العدالة والإرهاب

العدالة والإرهاب

12 يوليو 2017
إجماع أردني على محاربة الإرهاب والتطرف (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -

يبرر خوف الأردن والأردنيين من خطر الإرهاب، خصوصاً بعدما ضرب المملكة على نحو غير مسبوق خلال العام الماضي، ويفهم التوجس من تنامي اتجاهات التطرف بين المواطنين، والتي لا تهدد الحريات الفردية فقط، بل تمثل تهديداً مباشراً لكيان الدولة.

محاربة الإرهاب، ومحاصرة التطرف، ضرورة وطنية ملحة لا تحتمل التباطؤ أو التأجيل أو التلكؤ، ولا تقع تلك المهمة على عاتق السلطات الأمنية فقط، بل تشمل جميع الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وعلى عاتق كل مواطن يؤمن بإنسانيته. لكن ذلك لا يعني أن يصبح الخوف من الإرهاب وصعود التطرف، سبباً لإقدام الجهات الأمنية على انتهاكها القوانين الأردنية ومخالفة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما لا يجب أن يؤدي الذعر إلى تبلد في المشاعر الإنسانية.

بعد أحداث الكرك الإرهابية، في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016، شنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقال غير مسبوقة على المشتبه بتأييدهم أو تعاطفهم مع التنظيمات الإرهابية، لا سيما تنظيم "داعش" المسؤول عن هجوم الكرك، وهي الحملة التي قوبلت بالترحيب، أو الصمت على الانتهاكات التي رافقتها. واقتيد هؤلاء إلى دائرة الاستخبارات العامة، إذ اعتقلوا لفترات طويلة وفي ظروف غامضة، وبعضهم ما يزال معتقلاً فيها، بعيداً عن رقابة المنظمات الحقوقية والإنسانية، ووجهت لهم، بعد تحقيق قاسٍ، تهم الإرهاب، الواقع النظر فيها ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة العسكرية، وهي محكمة غير معترف بأحكامها دولياً لانعدام ضمانات المحاكمة العادلة.
وفي وقت يوجد إجماع أردني غير مسبوق على محاربة الإرهاب والتطرف، وفي وقت يسعى الأردن للدولة المدنية، والتي يراها الملك في سيادة القانون وتطبيقه بمساواة وعدالة ونزاهة، فإن الإجراءات التي اتخذت بحق المتهمين تحاط بكثير من الريبة والشك، لانعدام الشفافية في الإعلان عنها، وانتهاكها لقوانين واتفاقيات دولية تلزم توفير ظروف اعتقال إنسانية وضمانات محاكمة عادلة. لا يضير أن يعلن عن أعداد المعتقلين، بدلاً من إبقائه سراً يفتح الباب أمام التكهنات، ولا ينتقص من جهود محاربة الإرهاب الالتزام بمعايير حقوق الإنسان خلال الاعتقال وفترة التوقيف، وليست المحاكم المدنية عاجزة عن تحقيق العدالة، ودون ذلك ليست عدالة.

المساهمون