القيادي "الإخواني" جمال حشمت: لا نمانع التراجع خطوة للوراء

27 ابريل 2014
+ الخط -

يشدّد القيادي في "تحالف دعم الشرعية"، جمال حشمت، على أن التحالف لن يدعم مرشحاً رئاسياً في الانتخابات المصرية المقررة في نهاية مايو/ أيار المقبل، كاشفاً أن "التحالف" بصدد الإعلان قريباً عن مشروع سياسي متكامل لمصر ما بعد الانقلاب. وقال حشمت، وهو عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، المقيم في تركيا حالياً، في حوار مع "العربي الجديد"، إنه لا مانع لدى "التحالف" من التراجع "خطوة إلى الوراء"، إذا تطلّبت المصلحة الوطنية ذلك. ويشرح حشمت ما حصل في مصر بعد 3 يوليو/ تموز الماضي، وعزل الرئيس محمد مرسي، ورفض الجيش لمساعي الرئيس المعزول للفصل بين العلاقات المدنية والعسكرية، ومراقبة ميزانية الجيش.

* ما تقييمك لوصول خريطة الطريق إلى آخر محطاتها، المتمثّلة في الانتخابات الرئاسية؟

- لن يطول عمر الانقلاب بعد الانتخابات الرئاسية الباطلة، فهي لا أساس لها، من الناحية القانونية والدستورية. وينص الدستور على أنه لا يحق للعسكري الترشح، ولا يحق للعسكر التصويت في الانتخابات، ومع ذلك نجد أن المجلس العسكري يفوّض المشير عبد الفتاح السيسي الترشح، وهو ما يعني أنه حزب سياسي مسلح، والدستور يحظر وجود مثل هذه الأحزاب، وبالتالي فترشح السيسي ما هو إلا استهانة بروح بالدستور.

* ما هو مبرّركم لتتوقعوا قرب سقوط الانقلاب على الرغم من نجاحه في استكمال الخريطة التي رسمها منذ عزل مرسي؟

- لولا الدعم الدولي للانقلاب، لما استمر حتى اليوم، فالولايات المتحدة وأوروبا تقدمان له كل سبل الدعم على المستوى السياسي، بينما تدعمه دول الخليج بالمال، وهذا الدعم لن يستمر طويلاً. كما أن بعض الدول باتت ترى أن السيسي ليس هو النموذج المطلوب لتصدّر المشهد بعد الانقلاب العسكري، بينما يسعى هو لإظهار نفسه كمنقذ أمام الشارع المصري، ولكن الأزمات والمشاكل كشفت حقيقته وأنه هو الذي يورط مصر، ويزيد من رقعة الغضب الشعبي ضده، وأن الزخم الثوري هو الباقي.

* يتردد أن "الإخوان المسلمين" ستدعم حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية.

- هذا ليس صحيحاً، فكيف نشارك في انتخابات باطلة ولدينا رئيس منتخب مخطوف من قبل الانقلاب، كما أن صباحي أحد المشاركين في جريمة الانقلاب ولن نضع أيدينا في يده.

* كيف سيتعامل التحالف مع قرار بريطانيا فتح تحقيق في شأن الإخوان المسلمين؟

- مثل هذه القرارات تكشف عن هوية داعمي الانقلاب، وهم يستجيبون للسيناريو الفاشل الذي وُضع لتشويه صورة الإخوان، ولن ينجحوا في ذلك. لطالما استعانت بريطانيا بالإخوان المسلمين للحوار مع بعض قيادات الجماعات التي تتبنى العنف لشرح نهج الإسلام الوسطي، وإقناعهم بالتخلي عن السلاح.

* متى ترون أن لحظة الجلوس إلى طاولة المفاوضات ستحل؟

- عندما ينجح الشعب في فرض إرادته ويكون هناك عقل من الطرف الآخر، فليس المطلوب من الضحية أن تبادر بطرح حل، ونحن لن نتفاوض مع القَتَلة، ولن نتفاوض على دماء المصريين. وعندما يصبح الخصم بلا رؤية سياسية، ولا برنامج سياسي ولا يعرف إلا معنى القوة، فالذي سيحسم الأمر هو الشارع، وإذا وصلنا إلى لحظة حرجة، فلن يجد أمامه طريقاً لاستكمال مخططه. التفاوض الحقيقي سيبدأ عندما تشكل "كتلة" حرجة، ويوجد في الطرف الآخر مَن يتمتع بالمنطق والعقل.

* تتحدث عن "الكتلة الحرجة" على الرغم من أن المؤشرات تقول إن تحركات النظام الحاكم تصبّ في صالحه.

