المعارضة السورية تطرح مبادرة "إنسانية" وطهران تصفها بالحيلة

07 ديسمبر 2016
مأساة داخل أحياء حلب المحاصرة (جورج أورفيليان/فرانس برس)
+ الخط -

تقدمت فصائل المعارضة السورية في حلب، اليوم الأربعاء، بـ"مبادرة إنسانية"، لإخلاء الحالات الطبية الحرجة من شرق المدينة، فضلاً عن المدنيين الراغبين بمغادرة الأحياء المحاصرة، تحت إشراف الأمم المتحدة، مؤكدة عدم نيتها الانسحاب، فيما اعتبرت طهران ذلك حيلة حربية هدفها تقديم "دعم التسلح للفصائل الإرهابية".

وطرح مجلس قيادة حلب، المبادرة الإنسانية، التي تدعو إلى إنقاذ المدنيين، وتقضي بإخلاء الحالات الطبية الحرجة التي تحتاج عناية عاجلة، والتي يقدر عددها بـ500 حالة، وإخلاء المدنيين الراغبين في ترك حلب الشرقية المحاصرة إلى ريف حلب الشمالي، "لأن محافظة إدلب لم تعد منطقة آمنة بسبب قصف الروس والنظام للمدن والقرى فيها، ولم تعد قادرة على احتواء المزيد من النازحين داخلياً"، وفق ما جاء في المبادرة.

وقال المجلس إنه "عندما يتم تخفيف وطأة الحالة الإنسانية في مدينة حلب الشرقية، تقوم الأطراف المعنية بالتفاوض حول مستقبل المدينة"، مشيراً إلى "وحشية النظام في تعامله مع المدنيين الذين هربوا من الأحياء المحاصرة بسبب القصف". وأضاف أنه "تم اختطاف المئات من الشباب، وتصفية العشرات منهم ميدانياً، وتعرضت العديد من النساء للاغتصاب من قوات النظام والمليشيات المتحالفة معه، مما يجعل مستقبل المدنيين في حلب الشرقية في خطر عظيم في حال خروج الفصائل بدون إخلاء المدنيين إلى منطقة آمنة".

وأكد المجلس أن "غياب دور المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في ضمان حماية المدنيين يجعله يتحمل المسؤولة الكاملة في ما يتعرضون له في حلب، وما سيتعرضون له في قادم الأيام".

ولم يصدر أي رد فعل من جانب النظام وروسيا على المبادرة، أما طهران فاعتبرت ذلك حيلة حربية.

وقال وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، إن "الوضع الراهن في حلب السورية حساس ومعقد للغاية"، معتبراً أن "التنظيمات الإرهابية المسلحة تستخدم المدنيين هناك كدروع بشرية".

وأضاف دهقان خلال لقاء جمعه برئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي بيتر مائورو اليوم، أن "الطلب الذي تقدمت به بعض الأطراف بإقرار وقف إطلاق نار في حلب مجرد حيلة حربية لتقديم الدعم التسليحي للفصائل الإرهابية هناك، في محاولة لقلب المعادلات الميدانية، لا لتحقيق أغراض إنسانية، حسب رأيه.






واتهم الولايات المتحدة أنها لا تحارب الإرهاب بشكل حقيقي، إذ "تدعم التنظيمات الإرهابية من جهة، وتتهم المدنيين الذين يمسكون السلاح ويقفون بوجه هذه التنظيمات بأنهم إرهابيون حقيقيون من جهة ثانية".

كما اعتبر أن الصليب الأحمر الدولي يتحمل مسؤولية ثقيلة، وعرض مدَّ يد العون من بلاده لإيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين في اليمن، موّجهاً اللوم لـ"المملكة العربية السعودية التي تتحمل مسؤولية ما يجري في هذا البلد وهو الأمر الذي تسكت عنه واشنطن"، بحسب قوله.

من ناحيته، قال مائورو إن ملايين المدنيين في حلب والموصل وفي مدن يمنية كثيرة يدفعون ثمن الحرب في هذه المناطق، إذ يستخدمون كدروع بشرية ويعانون من الحصار وتدمير البنى التحتية، كما طلب مساعدة إيران لتساهم إيجاباً في تهدئة الأوضاع في هذه المناطق.

