العرب وزمام المبادرة...

العرب وزمام المبادرة...

08 ابريل 2015
+ الخط -
العالم لا يحب الضعيف، بل يحترم القوي، لأن سياسة الاحترام والتفاهم مع الإيرانيين، التي مارسها العرب طوال الفترة السابقة، وخصوصاً منذ ولادة الثورة الإسلامية الإيرانية، التي عملت على تصدير الثورة إلى العالم العربي، كانت تستخدم وتمارس القوة ضد العرب، مستغلة التعاطف الكبير الذي تركته الثورة في نفوس الشعب العربي المهلل لها، قد أظهرت العرب بصورة الضعفاء. فالسياسة الإيرانية وضعت استراتيجيتها قضم عنقود العنب حبة، حبة، من خلال السيطرة على الأقليات الشيعية، ورفعها شعار تحرير فلسطين.
استمرت في الطرفين، من خلال بناء أحزاب شيعية موالية لها في الدول العربية، وشق التضامن العربي في القضية الفلسطينية التي جاءت لتستمر فيها، وليس لرفع لوائها، لأن أهلها هم الأولى بها.
منذ بداية الثورة الإسلامية، كانت إيران تحارب من أجل السيطرة على السياسة الشيعية، والتي جمعتها تحت ولاية الفقيه الحاكم والناهي على الأرض، إلى حين ظهور المهدي المنتظر، بحسب الاعتقاد الشيعي. وبالتالي، استطاعت كسب شرعية سياسية، ربطت فيها الأقليات الشيعية، من خلال فتوى دينية، يصدرها المرشد الروحي ونائب المهدي المنتظر. ومن ناحيةٍ، كانت تسارع للسيطرة على نقل المرجعية الروحية والدينية للشيعة من النجف إلى قم، لأن المرجعية الدينية تمنحها فوائد وعوائد ليست مالية فقط، بل ودينية، بحيث تختصر المرجعية العربية، بمرجعيتها الخاصة.
جاء الإيرانيون إلى العالم العربي حاملين معهم انتقاماً فارسياً قديماً، يعود إلى ما قبل الإسلام، حيث سجل للعرب عليهم أول انتصار في التاريخ في معركة ذي قار، والذي انهزم فيها كسرى، وكذلك وصلوا إلى عالمنا الحالي، حاملين معهم رواسب انتقامية مذهبية، عمرها أكثر من 1400 سنة، ليعملوا على تشريع القتل والانتقام وتفكيك المكونات العربية.
سيطروا على عقول المكونات الشيعية الفقيرة، بحل عقدة المظلومية والمساعدات المالية، وأباحوا القتل والبطش وممارسة القوة والسيطرة وتفكيك مفاهيم الدولة والقوانين، من أجل نشر الفكر المهداوي الذي أسست له الملالي الإيرانية.
المشكلة الإيرانية أنها دولة قومية فارسية، ليس لها امتداد جغرافي في العالم. لذلك، كان اعتمادها على المكونات الشيعية والقضية الفلسطينية لممارسة لعبة الشطرنج الهواية المفضلة للفرس.
لكن العرب والدبلوماسية العربية وجهت الصفعة القوية للمشروع الإيراني، ولملالي طهران من خلال عاصفة الحزم، والرد على العبثية الإيرانية في اليمن، وباقي الدول العربية الأخرى التي تشعلها نيران مليشيتها وعصابتها.
لم تكن المشكلة بالقدرات النارية العسكرية التي واجهتها من دول التحالف العربية، في عمليتها العسكرية. ولكن، بالسياسة الجديدة التي انتقلت بها هذه الدول من موقع المدافع عن النفس، إلى موقع المهاجم، والتي أمسكت بيدها زمام المبادرة السياسية الجديدة، التي فرضتها على إيران والعالم العربي.
تم عزل اليمن عن إيران، وعدم السماح لطهران باستخدامه والعبث به، وليس الهدف من العملية تقسيم اليمن، كما يشيع إعلام إيران. صحيح أن المعارك على تخوم عدن، وكان يجب أن تكون على تخوم صنعاء لرد الحوثيين، ودفعهم للذهاب نحو طاولة المفاوضات، التي لا يوجد فيها مكان لعلي عبد الله صالح ورفاقه. لكن الأخطاء في التكتيك والاستراتيجية عند الرئيس هادي هي ما غيّر ذلك، وتحاول إيران أن تساوم عليها، بدفع العملية العسكرية للذهاب نحو تقسيم اليمن بين شمال وجنوب.
دفعت هذه العملية العسكرية، التي قادها العرب بمفردهم من دون طلب المساعدة من أحد، إلى تشكيل تحالف عربي جديد، وتحالف سني جديد، فالعرب قالوا كلمتهم في بداية المعركة، الجميع في الصف الأول، ولا يوجد صف ثان. ومن هنا، استطعنا مشاهدة السودان في هذا التحالف ومصر التي وضعت في الأمام، ولم يترك مجالا للنقاش معها، وكذلك العمل على دفع القوى الكبرى السنية (التركية، الباكستانية) إلى التأييد، وعرض المشاركة على التحالف.
avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)