- هناك فئات من الشعب تخرج رافعة صور السيسي على اعتبار أن هذا هو الورقة الأخيرة للحل، وجهاز استخبارات السيسي، الذي يدير الإعلام الآن، يقوم بتصدير وتضخيم تلك الصور في محاولة لبعث رسالة تفيد بأن الشعب مع السيسي، وهذا خداع للناس وسيفشل في إدارة البلاد.

* تحدث عدد من وسائل الإعلام المصرية عن ترحيل قيادات تحالف دعم الشرعية من الدوحة، فهل هناك مقر جديد للتحالف؟

- قيادات التحالف موجودة في عدد من الدول، ولم تطلب منّا أي دولة مغادرتها.

* في حال فشل السيسي، فهل لديكم رؤية لما بعد رحيله، وخصوصاً أن الإخوان فشلوا على مدار عام في إدارة البلاد؟

- ما يُقال عن أن الإخوان فشلوا، هو كذب، فهم نجحوا، رغم الحصار وغياب كامل لمؤسسات الدولة، ومع التظاهرات ومحاولات الاسقاط الفعلي لحكمهم، وشهادة البنك المركزي كفيلة برصد ما تم من إنجازات. لا ننكر أن هناك أخطاء وقعت بالفعل، فنحن بشر ولم نقل إننا ملائكة.

* أنت تتحدّث عن نجاح نسبي لهشام قنديل على المستوى الاقتصادي، لكنه فشل في إحداث توافق وطني

- نحن كنا أمام مؤامرة كانت تحتاج إلى حسم، ولكن الرئيس مرسي أبى الحسم حتى لا يفرّق الشعب المصري، ولعلّنا نتذكر تصريحات أحد قيادات جبهة الإنقاذ الذي قال إن كل من حمدين صباحي ومحمد البرادعي لن يدخلا في حوار مع حكومة قنديل، ما لم تسمح له أميركا بذلك.

لقد سعى الجميع إلى إفشال حكومة قنديل، والأمر الآخر أن حزب الحرية والعدالة كان يجب عليه قيادة الحوار مع القوى السياسية، وليس الرئاسة، التي لطالما فتحت بابها ولم يتجاوب معها أحد، فنحن (الإخوان) لطالما تحاورنا مع الجميع، في عهد مبارك، وكان بيننا تنسيق في الانتخابات، وكثير من هؤلاء لم يعرفوا جماهيراً إلا عبر منصات الإخوان، ولكن المشكل الكبير هو أن هؤلاء يتحركون بمحرك خارجي، وهم طامحون إلى مناصب أعلى منهم.

* إذا كنتم على قناعة بأن السيسي سيفشل سريعاً، لماذا إذاً ليس لديكم إجابة على سؤال "ماذا بعد فشله"، وما هو تصوّركم؟

- هناك العديد من التصورات ونعكف على صياغة رؤية متكاملة لما بعد الانقلاب، وندرس الإعلان عنها قريباً.

* ما هي ملامح تلك الرؤية؟

- ندرس الآن الإعلان عن تفاصيلها في الوقت المناسب، كما ندرس توسيع التحالف ليضم المزيد من القوى السياسية.

* كيف ترى مستقبل الأزمة الراهنة؟

- هناك ثلاثة سيناريوهات ليس لها بديل، تتمثل في الشرعية الثورية، أو الشرعية الدستورية، أو مرحلة انتقالية. وفي الحالات الثلاث، الإنقلابيون هم الخاسرون، فالشرعية الثورية هي الأكثر دموية نظراً لغباء الطرف الآخر. أما الخيار الثاني، فيحتاج إلى تحكيم العقل والحكمة من الطرف الثاني، وإعلاء إرادة الشعب. أما الخيار الثالث، فيحتاج لإرادة من الطرفين.

للأسف، الدولة تُدار وفق تصوّر أمني، وأصبح لدينا مخبرين في مهام عليا. فلدينا مخبرين بدرجة رئيس حكومة ورئيس برلمان وغير ذلك، فمَن يريد تغيير هذه المنظومة بإرداة حرة، فسيقابل بكل هذا العنف.

الثوار يريدون عودة الشرعية ووقف الاعتقالات والقصاص للشهداء وإبعاد الجيش عن السياسية. أما الحديث عن عودة مرسي، فهي عودة مؤقتة يحدّد خلالها هل سيستقيل أم يدعو لاستفتاء أم يفوّض الحكومة بصلاحياته والدعوة لانتخابات مبكرة. كل ذلك في إطار عودة المسار الديموقراطي.

* هل ستتضمن تلك الرؤية الاعتراف بأخطاء الماضي، أو التخلي عن بعض مطالبكم؟

- إذا راينا أنه من المصلحة الوطنية الرجوع خطوة إلى الوراء، نرجع، فلا مانع. لكن لا مجال للتنازل عن القصاص للشهداء وعودة المسار الديموقراطي.