في غضون ذلك، أكد المتحدث العسكري باسم "حركة نور الدين زنكي"، النقيب عبدالسلام عبد الرزاق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الفصائل المسلحة "لن تنسحب من حلب، ولا يوجد أي توجه على هذا الصعيد لدى أي فصيل".

وتواصل المعارضة التصدي لحملات متلاحقة من قوات النظام ومليشيات تساندها، التي تحاول التقدم، تحت غطاء جوي كثيف من الطيران الروسي، على أكثر من محور في شرقي حلب.

وأكدت مصادر ميدانية أنه تجري حالياً "معارك كر وفر"، وأن "لدى المعارضة القدرة على الصمود". 

وفي السياق، أكد مدير المكتب الإعلامي في تجمع "فاستقم كما أمرت"، محمد حاج قاسم، أن المعارضة السورية تصدت لمحاولة من مليشيات طائفية للتقدم على محور سيف الدولة، والإذاعة، وكبدتها خسائر. 

كما أكد ناشطون، أن الاشتباكات لا تزال تجري في حيي المرجة والشيخ لطفي، نافين ما زعمته وسائل إعلام النظام بشأن سيطرة المليشيات على الحيَّين.

وتدور معارك طاحنة على جبهة الشيخ سعيد جنوب شرق حلب، إذ تتصدى قوات المعارضة لمحاولات متتابعة من مليشيات النظام للتقدم.

وحققت قوات النظام والمليشيات التابعة لها، خلال اليومين الماضيين، تقدماً على بعض جبهات القتال، سيطرت من خلاله على بعض الأحياء التي وصفها مصدر في المعارضة بـ"الخواصر الرخوة" التي يصعب الصمود فيها بعد الدمار الشديد الذي نال من معظم أبنيتها، منها حي القاطرجي، وحي الميسّر، المطل على طريق مطار حلب الدولي. 





ونفت مصادر في المعارضة الأنباء عن انسحابها من كامل أحياء حلب القديمة، مشيرة إلى أن بعض الأحياء لا تزال تحت سيطرة فصائل "الجيش السوري الحر".

وأكدت أن "المعارضة لا تزال تسيطر على أحياء أكثر أهمية في حلب، أبرزها الصالحين والفردوس وبستان القصر والأنصاري الشرقي، والزيدية والسكري، سيف الدولة والإذاعة وجب الجلبي وصلاح الدين".

وبدأت قوات النظام والمليشيات، منذ نحو أسبوعين، حملة لاستعادة أحياء تسيطر عليها المعارضة شرقي حلب، فاضطرت الأخيرة إلى الانسحاب من الجزء الشمالي من شرقي حلب تحت ضغط كثافة نارية غير مسبوقة من قوات النظام، كان أغلب ضحاياها من المدنيين.

وبات النظام يسيطر على نحو 65 في المائة من أحياء حلب الشرقية، إثر حملات قصف جوي أدت إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين، وتدمير المرافق الحيوية، أبرزها المراكز الصحية، حيث اتبع الطيران الروسي سياسة الأرض المحروقة. 

وتحاول الفصائل الموجودة في المدينة التصدي لقوات النظام في ظروف صعبة للغاية، بعد أشهر من الحصار الكامل للمدينة، وفي ظل ضغط المدنيين النازحين الذين يفترش كثير منهم العراء بعد سقوط مناطقهم بيد قوات النظام. 

من جانبه، قال المتحدث العسكري باسم "حركة أحرار الشام" أبو يوسف المهاجر، لـ"العربي الجديد"، إن فصائل المعارضة لا تزال صامدة في مواجهة حملة عسكرية كبيرة، مشيراً إلى أن الحرب "كر وفر"، وإن بـ"الإمكان استرجاع المناطق التي خسرتها المعارضة"، مستدلاً على ذلك بما حدث منذ يومين في حيي الميسر وقاضي عسكر.