السيسي وسيناريوهات مواجهة "ولاية سيناء"

السيسي وسيناريوهات مواجهة "ولاية سيناء"

01 فبراير 2015
خشية من انعكاس الأمن على الاستحقاقات الاقتصادية والانتخابيّة(فرانس برس)
+ الخط -

يشكّك خبراء وسياسيون مصريون في قدرة النظام الحالي على السير قدماً في إدارة وتنفيذ استحقاقات سياسيّة، داخليّة وخارجيّة، في ظلّ الفشل على المستوى الأمني، على خلفيّة الهجمات الأخيرة، والتي قد تنعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة. يشكّك خبراء وسياسيون مصريون في قدرة النظام الحالي على السير قدماً في إدارة وتنفيذ استحقاقات داخليّة وخارجيّة، بعد الهجمات الأخيرة التي طالت مقرات أمنيّة وعسكريّة في محافظة شمال سيناء. ولم يتأخر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، في إصدار قرار جمهوري بتشكيل "قيادة موحّدة لمنطقة شرق قناة السويس (سيناء)، ومكافحة الإرهاب، بقيادة اللواء رشدي عسكر بعد ترقيته إلى رتبة الفريق".
وتعهّد السيسي، في كلمة متلفزة بعد ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بأن "يواصل الجيش تحرّكه ضد الجماعات الإرهابيّة"، "ولن نترك سيناء لأحد"، معتبراً أنّ المعركة ضد الإرهاب "صعبة وطويلة وستنتصر فيها مصر".
ويواجه النظام المصري أزمات داخليّة عدة خلال الفترة المقبلة، على خلفيّة الهجمات المسلّحة لتنظيم "ولاية سيناء"، على مقرات عسكريّة وأمنيّة في محافظة شمال سيناء. ولعلّ الاستحقاقين الأبرز، واللذين يصعب التكهّن بمدى نجاحهما، هما المؤتمر الاقتصادي وانتخابات مجلس النواب، المقرر عقدهما في مارس/ آذار المقبل.

وتظهر الهجمات التي تبنّاها تنظيم "ولاية سيناء"، دخول المواجهات بين النظام والجماعات المسلّحة مرحلة صعبة، في ظل تمدّد وتنامي دور وقدرات وتأثير التنظيم في المشهد السيناوي. ويواجه النظام ثلاثة سيناريوهات في التعامل مع الأزمات الحالية، يتمثّل الأول باستمرار النظام والجيش في اتباع السياسة ذاتها لمواجهة الجماعات المسلحة، وهو طرح ثبت فشله. وتعزّز مواقف السيسي أمس نيّة النظام الحالي اتباع النهج ذاته، من خلال اعلان مواصلة العمليات في سيناء، و"استمرار ملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة".

ولم تشِر أي من القيادات السياسيّة أو العسكريّة، وعلى رأسها وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، إلى تغيير محتمل في استراتيجيّة مواجهة الجماعات المسلّحة، ما يصعّب القضاء على الجماعات المسلحة. ويسهم تراجع شعبيّة الجيش في سيناء، على خلفية أعمال هدم المنازل والقتل والاعتقالات العشوائية، والانتهاكات المستمرة بحقّ المارة على الحواجز الأمنية، في منح المسلحين ميزة نسبيّة للجماعات المسلّحة التي باتت بنظر البعض بمثابة المخلّص أو المنقذ. ويفاقم الوضع سوءاً تمديد حالة الطوارئ وحظر التجوال في المدن الثلاث، العريش والشيخ زويد ورفح، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، في موازاة تهجير أهالي رفح لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة.

ويُنذر هذا السيناريو ذو التأثيرات السلبية، بفشل المؤتمر الاقتصادي، لناحية عدم أمان المستثمرين في ضخّ أموال في الأسواق المصريّة، خوفاً من استهداف مصالحهم، فضلاً عن صعوبة الأوضاع الاقتصاديّة بشكل عام. كما أنّه قد يصعّب إتمام العملية الانتخابية على ضوء استكمال خارطة الطريق، نظراً للخطورة التي قد تحيط بعقد مؤتمرات وجولات انتخابيّة في الدوائر، في ظلّ التخوّف من هجوم مسلح هنا أو هناك، أو الاستهداف بواسطة عبوات ناسفة. ولا يمكن في هذا السياق إغفال إشارة تنظيم "ولاية سيناء"، إلى استهداف المصالح الاقتصادية للنظام الحالي، رداً على عمليات القتل في رابعة والنهضة وسائر مناطق الجمهورية، في إشارة لقمع التظاهرات ومواجهتها بالرصاص الحي عدا عن الحملات على سيناء.