* لكن ألا يدفع الحديث عن شرعية ثورية نحو المسار السوري، ووقوع المزيد من أعمال العنف؟

- الثورية لا تعني العنف، فكلفتها عالية على الطرف الثائر، ما يزيدهم إصراراً على استكمال طريقهم، ويزيد الطرف المعتدي إصراراً على المزيد من القتل. واليد العليا الآن، في الحراك الثوري، هي للشعب.

* لكن ألا يحوّل امتداد الصراع، زمنياً، نحو النموذج السوري؟

- النظام يريد ذلك، لكن في مصر ليس هناك أقليات مثلما هو الحال في سوريا، وما نعانيه هو خلاف سياسي، وهذا لن يشجع على حرب أهلية.

* هناك أجنحة عدة داخل المؤسسة العسكرية، فهل تواصَل بعضها معكم؟

- كلا، لم يتواصلوا، لأنه لا يوجد طرف قوي لديه قدرة على اتخاذ قرار وحلّ الازمة.

* لكن البعض يدعوكم إلى المشاركة في الانتخابات، فما رأيكم في ذلك؟

- مناخ الانتخابات الحرة انتهى واختفى، فلا يوجد معارضين وجميعهم في السجون، كما لا يوجد إعلام معارض، ومن غير المسموح لضيف معارض أن يظهر في أي برنامج، بالتالي عن أي انتخابات يتحدثون بينما الجيش يدير الأمر بعقلية المعركة؟

* هل ترون أن إطاحة مرسي كانت بسبب محاولاته فصل العلاقات المدنية عن العسكرية في الدولة؟

- نعم، وبدأ ذلك بالنص في الدستور على قيام الجهاز المركزي للمحاسبات بالاشراف على المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش، كما سعى لمراقبة البرلمان أموال الجيش، ولكن كل خطوة كان يقابلها الجيش برفض، ويُلبس هذا الرفض رداءاً مدنياً، فهو لا يريد لأحد أن يحاسبه أو يراقبه، والجيش سرق الثورة منذ إطاحة مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، وأخطأنا عندما اعتقدنا أن الثورة انتهت.

* لكن الإخوان دعموا، وبشدّة، المجلس العسكري في بداية الثورة

- هذا ليس صحيحاً، فالمجلس العسكري تعامل مع الإخوان ككل القوى السياسية، ولكن مع استفتاء مارس/ آذار، ظهرت كتلتان صلبتان، وهما الإخوان والعسكر. ولما أُتيحت الفرصة لانتخابات نزيهة، اختار الشارع المصري الإخوان، ووجد الجيش نفسه أمام كتلة مثالية نظيفة، غير متورطة في السرقة وتقسيم الأدوار، وحاولوا إدارة الرئيس مرسي، فوقف لهم بالمرصاد، وعندما حاولوا إدارته عن طريق الولايات المتحدة، فشلوا، فقرروا تصدّر المشهد بقتل المصريين.

* كيف تُدار جماعة الإخوان المسلمين بعد اعتقال معظم قياداتها؟

- مَن لا يزالون في الداخل يلتقون بشكل منتظم، وهناك حالة من التنسيق بين القيادات في الداخل والخارج رغم الشتات، ولا يعني غياب أو سقوط الصف الأول والثاني والثالث أن الجماعة قد سقطت.

* بعد كل ما حصل، هل تأكدتَ أن وجهة نظرك صحيحة عندما عارضتَ مشاركة الإخوان في الانتخابات الرئاسية؟

- لقد قام المجلس العسكري بتشكيل 3 حكومات من دون أن تتضمن إسلامي واحد، فكان هناك إقصاء واضح، ثم هددونا بحل البرلمان، وهنا كان لا بد أن تتغيّر المعادلة. وما حدث كان سيحدث بأي شكل ما لم نصل الى الرئاسة، وهناك محاولات كثيرة لتوريط الإخوان، بدأت مع أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء لإحداث مقتَلَة عظيمة، لكننا أفشلنا ذلك بعدم نزولنا إلى الشوارع. وفي الانتخابات الرئاسية، لو نجح أحمد شفيق، لكان ما نتعرض له اليوم، حدث مبكراً. وهذا دليل على أننا لم نخطئ بالمشاركة في انتخابات الرئاسة، وحاولنا إنقاذ الوطن من عودة نظام مبارك.

* لكنك رغم كل هذه الظروف، كنت معارضاً لقرار المشاركة في الانتخابات؟

- كان اعتراضي هو أن الأجهزة الأمنية لا يزال ولاؤها لمبارك ورجاله، ودورها مطاردة الإخوان ومهاجمتهم، فكيف يصبح فجأة أحد أفراد الجماعة رئيساً لهم.

المساهمون