المذهبية ومنطق الاكراه

المذهبية ومنطق الاكراه

18 سبتمبر 2016
+ الخط -
نعيش بؤساً كبيراً، فنحن كأمة عربية إسلامية تكالبت علينا كل صروف الدهر. غدت الحرب ماكينة يومية، تطحننا وتعتصر كياننا، أضحى سقف مطمحنا تحقيق حاجات هامشية، كالحق في الهجرة، ووصول المساعدات الإنسانية، الحق في الماء والخبز، والحق في تمكين من شاءت المصادفات أن يبقى حيّاً داخل أجواء الدمار من قطرة ماء، في انتظار مواجهة موت متربّص.
تعبر الأوضاع في سورية وليبيا والعراق عن دمار حقيقي، وعن نهاية فاجعة لأمتنا المنهوكة، إنّها خطة محكمة يذكيها الإرهاب الإسلامي، ويؤطرها المجتمع الدولي بأجهزته كافة، أجهزة الدمار الشامل التي ترعى القتل وسحق الشعب العربي، الأجهزة الحقوقية والإنسانية الدولية التي تشرّع باسم الديموقراطية والحداثة وحقوق الانسان موجة الإبادة الجماعية التي تؤطرها الدول الكبرى، وتتحكّم في مساراتها. جميع الأجهزة الدولية تحاصر وجودنا لتعدمه، بحثاً عن التغلّغل في مسارب الكيان العربي، ونصرة إسرائيل التي تحقّق توازنات الغرب الاستعماري وتسهل مأموريته في التحكّم في اقتصادنا وسياستنا وكياننا.
ما تحصده آلة الدمار الحداثية والعصرية من أرواح، تحت يافطة حقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب والطغيان، أضعاف مضاعفة مما تحصده آلة الإرهاب الإسلامي العمياء التي لا ترعى سوى الشر ولا تزرع أو تحصد غيره.
يتحامل الغرب الأوروبي على أمتنا ليجد المكانة لإسرائيل، وليستغل نفطنا وعجزنا، وينفذ من تشرذمنا وتقاتلنا، ليصيب وجودنا في الصميم، وليعدمنا، وإلى الأبد.
الإرهاب الإسلامي، بجميع أشكاله، الذي يمارس القتل والتكفير ليعمّ الدمار وينتشر تحت دعوى الرد على الكفار وسحقهم، والذي يتصوّر أنّه سيعلي راية الإسلام بمحق الكفار وتحقيق دولة الخلافة وإعادة الاعتبار والمشروعية للإسلام وللمسلمين. لا يعملان سوى على تسويغ تدخل آلة الحرب الغربية التي لا تعرف سوى مصالحها وتوازناتها المالية، ضداً على وجودنا وامتصاصاً لدماء وحياة الأمم الفقيرة.
أصبح الموت والدماء حاجة يومية للمواطن العربي، الذي يفيق على القتل، ويشرب من دماء بعضه، وينام قاتلاً أو مقتولاً.
إنّها قمة اليأس والتدمير الذاتي، نرمي بأنفسنا في طاحونة القتل اليومي لتعتصرنا، فهل أضحى الموت اختياراً أم انتحاراً؟ ردة فعل همجية، أم نهاية للمعنى والمغزى والوجود؟
الموت تحت دعوى الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، باسم الحداثة والديموقراطية الغربية التي تستهدف الأمة العربية وتقتات وتغتني وتتعملق على حساب فرقتنا وغبنا وتطاحننا، كما الموت الذي يمارس بين الطوائف والملل والنحل من شيعة وسنة، من داعش وصفوة، بدعوى إعلاء كلمة الحق وإعادة مجد الإسلام وتركيز الخلافة الإسلامية.
يعيش التطرّف الإسلامي وهم إعادة الأمجاد ليكفر كل مختلف، ويساهم في الدمار الماحق الذي ترعاه الآلة العسكرية والسياسية والاقتصادية الغربية بكل وسائلها المختلفة.
تكالب علينا الموت من كل الأطراف، نقتل بعضنا ونهيّج الآخر على دحرنا.
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
منصف بندحمان (المغرب)
منصف بندحمان (المغرب)