السودان: نعي "الحوار" يفتح الباب للانتخابات ... والأزمات

26 يونيو 2014
دعوة الحوار تتصدع وتنتج مزيداً من الاختناق السياسي والاقتصادي(Getty)
+ الخط -

صعّد الحزب الحاكم في السودان، "المؤتمر الوطني"، من لهجته تجاه المعارضة، أكانت تلك الموافقة على دعوة الحوار التي دعا إليها الرئيس عمر البشير، أو الرافضة لها. فقد حذر نائب رئيس "المؤتمر الوطني"، مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم غندور، يوم الثلاثاء، بعبارات شديدة اللهجة، المعارضة من "نفاد صبر" حزبه، مطالباً إياها بالاستعداد لانتخابات العام المقبل.

وحصل "العربي الجديد" على معلومات تؤكد على أن حكومة الخرطوم، تخشى من عدم الاستجابة إلى الاجتماع الذي دعت إليه مجموعة "7+7"، المكونة من الأحزاب الموالية للحكومة، والمعارضة لها، ولا سيما بعد الشكوك التي أثارها اعتقال زعيم حزب "الأمة" المعارض، الصادق المهدي، وزعيم حزب "المؤتمر السوداني"، إبراهيم الشيخ، بسبب انتقادات وجهاها إلى قوات الدعم السريع "الجنجويد".

وكان الحديث الذي أدلى به غندور، أمام قواعد حزبه، قد فتح الباب أمام السؤال حول مدى جدية النظام في السير قدماً بعملية الحوار، ولاسيما بعد طرح جملة من التعديلات الدستورية، يوم الأربعاء، التي تهدف لتكييف الدستور مع التعديلات التي تمت في قانون الانتخابات.

ويعد غندور من الشخصيات المؤيدة للحوار، وينظر إلى تراجع مواقفه بهذا الشأن، ومحاولاته الدفع بقوة في اتجاه الانتخابات، تفسيراً لإحباطه بعد العثرات التي لحقت بالعملية، خاصة بعد اعتقال المهدي، الداعي للحوار، وسعي معارضيه للإمساك بزمام الأمور من جديد لمصلحتهم.

وحاول غندور، في تصريحاته، تذكير الأحزاب بأنه دعا للحوار وهو في موقف قوة، وأن رفضهم له دفع باتجاه الانتخابات، وهي رسالة للمجتمع الدولي يحمّل فيها النظام، الأحزاب، مسؤولية فشل الحوار.

وحول هذا الموضوع، يقول غندور، موجهاً حديثة لقوى المعارضة، إن "الهدف من الحوار كان توحيد الصفوف، وإغلاق الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها أعداء البلاد، وأن نأخذ برأي المعارضة لحل الأزمات، لكن كثيراً ما افتقدنا الرأي الصائب والسديد والرأي الآخر، فهم يتحدثون فقط عن اقتلاع النظام". ويشدد على أنه "مهما طالت الفترات التي يطلبونها"، في إشارة للمعارضة، "لا بد من الوصول إلى الانتخابات، وعلى من يخشونها بسبب إدراكهم لأوزانهم الحقيقة، التوجه للشارع، وتقديم أطروحات وبرامج لإدارة البلاد، وتوحيدها وتقديم الخدمات والأمن بدلاً من انتقاد النظام".

ويُعتبَر حديث غندور، بمثابة إعلان رسمي عن موت الحوار من خلال التهديد بورقة الانتخابات، وهذا واضح من خلال المؤتمرات التي عقدها الحزب الحاكم لقواعده، والتي أُنفق فيها أربعة مليارات جنيه سوداني.

مراهنة "الشعبي"

من جهته، أعلن حزب "المؤتمر الشعبي"، بزعامة حسن الترابي، أخيراً، موقفاً متشدداً غير مسبوق تجاه قضية الحوار، وأطلق تصريحات منتقدة للتعديلات الدستورية التي دفعت بها الحكومة إلى البرلمان، والخاصة بقانون الانتخابات والدستور الانتقالي، معتبراً أنها مضرة بالحوار، وتثير الشكوك بشأن جدية نظام الخرطوم.

وفي تصريح سابق لـ "العربي الجديد"، قال الترابي إنه رغم موافقته على الحوار، فإنه لا يثق في النظام، ولا يعول عليه، ليفتح بذلك الباب واسعاً أمام التساؤل عن أسباب تمسك "الشعبي" بالحوار، وإجهاض محاولات سابقة للأحزاب المعارضة، التي وافقت عليه، وتعليق مشاركتها إبان اعتقال المهدي.

تؤكد مصادر داخل حزب الترابي، لـ"العربي الجديد"على أن "الشعبي" راهن في قضية الحوار على الوصول إلى مراكز القوة في النظام، والتعرف عليه عن قرب، باعتباره، طوال الفترة السابقة، كان بعيداً عنه، الأمر الذي يجعله على دراية تامة بطريقة تفكير النظام حيال التطورات، إلى جانب إحداث خلخلة داخله، واستعادة عدد من أعضائه، خاصة وأن الحزب فقد، خلال 15 عاماً، العديد من كوادره.

مع مرور الأيام، تخسر الدعوة إلى الحوار، بعد ستة شهور من إعلانها رسمياً، الكثير من وهجها ومن أهميتها، لمصلحة المزيد من الاختناق السياسي، والأزمات الاقتصادية، التي ربما يلجأ النظام، خلال الفترة المقبلة، لمواجهتها بمزيد من "الإصلاحات الاقتصادية" الليبرالية.