ويزيد ظهور حركات ومجموعات تنتهج العنف، من خطورة الوضع الأمني، على الرغم من أنّها أقل عنفاً وتنظيماً وتأثيراً من تنظيم "ولاية سيناء"، لكن لا يمكن إغفال دورها في إرباك قوات الأمن المصريّة، مع لجوئها إلى تنفيذ اعتداءات، كتفجير أبراج كهرباء واستهداف دوريات أمنيّة في محافظات عدّة، والتصدي لقوات الأمن خلال قمع المسيرات الرافضة للانقلاب.
ويبدو السيناريو الثاني مستبعداً حتى الآن من حسابات النظام الحالي، ويتمثّل بتخفيف القبضة الأمنيّة المفروضة على أهالي سيناء، وإلغاء حظر التجول، الذي ثبت فشله في تقييد حركة الجماعات المسلّحة. ومن شأن هذا السيناريو أن يتيح إعادة الثقة بين أهالي سيناء والجيش المصري مرة أخرى، ويسمح بمحاصرة الجماعات المسلحة التي باتت تجد لها حاضنة شعبيّة، على خلفية تضييق الحكومة المصرية على الأهالي.

وفي سياق متصل، يقول خبير في الحركات الإسلامية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجماعات المسلحة باتت تتميّز بنقلة نوعيّة في التخطيط وتنفيذ العمليات، معتمدة على عوامل أساسيّة عدّة، منها انخفاض شعبيّة الجيش في ظل الانتهاكات المستمرة بحق الأهالي، فضلاً عن التضييق عليهم في أرزاقهم بفعل حظر التجوال وحالة الطوارئ". ويتوقّع في حال استمرار الجيش المصري في اتباع الاستراتيجيّة ذاتها، بأن يفشل فشلاً ذريعاً، في مقابل تقدّم تنظيم "ولاية سيناء" وتطوير قدراته، وخصوصاً مع دعمه من تنظيم "الدولة الإسلامية".

ويتمثّل السيناريو الثالث بإحداث حالة انفراج كبيرة على المستوى السياسي، وخلق حالة من الاصطفاف الوطني الحقيقي لمواجهة تمدّد الجماعات المسلحة، فضلاً عن محاصرة أفكار التطرف التي بدأت تنتشر في أوساط الشباب، تأسيساً على التعامل العنيف وقمع التظاهرات، وحالات القتل والتعذيب والاعتقالات العشوائية.

ويمكن القول إنّ الأزمة السياسيّة تكمن حالياً في عدم تحديد النظام الحالي والجيش المصري لعدوه الحقيقي، إذ مع كل عملية تنفّذها المجموعات المسلحة في سيناء وغيرها من الأماكن الأخرى في مصر، تتجّه أصابع الاتهام إلى جماعة "الإخوان المسلمين" والتيار الإسلامي، في موازاة إطلالة مصادر عسكرية "مجهولة" عبر وسائل إعلام داعمة للنظام، تبثّ أخباراً عن تورّط جهات خارجيّة، مثل "حركة حماس"، بالتعاون مع جماعة "الإخوان". وكان المتحدّث العسكري الرسمي قد اتهم، في بيان صادر عنه، "عناصر إرهابية بالاعتداء على بعض المقار والمنشآت التابعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في مدينة العريش"، معتبراً أنّها جاءت بعد "الضربات الناجحة التي وجهتها القوات المسلحة والشرطة المصرية ضد العناصر والبؤر الإرهابية خلال الفترة الأخيرة في شمال سيناء، وفشل جماعة الإخوان والعناصر الداعمة لها لنشر الفوضى في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير".

المساهمون