّ الفصائل التي ستشارك في المعركة المرتقبة هي "(جيش الفتح) و"اعتصموا" المؤلف من فصائل "السيف العمري" و"لواء الغربال" و"نسور دمشق" و"كتيبة رجال القلمون"، بالإضافة إلى (جبهة النصرة)".

وقد يكون لسيطرة قوات النظام و"حزب الله" على غالبية منطقة القلمون منذ منتصف أبريل/نيسان العام الماضي، وتحصّن العديد من مقاتلي المعارضة في الجبال والمغاور الطبيعية شمال دمشق، والتي تمتد على عشرات الكيلومترات على الحدود مع لبنان، نقطة قوة لصالح الأخيرة؛ إذ ستعتمد حينها على استراتيجية الكرّ والفرّ وضرب حواجز ومراكز النظام وحزب الله، ومنعها من التمركز، والحد من حركتها أو قدرتها على شنّ هجمات مؤثرة نتيجة استهدافها المستمر. وذلك بخلاف ما كان الوضع عليه في يبرود ودير عطية والنبك، حيث خاضت المعارضة معارك أشبه بحرب مدن، ولم يستطع مقاتلوها الصمود، بسبب نقص الذخيرة وفقدان الأسلحة النوعية، ناهيك عن دور سلاح طيران النظام الحاسم في المعركة.

وشكّل الإعلان رسمياً، أمس، عن تأسيس "جيش الفتح" القلمون بعد ساعات قليلة من نشر "جبهة النصرة" تسجيلاً مصوراً يظهر عدداً من العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديها منذ معركة عرسال على حدود لبنان الشرقية مع سورية في أغسطس/آب من العام الماضي يوجهون رسائل تحمّل "اللواء عباس إبراهيم وحزب الله مسؤولية الفشل"، مؤشراً واضحاً على محاولة اللعب على إضعاف معنويات حزب الله قبل بدء المعركة رسمياً عبر التحضير اللوجستي والإعلامي.

وجاءت هذه الرسالة بالتزامن مع بيان رئيس الحكومة اللبنانية السابق، سعد الحريري، الذي أشار فيه إلى أن "حزب الله يحشد السلاح والمسلحين لبدء المعركة، ويستخدم الحدود اللبنانية من دون حسيب أو رقيب، في جولةٍ جديدة من التورط في الحرب السورية، التي لا وظيفة لها سوى حماية الظهير الغربي لبشار الأسد، في ظل الانهيارات العسكرية، لجيش النظام في غير منطقة من سورية، ما يحمل حزب الله تبعات معركة ضخمة في هذا الوقت، والذي يبدو أنه يريد كسب أي انتصار على حساب المعارضة السورية بعد الهزائم المتكررة التي تلقاها في الجبهة الجنوبية والشمالية".

اقرأ أيضاً: الحريري يُحمّل "حزب الله" تبعات التورط في القلمون
المساهمون