العبقرية والندرة

18 فبراير 2015
+ الخط -

لقّب الطيب صالح مبكّراً بـ"عبقري الرواية العربية"، وهو لقب استحقه لجودة أعماله الأولى، وما بشّرت به من صعود روائيّ، هضم المنجز الأدبي الغربي وصبّه في قوالب المحلية السودانية.

في ما عدا ذلك، يبدو اللقب مجاملةً فرضتها مقتضيات كواليس الأدب العربي في القرن الفائت. فكمية منجز صالح، والطريق الذي فتحه ولم يقطعه، لا تسعفه ليظل متربعاً على عرش "عبقرية الرواية العربية".

عاش أديبُنا طويلاً، بينما ظلّت أعماله قليلةً، وهو في ذلك، كالمغربي عبد السلام بقالي أو التونسي محمود المسعدي، حتى أن قائمة مناصب هؤلاء تتجاوز طولاً قائمة مؤلفاتهم، وجميعهم جنى عليهم عاملان.

الأول هو تراكم المسؤوليات، فصالح تقلّد مناصب إعلاميةً عديدةً. لكن الكثير من الأدباء تقلّدوا المناصب ولم يسقطوا في "الندرة". وهذا ما يقودنا إلى العامل الثاني، وهو الجوّ الثقافي لبلده الأم: السودان.

معضلة عانتها دول عربية بأشكال متفاوتة كتونس والجزائر والأردن، حيث إن محرّكات المنتوج الثقافي تعمل ببطء وتظل الدولة مهيمنةً على مساراتها، وحين يبرز كاتب يُستقطب للعمل الإداريّ.

لا نقول، إن السودان جنى على الطيب صالح. نريد أن نولّي أنظارنا تجاه عِبرة تفويت السودان لعبقرية أدبية؛ خصوصاً وأنه، بلقبه الشهير، تحوّل إلى شجرة تخفي كل غابة الأدب السوداني. 

المساهمون